سلط المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي 2023-2024 الضوء على التحديات التي تواجه تنزيل الأوراش الكبرى لمواجهة مخاطر الإجهاد المائي والتصدي لمشكلة ندرة المياه، والتي واجهتها الدولة المغربية بسياسة استباقية عن طريق بناء السدود الكبيرة والتلية، وتنفيذ مشروع ربط الأحواض المائية (الطريق السيار للماء) لتزويد الجهات بالماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى تدشين وتشييد محطات تحلية مياه البحر ومحطات لمعالجة المياه العادمة. وشدد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره المفصل حول الوضعية المائية بالمغرب، على ضرورة تدارك التأخر في بناء السدود لتعزيز القدرة التخزينية للموارد السطحية، حيث يرجع هذا التباطؤ في تنزيل هذا الورش الوطني إلى فسخ صفقات الأشغال المتعلقة بهذه السدود، بالإضافة إلى ضرورة تسريع وتيرة التحول إلى نظام الري الموضعي وتعميمه للاستعمال الناجع والمستدام للموارد المائية، وتسريع تنزيل مشاريع تحلية مياه البحر التي تعد نقطة تحول ضرورية في السياسة المائية مع تحدي التزود بالطاقة النظيفة.
وركز مجلس العدوي على ضرورة إعادة استعمال المياه العادمة مع احترام الخصوصيات المحلية التي تستهدف سقي المساحات الخضراء والصناعة، مع التعجيل باستكمال مشاريع الربط بين الأحواض المائية للتخفيف من تباين التوزيع المجالي للموارد المائية.
وفي هذا الصدد، قال مصطفى العيسات، خبير في مجال الماء والمناخ، إن "المجلس الأعلى للحسابات هو من مؤسسات الحكامة التي تراقب السياسات العمومية، خصوصا وأنه يقوم بقراءة للمشاريع المبرمجة ومدى قدرتها على تنزيلها على أرض الواقع، واحترامها لدفاتر التحملات، حيث إن تشخيص الوضعية المائية بالمغرب انطلقت من التأخر الذي تعرفه المشاريع على الصعيد الوطني".
وأضاف العيسات، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المملكة المغربية شهدت عدة سنوات من الجفاف المائي بسبب غياب التساقطات المطرية، وبالتالي فإن العرض المائي أصبح يؤثر على قطاعات حيوية وهو ما أدى إلى حدوث تراجع في نسبة المردودية القطاعية، مما دفع السلطات إلى تنزيل مشروع ربط الأحواض المائية لتزويد الجهات بالماء الصالح للشرب".
وسجل أن "المملكة المغربية قامت بتخصيص غلاف مالي ضخم لإنشاء السدود التلية من أجل تجميع الموارد المائية الضائعة، وهذا كانت له نتائج جيدة خاصة بعد فيضانات الجنوب الشرقي للبلاد، حيث تستفيد منها حتى الزراعات المسقية التي تحتاج للمياه سواء الجوفية أو السطحية"، مردفا أن "تأخر المشاريع يسائل الحكومة على مدى التزامها بتطبيق الخطب الملكية".
وأشار الخبير المائي إلى أن "المغرب توجه نحو العمل على معالجة المياه العادمة لتوفير حصيلة مائية مهمة لسقي الأراضي الزراعية، وأيضا التخفيف من الثقل الذي كان على المياه الجوفية التي استنزفت بسبب الجفاف، حيث سلط المجلس الأعلى للحسابات الضوء على التدبير الحكماتي للمياه".
وأكد أن "إصلاح هذه الأعطاب يمكن أن يوفر حوالي 30 في المائة من هاته المياه، بالإضافة إلى التدبير الرشيد باستعمال تقنيات مياه السقي"، مضيفا أن "جزءا كبير من الأراضي الفلاحية يتم سقيها بالطريقة التقليدية وهذا ما يؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه".