قبل أشهر من تنظيم الاستحقاقات الانتخابية بالمغرب، بدأت الأحزاب السياسية في إنشاء تكتلات لتقوية وجودها في المشهد السياسي داخل البلاد، غير أن هذه التشكيلات التي توجد في طور البناء قد تتعارض من الناحية الأيدلوجية الحزبية، حيث أصبحت شخصيات محافظة تنخرط مع أحزاب ليبرالية، وليبراليون يضمون بروفيلات يسارية، وهو ما يضع هذا الخليط الحزبي تساؤلات حول مصير الاعتراف بالعقائد السياسية داخل التنظيمات الحزبية. ويرى مهتمون بالشأن السياسي في البلاد أن تخلي بعض الأحزاب السياسية عن إيدلوجياتها راجع إلى رغبتها في الإنقضاض على السلطة خلال الاستحقاقات الانتخابية، ويعكس هذا الواقع الانتهازي لهاته التنظيمات وفق قولهم، رغبة الأحزاب في الوصول إلى مآرب شخصية لتحقيق ذاتها، واعطاء لنفسها شخصية داخل المشهد السياسي الحزبي.
ودخلت بعض الأحزاب في السنوات الأخيرة في صراعات حادة وصلت إلى مرحلة "كسر العظام"، بسبب أطماعها الحزبية الهادفة إلى "التحكم في اللعبة السياسية"، الأمر الذي حتم على مجموعة من التنظيمات تشكيل تكتلات لحماية بعضها البعض وتحقيق أهدافها رغم اختلاف ايدلوجياتها.
وقال محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقني، إنه "ما يحكم التحالفات الحزبية بالمغرب بغض النظر عن التيارات الأيدلوجية هو الرغبة في التموقع السياسي، وأيضا عدم الوصول إلى مرحلة الاندثار بالنسبة للأحزاب الصغيرة، بالإضافة إلى تشكيل برنامج موحد بالنسبة للأحزاب التي لها تقاطعات في المعتقدات".
وأضاف نشطاوي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه ب"النسبة للمغرب فإن البعد الأيدلوجي غاب عن الأحزاب السياسية وأصبح بنسب ضئيلة جدا، مثال لحزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وباقي الأحزاب اليسارية التي أصبح حضورها ضعيف جداً في المشهد السياسي بالمغرب".
وتابع المتحدث عينه أن "كل الأحزاب السياسية لم تعد تلتزم بايدلوجياتها سواء اليمينية أو اليسارية، وهذا ما يدفع العديد من التنظيمات إلى تشكيل تكتلات حزبية لتقوية وجودها في المشهد السياسي، وخاصة في هذه الظرفية التي تعرف ركودا سياسيا غير مسبوق".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الأحزاب السياسية الديمقراطية انفتحت على الأعيان لمواجهة الأحزاب الإدارية، وهذا ما دفع المشهد السياسي نحو الركود"، مشيرا إلى أن "هذا النوع من الائتلافات يجسد واقع الإنتهازية الحزبية، للوصول إلى السلطة من خلال صناديق الاقتراع".
وأردف أيضا أن "رغبة الأحزاب السياسية في اقتناص مصالح سلطوية أدى إلى تغيير خطاباتها الحزبية، وحتى ايدلوجياتها لم تعد حاضرة نظراً للأهداف التي تريد أن تحققها هاته التنظيمات دون المراعاة للأعراف المنظمة للعبة السياسية".