بينما تنتظر فئة عريضة من المواطنين بالعاصمة الاقتصادية التساقطات المطرية لتخفيف حرارة خريف هذه السنة وإعادة الحياة إلى مجموعة من القطاعات الاقتصادية، وتخفيف ثقل الأسعار الصاروخية التي أثقلت كاهل البيضاويين، تخشى شريحة مهمة من ساكنة العاصمة الاقتصادية هطول الأمطار الغزيرة مغبة من حدوث عزلة مجالية بسبب ضعف البنيات التحتية وغياب شبكات قوية لتصريف مياه الأمطار.
ورغم الانزال القوي للسلطات الولائية والجماعية في العديد من المناطق المهمشة بمدينة الدارالبيضاء الكبرى، للقضاء على التجمعات الصفيحية وإنهاء حزام السكن العشوائي، لازال قاطنو هذه الأحياء يتوجسون من عاقبة فصل الشتاء، نظرا لما خلفته تجارب سابقة من رعب حقيقي في نفوس الساكنة المحلية، خاصة في أوساط وهوامش المدينة.
وسجل فاعلون مدنيون ومستشارون جماعيون تقاعس الجهات المسؤولة في أداء الخدمة للساكنة المحلية، والتي تدخل في صلب التدابير الاستباقية، عن طريق عملية تنظيف البالوعات وقنوات تصريف مياه الامطار، ومجاري مياه الصرف الصحي في مختلف الجماعات الترابية التي توجد داخل نفوذ أكبر مدينة من ناحية الكثافة السكانية.
وحسب مصادر "الأيام 24″، فإن السلطات المحلية بمنطقة سيدي بليوط لم تقم بأي تحركات عملية بالمدينة القديمة، في انتظار الوكالة الحضرية باعتبارها الجهة المسؤولة عن هذه المنطقة، معتبرة أن "كل القرارات التي يمكن أن تتخذها المقاطعة ليست لها أي أثر".
وفي نفس السياق، قال سعيد عاتيق، رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات بجماعات الهراويين، إنه في "إطار العمل الاستباقي أحضرت الجماعة شاحنة كبيرة تابعة لمصلحة الشركة الجهوية لتوزيع الماء والكهرباء، وأفرغت الحفر بدوار الحاج صالح الأكثر تهديدا كما أشركت 10 عمال تابعين للجماعة عملوا على تنظيف مسارات المياه وعملوا على جمع الحجارة والنفايات وكل ما من شأنه أن يتسبب في تجمع المياه".
وأضاف عاتيق، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "شتاء 2017 كانت آخر كابوس حقيقي للساكنة، لما داهمت السيول الجارفة دوار الحاج صالح ودمرت الأكواخ البئيسة وأتلفت المتاع البسيط للسكان البسطاء، ليلة ستظل موشومة في سجل المنطقة حيث فزع الناس من هول السيول العاتية، وقضت مضجعهم وطردت نومهم وأرسلت أطفالهم وشيوخهم يواجهون عنفوان الفيضان الكاسح وهم عزلا وعراة"، مضيفا أن "المياه غمرت القبيلة وتسلح الشباب بإرادة قوية في مواجهة الوضعية، وغامروا بأرواحهم وسط التدفقات المائية العاتية لعلهم يكبحوا هول المصيبة".
وتابع المتحدث عينه: "نعم، ذاك هو حال دوار الحاج صالح ومعه تتشابه وضعية كل من دوار المديوني 1 والمديوني 2 والرحامنة وبوشويرب والشياظمة وكل دواوير الهراويين التي قدرها أن تتعايش مع الماء والمياه والبرك الآسنة والأودية المتدفقة على طول العام لافتتاح مهرجان "الخلعة" مع كل إطلالة فصل الشتاء".
وأشار المستشار الجماعي إلى أنه "قد تتحرك السلطات كما في حالة الحاج صالح في 2017 وتحضر الوقاية المدنية ومصالح الماء والكهرباء، وقد تكون بعض المؤسسات التعليمية ملجأ مؤقتا للمتضررين والمنكوبين وهي توزع عليهم "بطانيات" و"علب السردين"، لكن هل هذا هو الحل؟".
وزاد: "دواوير جماعة الهراويين لاتنسجم معها لا تدخلات وقائية ولا إجراءات إستباقية مادامت تلكم التجمعات تؤثت مجالا عشوائيا، ولعل أنسب حل لإنهاء مسلسل المعاناة المتكرر هو إعادة الترحيل ولاشيء قد يفيد غير إعادة الترحيل".
وبعد أن نوه "بمبادرات الترحيل التي تشهدها بعض التجمعات السكنية بالإقليم، جدد عاتيق، نداءه بضرورة معالجة كل الملفات المشابهة وتمكين كل العوائل ضحايا التهميش وموضوع الفياضانات المتكررة من سكن لائق في فضاء مندمج ومتكامل.