في اختراق دبلوماسي مغربي جديد، يعكس الدينامية المتواصلة للمغرب في تعزيز مواقفه السيادية وإحداث تغيير عابر للقارات في مواقف الدول الداعمة للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية عبر تكريس مخطط الحكم الذاتي كأساس وحيد لتسوية هذا النزاع الإقليمي، قررت جمهورية بنما، رسميا، تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع جبهة "البوليساريو".
وأكدت الخارجية البنمية دعمها لجهود الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، من أجل التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم ومقبول لدى الأطراف المعنية بقضية الصحراء، وتأتي خطوتها بعد مرور شهر فقط من قرار مماثل تبنته الإكوادور في أكتوبر الماضي، عندما قضت بتعليق اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية"، التي كانت قد اعترفت بها سنة 1983.
وأبلغت وزيرة خارجية الإكوادور، غابرييلا سومرفيلد، خلال مباحثات هاتفية، مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، بهذا القرار وبرسالة الإخطار التي بعثت بها إلى ما يسمى بتمثيلية جبهة "البوليساريو" في كيتو.
الموقف الجديد لجمهورية بنما، يشكل حسب عبد الفتاح الفاتحي مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، "انهيارا دبلوماسيا عميقا ومتواصلا للدبلوماسية الجزائرية القائمة على استعداء المملكة المغربية عبر مساعي لانتهاك سيادتها على أقاليمها الجنوبية".
واعتبر الفاتحي سحب بنما اعترافها بالكيان الانفصالي، "نهاية مرحلة لتحالف القوى اللاديموقراطية بالقارة الأمريكية مع خصوم الوحدة الترابية لتشكيل مواقف ظلت داعمة للجمهورية الوهمية للتنظيم الانفصالي لجبهة "البوليساريو" صنيعة الجزائر"، مبرزا أن توالي مواقف دول أمريكا الوسطى الداعمة للسيادة المغربية "يعد جزء من استهداف مكثف للدبلوماسية المغربية للدول الناطقة بالإسبانية في سياق توظيف الموقف الإسباني من قضية الصحراء كوسيلة لتحقيق أهداف أخرى لسحب الاعتراف من الجمهورية الوهمية بدول القارة الأمريكية ذات الثقافة واللغة الإسبانية".
وحول سياق القرار، أفاد الفاتحي في تصريح ل"الأيام 2″، بأنه يأتي بعد إعلان بنما في نهاية يناير الفائت دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها "أساسا وحيدا" لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء، لافتا إلى أن هذا البلد الأمريكي، من منطلق الدفاع عن مصالحه الاقتصادية والسياسية، اقتنع بجدية تطبيع العلاقة مع المملكة المغربية لتقارب وتشابه جيوسياسي، سيما بعدما أعلن المغرب عن المبادرة الملكية لتنمية الوجهة الأطلسية والتأسيس لأسطول بحري متطور يعزز الربط القاري وبين الدول ولاسيما مع دول الجنوب.
أما بخصوص تركيز الدبلوماسية المغربية على بلدان كانت تعد سابقا معقلا لدعاة الانفصال، فيفسره مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أنه "نتاج تحولات عميقة في المسار الديموقراطي لهذه الدول، وهو ما سمح بتحقيق اختراقات في مواقفها لصالح ملف الوحدة الترابية"، مؤكدا أن الدبلوماسية المغربية ترى بأن الظروف اليوم جد ميسرة لتحقيق تراكم من الاعترافات الدولية لدول هذه القارة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وبالتالي تعميق عزلة الجزائر دوليا في سياق انحسار المواقف التي تتماهى مع دبلوماسية الانفصال.