Getty Images استبعد مراقبون ومحللون أن يؤدي مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار إلى وقف الحرب بشكل مباشر في غزة، حيث إن الأهداف التي حددها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم تتحقق بعد، وربما أضيف لهذه الأهداف ما يجعل استمرار الحرب والوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني هو السيناريو الأقرب للتحقق. تعهد نتنياهو بمواصلة الحرب، في وقت أعرب فيه قادة غربيون، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن أملهم في أن يكون مقتل السنوار نقطة تحول محتملة في الصراع. ولم يحسم نتنياهو وحكومته خططاً لآلية حكم غزة بعد الحرب، وبحسب مراقبين فإن "الحكومة الإسرائيلية تعرف ما لا تريده وهو ألا يستمر حكم حماس للقطاع، لكنها لا تعرف ما تريده بعد ذلك وهو كيفية إدارة غزة وهل تستمر في نشر جنودها فيه من عدمه". وحدد نتنياهو أهدافه من حرب غزة بإنهاء حكم حماس والقضاء عليها وتحرير الرهائن الإسرائيليين الذي تحتجزهم الحركة حالياً في القطاع، لكنه أضاف إلى هذه الأهداف مؤخراً تنفيذ ما يسمى ب"خطة الجنرالات" في شمال القطاع وإقامة مناطق عازلة داخل لمنع تكرار هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023. ويعتقد مراقبون أن فرص التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بعد قتل السنوار ما زالت ضئيلة، حيث لا يبدو أن أياً من الطرفين يسعى لتحقيقه. Getty Imagesأعلنت حماس الجمعة 18 أكتوبر/تشرين أول مقتل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي وتصاعد الصراع في الأسابيع الأخيرة ليشمل ما هو أبعد من القتال في غزة، والتوترات المتزايدة في الضفة الغربيةالمحتلة، ليمتد إلى غزو إسرائيل لجنوب لبنان، وقصف مناطق واسعة من البلاد. في الوقت نفسه، تعهد حزب الله بتكثيف القتال ضد إسرائيل، وأعلنت إيران، الداعمة للجماعة اللبنانية، أن "روح المقاومة" ستتعزز بمقتل حليفها في غزة. ويُعتقد أن السنوار، الذي تصدر قائمة المطلوبين في إسرائيل، هو العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023. * حرب غزة: كيف سيؤثر مقتل السنوار في مسار الحرب؟ أهداف متضاربة ويقول فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، لبي بي سي، إن انعدام الثقة وتضارب أهداف الطرفين يجعلان الأمل في إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار هدفا بعيد المنال. ويضيف جرجس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان واضحاً جداً بشأن هدفه الشامل وقال، "بعد الاحتفال بمقتل السنوار، أكد نتنياهو أن الحرب مستمرة، حيث لم يتم تحقيق النصر الكامل بعد. هذا النصر، وفقاً لنتنياهو، يشمل إعادة الرهائن إلى ديارهم والهزيمة الكاملة لحماس." وفي مقطع فيديو شاركه على منصة "إكس"، قال نتنياهو: "يحيى السنوار قُتل. ورغم أن هذه ليست نهاية الحرب في غزة، إلا أنها بداية النهاية". "ما يقوله نتنياهو في الأساس هو أن الحرب لن تتوقف إلا إذا توقفت حماس عن المقاومة العسكرية. وهذا لا يترك لحماس أي خيارات سوى الاستمرار في القتال"، بحسب ما قاله أستاذ العلاقات الدولية لبي بي سي. وقال نتنياهو في خطاب إعلانه عن قتل السنوار إن هذا الصراع يمكن أن ينتهي إذا ألقت حماس سلاحها وأعادت 101 أسير إسرائيلي وأجنبي تحتجزهم في غزة. بينما قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إن إسرائيل يجب ألا تتوقف قبل "الاستسلام الكامل" لحماس. من جانبه قدم إيدي كوهين، الباحث في المركز الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية، رأياً مختلفاً حول الأهداف الأوسع في غزة، قائلاً إن طموحات نتنياهو "تفضي بوضوح إلى ما هو أبعد من مجرد تأمين الإفراج عن الرهائن." وأشار كوهين إلى أن أحد الأهداف الرئيسية، بحسب نتنياهو، هو أن "حماس لن تحكم غزة، ولن تسيطر أي جهة أخرى على غزة مرة أخرى". ويعتقد كوهين أن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع هو ضمان ألا يكون لحماس أو لمن سيخلف السنوار أي دور في مستقبل غزة، مشدداَ على أهمية تأمين الحدود لمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع كأحد أهم الأهداف الأخرى، بحسب كوهين. Getty Imagesمظاهرات في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية للرهائن بقطاع غزة " جبهات متعددة" وأشار جرجس إلى أن نتنياهو يخوض حرباً على جبهات متعددة، "كما هو واضح في غزةوالضفة الغربية وغزو لبنان. وأضاف: "كما يسعى بالطبع إلى إدخال الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة في الصراع"، على حد قوله. كان نتنياهو قال في خطابه عقب مقتل قائد حماس: "لدينا فرصة كبيرة لوقف محور الشر وخلق مستقبل مختلف"، في إشارة إلى إيران وحلفائها في المنطقة، بما في ذلك غزةولبنان، وسوريا، والعراق واليمن. لكن كوهين أصر على إعادة التركيز على قضية الرهائن، مؤكدًا أن السنوار كان العقبة الرئيسية في المفاوضات قائلاً: "إسرائيل ليس لديها طموحات في غزة، لكن لدينا رهائن نريد الإفراج عنهم". وأبدى كوهين نظرة أكثر تفاؤلًا، خاصة بعد مقتل السنوار، مشيرًا إلى أن ذلك قد يمهد الطريق لمزيد من المرونة في المحادثات المقبلة. وأضاف "الوضع سيتحسن تدريجيًا"، متوقعاً أن يتم التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن قريبًا. ومنذ الإعلان عن مقتل السنوار، أعرب منتدى عائلات الرهائن عن قلق عميق على أحبائهم، ودعا الحكومة إلى "استغلال الإنجاز العسكري لتحقيق إنجاز دبلوماسي" بصفقة لإعادة الرهائن الباقين على قيد الحياة وجثامين من ماتوا من غزة. * من هو يحيى السنوار الذي قُتل في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي؟ لكن جرجس يختلف مع كوهين أن الهدف الأساس هو إعادة الرهائن، مشيرًا إلى أن نتنياهو أوضح أن إعادة الرهائن أحياء (بافتراض أن أيًا منهم قد نجا من الحرب المستمرة) ليست أولوية قصوى، مضيفاً أن الهدف الأساس لنتنياهو في وجهة نظره هو إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. "ولهذا السبب، تتجاهل النقاشات حول وقف إطلاق النار في غزة بعد مقتل السنوار أهداف نتنياهو الأوسع، والتي تشمل هزيمة حماس واستهداف حلفائها في الضفة الغربية وحزب الله، وربما الدخول في مواجهة مع إيران في النهاية." ويُنظر إلى يحيى السنوار على نطاق واسع بأنه كان العقبة الرئيسية أمام صفقة الرهائن، بالرغم من أن حماس أكدت مرارا على أن موقفها التفاوضي لم ولن يتغير بعد مقتله وأنها وافقت على اقتراح بايدن من قبل. لكن بالنسبة لماثيو دوس، نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية، فإذا كان السنوار هو العقبة الكبرى أمام وقف إطلاق النار، فإن هذه العائق قد أُزيل الآن، مما يمنح الولاياتالمتحدة وحلفاءها فرصة لوقف التصعيد نحو صراع إقليمي أوسع". وأضاف دوس أن معظم أفراد القيادة العليا لحماس موجودون الآن خارج غزة، وخاصة في الدوحة، قطر، مما قد يسهل التوصل إلى اتفاق، لكنه شدد على ضرورة أن ينهي أي اتفاق الحرب فعليًا، لا أن يفتح مرحلة جديدة من الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة. ويتفق الخبراء على أن خطة إسرائيل في غزة لما بعد الحرب أو ما يسمى إسرائيلياً "اليوم التالي للحرب" ليست واضحة وهو ما قد يطيل أمد الصراع، ويسمح للتيار اليميني داخل الحكومة باقتراحات متطرفة تشمل وجوداً دائماً في القطاع وسيطرة على معابره وربما إعادة الاستيطان إلى مناطق محتلة جديدة. * هنا قُتل السنوار: ماذا نعرف عن المنزل الذي شهد اللحظات الأخيرة من حياة قائد حماس؟ * من هم أبرز المرشحين لتولي قيادة حركة حماس بعد يحيى السنوار؟ * ماذا تخبرنا الهجمات الإسرائيلية الأخيرة عن خطوة نتنياهو المقبلة؟