أثار إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تفاعلاً واسعاً وردود فعل كبيرة، خصوصاً مع انتشار الصور والمشاهد المرتبطة بالعملية أو تلك التي أعقبتها. يُعتبر السنوار المتهم الرئيسي بالتخطيط للهجوم الدامي على بلدات جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد وضعه الجيش الإسرائيلي على رأس قائمة المطلوبين رفقةً قادة ومسؤولين في الحركة وذراعها العسكري. وانتشرت صور غير رسمية للسنوار، وقد أظهرته ملقىً على الأرض ومصاباً بجراح بالغة، جرى تداولها على نطاق واسع، بينما قال مسؤولون إسرائيليون إنهم بصدد التحقق من هوية القتيل. بعد ساعات، ألقى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خطاباً مصوراً، تبعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث أعلنا "القضاء على السنوار". وفي وقت لاحق، نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو التقطته طائرة مُسيّرة، قال إنه يوثق اللحظات الأخيرة للسنوار، ويظهر فيه شخص ملثم يحاول بصعوبة إبعاد المُسيّرة عن محيطه. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أكد مقتل السنوار في منطقة تل السلطان في رفح، وقد أظهر فيديو حطام البنايات في الموقع المجاور للمكان الذي وجدُ فيه السنوار. ويوم الجمعة، نعت حركة حماس في بيان رسمي لها رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار الذي قالت إنه قتل في اشتباك مسلح مع القوات الإسرائيلية في غزة ووصفته بقائد معركة طوفان الأقصى، مؤكدة أن مقتله لن يزيدها إلا قوة وتمسكا بثوابت الحركة. وقالت في بيانها الرسمي: "ننعى بكل فخر وثبات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقائد معركة طوفان الأقصى الذي ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مُدبر، مُمْتَشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف". وفي ذات السياق قال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس في كلمة له: "إن حركته ماضية حتى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس ودماء السنوار وقادة حماس ستظل توقد لنا الطريق وتشكل دافعا للصمود والثبات". وجدد الحية في كلمته شروط حماس التي تصر عليها من أجل إتمام أي صفقة لتبادل الاسرى أو التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار قائلا موجها حديثه للإسرائيليين " أسرى الاحتلال لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة والانسحاب الكامل منها وخروج أسرانا من المعتقلات". أصوات من غزة في غزة، كانت الصدمة كبيرة. أم محمد وادي وهي نازحة من شمال قطاع غزة إلى مستشفى شهداء الأقصى في الجنوب، تقول: "لقد شهدت حريق الخيمة قبل أيام، تألمت قلوبنا عندما رأينا حريق الخيمة، واليوم نتألم مجدداً بخبر مقتل يحيى السنوار، إنه خبر مأساوي ومؤسف للغاية". بينما عبر آخر عن رأيه فيما حدث بالقول: "قُتِل السنوار بعد عام من الصراع في قطاع غزة. وبغض النظر عن الآراء المختلفة عنه، من المهم الاعتراف بأنه اغتيل وهو مسلح بالكامل ومنخرط في اشتباك مع القوات الإسرائيلية، وليس مستهدفاً بعملية استخباراتية استراتيجية كما ادعى الجيش الإسرائيلي". فيما قال متحدث ثالث، لبي بي سي: "إنه مثل أي مواطن فلسطيني ضحى بحياته واستشهد، سواء في غزة أو الضفة الغربية، ندعو الله أن يضع نهاية لهذه الحرب." بدوره قال عمر عبد اللطيف: "نتوق إلى العودة إلى الحياة الطبيعية حتى يتمكن الناس من إيجاد بعض الراحة، لقد سئمنا الحرب المستمرة والإرهاق الذي لا ينتهي". "صورة السنوار مقتولاً ليست أكثر إيلاماً من مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين" النائب العراقي رائد المالكي، من جهته، قال إن "صورة السنوار مقتولاً ليست أكثر إيلاماً من مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وآلام مئات الآلاف من المهجّرين والجوعى.. هو مات لكن غيره يموت ألف مرة بسبب الفقد والغربة واللجوء التي تسببها السنوار ومن معه". فيما كتب الناشط أنس الجمل، "هذه النهاية التي لم يكن يريدها نتنياهو، وأرادها السنوار" مضيفاً " لم يكن يريد نتنياهو أن يظهر السنوار بمظهر البطل، مرتدياً زيه العسكري ومشتبكاً مع جنود الاحتلال في الخطوط الأمامية في رفح". وتابع الجمل "لم يكن نتنياهو يريد أن يستشهد السنوار في اشتباك مفاجئ، بل كان يريد ان يغتاله وينشر صورة له لحظة إعطاء أمر الاغتيال، هذه الصورة سيحاسب نتنياهو الجنود الذين سربوها، وستكون مصدر فخر وإلهام لشعبنا الفلسطيني". وكذلك كتبت بيداء العولقي "استشهد في رفح في قلب المعركة، بالصدفة، لا بالرصد ولا بالاختراق.. اشتبك ولم يهرب.. في رقبته كوفية، وبين يديه بارود، وفوق صدره جعبة حرب.. صوره الأخيرة بيان ناطق... استقبل الرصاص في الجبهة والرأس، لا في الظهر ولا في الذراع.. استشهد مقبلا غير مدبر.. كما تمناها". "هدية للجميع" Reutersالإسرائيليون في سديروت خرجوا إلى الشوارع احتفالاً بمقتل السنوار وفي إسرائيل، أظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي محطات تليفزيونية محلية أشخاصاً في شوارع مدينة كريات بياليك يحتفلون ويلوحوّن بالأعلام بعد تأكيد إسرائيل مقتل السنوار. وبعض المحتفلين في إسرائيل في الشارع وفي شرفات منازلهم استخدموا مكبرات صوت حيث بث النشيد الوطني الإسرائيلي وأطلق البعض أبواق السيارات. في مقطع مصور آخر، وزع جنود من الجيش الإسرائيلي الحلوى على قائدي المركبات الذي تلقوا النبأ بابتهاج، باعتبار أن السنوار بالنسبة لهم كان أكثر شخص تتعقبه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي مجمع سكني في مدينة أشدود، استجاب الناس بالتصفيق والصفير عند سماع نبأ قتل السنوار. قرب بحيرة طبريا في شمال إسرائيل، جرى إغلاق الطريق عبر وسط طبريا، من قبل المئات محتفلين بالرقص والتلويح بالأعلام. وقال أحد المشاركين لبي بي سي "إنه رجل سيء وقد حان وقته، هذه هدية للجميع، سواء الفلسطينيين الذين معنا أو اليهود". كذلك خرج الإسرائيليون في سديروت، الملاصقة لغزة، إلى الشوارع للاحتفال بمقتل السنوار. فيما رحّب أقارب الرهائن المائة وواحد الذين لا يزالون في غزة بمقتل زعيم حماس، لكنهم طالبوا بمزيد من الجهود لإعادة أفراد أسرهم إلى ديارهم. وقال إيناف زانغاوكر، الذي لا يزال ابنه ماتان محتجزاً في غزة، لوسائل إعلام محلية: "لقد حسمنا الحساب مع القاتل السنوار، لكن لن يكون هناك نصر كامل، إذا لم ننقذ الأرواح ونعيدها إلى الوطن". "سيأتي من يحل محله وسيكون أكثر عناداً" في مدينة رام اللهبالضفة الغربيةالمحتلة، قال مراد عمر (54 عامًا) لوكالة رويترز للأنباء: "اغتيال السنوار من شأنه أن يعقد الوضع. قد يترك غزة بخيارات أصعب، وقد يجعل الحرب أطول. يقول الأميركيون والإسرائيليون إن اليوم هو يوم جديد لغزة بدون السنوار وحماس، لكن لا، هذه شعارات سياسية لأهداف وهمية. ستستمر الحرب، ويبدو أنها لن تنتهي". على بعد أميال قليلة في مدينة الخليل، يقول علاء الهشلمون: "ما أتصوره هو أن من يُقتل، سيأتي من يحل محله وسيكون أكثر عنادًا. كان السنوار رجلاً عنيدًا، ونأمل أن يكون لدينا شخص مثله وحتى أعند منه". "تسقط الأجساد لا الفكرة" Reutersمتظاهرون أردنيون ينددون بمقتل السنوار الجمعة في الأردن، التي لديها أطول حدود مع إسرائيل، تجمع آلاف المتظاهرين في وسط العاصمة عمّان، منددين بمقتل يحيى السنوار ومتضامنين مع غزة ولبنان. قال متظاهر أردني ل بي بي سي عربي، نقلاً عن الكاتب والناشط الفلسطيني البارز غسان كنفاني: "السنوار والمقاومة فكرة، والفكرة لا تموت. تسقط الأجساد لا الفكرة". وقالت لميس، البالغة من العمر 26 عاماً، إن مقتل زعيم حماس لن يؤدي إلا إلى "تفاقم الوضع". وعلى طول الحدود الأردنية الإسرائيلية، صباح الجمعة، أبلغ الجيش الإسرائيلي عن محاولة تسلل من البحر الميت، ما أسفر عن إصابة اثنين من جنوده، وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية. وأصدر الجيش الأردني بياناً ينفي فيه هذه التقارير. ولم تصدر أي جهة وجود صلة بين هذه الحادثة الحدودية وبين مقتل السنوار. "جثة السنوار كسرت أيقونة جيفارا" Reuters قد أحدث نبأ مقتل السنوار، ردود فعل واسعة في العراق، مقارنة بتلك التي أثارها مقتل سلفه إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران قبل شهور. وفي إطار ردود الفعل في منصات التواصل الاجتماعي العراقية على الإعلان عن مقتل السنوار، كتب الصحفي والمدون أحمد الشيخ ماجد على حسابه على منصة إكس: "السنوار عاش حياة لا توجد إلا في الشعر، ولم يترك اللاءات التي شكلت أيامه العصيبة"، قائلا "نحن في العراق نعرف صاحب القضية الحقيقي.. ونستطيع تمييزه عن المبتزين والسباع الضاربة، حين تكون قضيتهم قتل أحلام من يطالبون بإصلاح بلادهم وتعديل مسارها المريض". ويشير الشيخ هنا على ما يبدو إلى ما شهده العراق من أعمال عنف، رافقت احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 600 شخص، لقي بعضهم حتفه بالرصاص الحي أثناء عودتهم إلى منازلهم من المظاهرات أو تعرضوا للاختُطاف، في هجمات قيل إنها كانت تُنفذ عادة، من جانب رجال كانوا يستقلون دراجات نارية في جوف الليل. مستخدمون عراقيون آخرون لمواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا مقطع فيديو سابق للسنوار، يستشهد فيه بقول لعلي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد، عن الموت: قائلا "قد حفظت قول الإمام علي.. أي يوميْ من الموت أفر، يوم لا يقدر أو يوم قُدِر.. يوم لا يقدر لا أرهبه، وإذا قُدِر لا ينجو الحَذِر". AFPجندي إسرائيلي يوزع الحلوى بعد الإعلان عن مقتل يحيى السنوار في مصر، نعت مؤسسة الأزهر من وصفتهم ب"شهداء المقاومة الفلسطينية الأبطال" بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار قرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك دون أن تذكر اسم السنوار. وأكد الأزهر في بيان نشره عبر حسابه الموثق على منصة "إكس" على ضرورة التصدي لمحاولات تشويه "رموز المقاومة الفلسطينية" في عقول الشباب، نافياً صفة "الإرهاب" عنهم، مشدداً على أن "المقاومة والدفاع عن الوطن والأرض والموت في سبيلها شرف لا يضاهيه شرف"، بحسب نص البيان. https://twitter.com/AlAzhar/status/1847030948384194564 وانتقد البيان ما وصفه ب"الصمت الدولي"، قائلاً إن "المجتمع الدولي غارق في صمت كصمت الموتى في القبور، والقانون الدولي لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به." وفي بيان آخر، نعت الحركة المدنية الديمقراطية السنوار بقولها إنه "استشهد رافعًا رأسه وشاهرًا سلاحه". وأضافت عبر صفحتها على موقع فيسبوك: "الموت قد يغيب القادة، ولكن الحياة تعيد إنتاج المقاومة والمقاتلين، كما حدث بعد استشهاد هنية ونصر الله". وطالبت بإعادة النظر في كافة الاتفاقيات "التي تمس السيادة الوطنية للدول العربية على أراضيها"، وأكدت على ضرورة حضور القوات المسلحة المصرية في معبر رفح ومحور صلاح الدين. من جهتها، كتبت د. عالية المهدي، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، على صفحتها بفيسبوك: "هكذا يموت الرجال... بشجاعة وفي أرض المعركة... لا في حصون وبروج." من جانبه، شارك السياسي المصري والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في نعي السنوار قائلاً: "عشت بطلاً وارتقيت شهيداً"، وأضاف عبر حسابه على منصة إكس: "استشهدت مثل كل أهل غزة الأبطال، لم تختبئ في الأنفاق ولم تحتمِ بأسراهم، كنت مع رجالك في مواجهة العدو." https://twitter.com/HamdeenSabahy/status/1846932001578013013 وعبر عبد العظيم حماد، رئيس التحرير الأسبق لصحيفتي الأهرام والشروق، عن حزنه الشديد ل"استشهاد" السنوار، مشيراً إلى أنه رغم تأييده للمقاومة، إلا أن "المرحلة الحالية تتطلب تفكيراً جديداً يُدرك أن إسرائيل تسعى لتصفية كافة مراكز الممانعة، مما يمهد الأرض للهيمنة الإسرائيلية على الإقليم." وأضاف أن أي فرض لما يسمى ب"السلام الإسرائيلي" يهدف إلى تحويل المنطقة إلى ساحة خلفية للمصالح الإسرائيلية اقتصادياً واستراتيجياً. ورثى الإعلامي المصري محمود سعد أيضاً السنوار بشكل غير مباشر، مستشهداً بأبيات للشاعر الفلسطيني سعيد المزين: "لو مت يا أمي ما تبكيش، راح أموت علشان بلدي تعيش." https://twitter.com/mahmoudsaad/status/1846961526739001412 في المقابل، وصف الإعلامي المصري أحمد موسى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ب"مجرم حرب" فور إعلان إسرائيل عن مقتل يحيى السنوار. السنوار وتشي جيفارا وصدام حسين اعتبر بعض المدونين والنشطاء أن الصور التي نشرتها إسرائيل لما قالت إنها جثة السنوار، كسرت "أيقونة جيفارا" التي استمرت لسنوات. ويشير هؤلاء بذلك إلى إرنستو "تشي" جيفارا، الثوري الأرجنتيني المولد الذي ذاع صيته بين الأوساط اليسارية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، باعتباره "رمزا للحركات الثورية في العالم"، وتلقى صورة التُقِطَت لجثته بعد مقتله في بوليفيا عام 1967، تقديراً واسعاً في تلك الدوائر. من جهة أخرى، قارن البعض بين "نهاية السنوار" ونهاية الرئيس العراقي السابق صدام حسين، قائلين إن القوات الأمريكية قبضت على صدام "داخل حفرة"، أما السنوار فقد "قُتل وهو يحمل سلاحه مقبلاً غير مدبر" بحسب تعبيرهم. ولكن هناك عدد – وإن أقل - من المدونين وجه انتقادات لزعيم حركة حماس، الذي أُعْلِنَ عن مقتله أمس، إذ قال هؤلاء إنه "جر الويلات على غزة وأهلها"، وذلك في إشارة إلى أنه يوصف بالعقل المدبر للهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما أعقبه اندلاع الحرب المستمرة حاليا في القطاع. * حرب غزة: كيف سيؤثر مقتل السنوار في مسار الحرب؟ * بي بي سي في كواليس انتخاب السنوار رئيساً لحماس * عام من الحرب بين حماس وإسرائيل: "غزة تحولت إلى قبور متناثرة في كل مكان"