ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    الملك محمد السادس يعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرانسوا الأول    الجزائر تُفعّل خيار التعبئة العامة لمحاصرة الأزمة الداخلية والعزلة الإقليمية    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    درك تطوان يُطيح بعصابة متخصصة في سرقة المواشي    حادث عرضي لطائرة سياحية خفيفة بمطار طنجة    طنجة.. إحباط محاولة تهريب 32 كلغ من الشيرا بميناء المدينة وتوقيف سائق أجنبي    ولي العهد يفتتح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس وجهة الشمال تستعرض مشاريعها التنموية    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    من أعطى العدل والإحسان حق احتكار صوت المغاربة؟    بركة: لم نخرج بعد من الجفاف... وتحلية المياه ستقلّص الضغط على أم الربيع وتؤمن سقي 100 ألف هكتار    تحقيقات فرنسية تضع الرئيس الجزائري تحت المجهر بعد اختطاف معارض في فرنسا    طول شبكة الطرق السريعة بالمغرب يمتد إلى حوالي 2177 كلم    تفاصيل "الجثة المقطعة" بابن أحمد    بوريطة: المغرب يضع تعزيز السلم والحكامة في القارة الإفريقية ضمن أولوياته الكبرى    توقيف بطولة كرة السلة بالمغرب    المغرب يطمح لرفع سعة المطارات إلى 80 مليون مسافر في سنة 2030    "قضاة إفريقيا" يلتئمون بالمغرب ويدعون إلى "تكتل أطلسي" يكرس العدالة    فوضى قد تطيح بوزير الدفاع الأمريكي    نجاة بلقاسم توقع سيرتها الذاتية من الرباط: من طفولة قروية إلى دهاليز السياسة الفرنسية    مصرع عامل بناء إثر سقوط مميت من الطابق السادس بطنجة    ترانسبرنسي تستغرب اعتراض الأغلبية على تقصي حقائق دعم الأغنام    انخفاض أسعار النفط بنحو 3% وسط مؤشرات على تقدم في محادثات أمريكا وإيران    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية : الحكومة تنتصر لمصالح طبقات اقتصادية معينة على حساب الاستقرار والنهوض المجتمعي    مطالب أمريكية متصاعدة لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    عبد النباوي: التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    جري.مة بشعة تهز مدينة العرائش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراحة راحة..نعم نوجد في مأزق
نشر في الأيام 24 يوم 15 - 03 - 2018

لنقطع الطريق من البداية على من يمكن أن يستغل هذه الكلمات في اتجاه غير صحيح، نقول إن الصحراء مغربية، وهي ليست قضية دولة فقط أو نظام ولكنها قضية شعب، وإن أي حل غير السيادة المغربية على الجنوب سيكون ضربا من المستحيل، فإما أن يبقى المغرب موحداً بشطره المتنازع عليه أو لا يبقى!

وبعد هذا يمكن أن نتكلم الآن مع بعضنا البعض لغة الحقيقة، وأول الكلام هو أن لا أحد يملك الحق باسم قدسية القضية الوطنية في أن يحتكر الملف أو يبدي فيه ما يريد ويخبئ ما يريد، أو أن يُخرج من المعادلة الرأي العام، أو يعتقد أنه مجرد تكنوقراطي يؤدي مهمة ليس بالضرورة مضطرا لتقديم الحساب حولها. هذا ملف المغاربة ونقطة القوة الرئيسية فيه هي الشعب المغربي المعني والمتشبث بوحدته الترابية، عكس الطرف الرئيسي في القضية، وهو الجارة الجزائر التي تعتبر قضية الصحراء مجرد قضية نظام وإعلام لا أقل ولا أكثر.

ومع لقاء الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد الألماني هورست كوهلر بلشبونة، تكون صفحة أولى قد انقشعت بعد غموض دام أسابيع. لقد رفض المغرب أن يشارك في لقاء مبرمج ببرلين وميونخ على التوالي، لأن الأمر كان سيفهم على أنه بداية لمفاوضات مع البوليساريو، إلا أن عدم التواصل ترك الباب مفتوحا للدعاية الجزائرية، بل إن بوادر فتور في العلاقات مع المبعوث الجديد ظهرت في الأفق. وقد يفهم من الموقف المغربي غير المعلن أن الرباط قررت ألا تعيد تجربة المبعوث الأممي السابق كريستوفر روس الذي "روسس" القضيّة وأضفى عليها الطابع الأمريكي، وبالتالي فالحضور إلى لقاء في الدولة التي ينتمي إليها كوهلر كان سيعزز احتمال "برلنة" القضية. وفي نهاية المطاف، وقبيل عرض المبعوث الأممي لتقريره أمام مجلس الأمن، انتقل الوفد المغربي بتشكيلته الجديدة إلى لشبونة بدون أضواء من أجل شيء هو أقرب إلى الإنصات منه إلى المبادرة، أي أن الرباط تريد أن تسمع خلاصات كوهلر بعد جولاته، وليس العكس.

وقبل أن نعلق على هذا الموضوع لابد أن نقرأ تركيبة الوفد على أنها ليست جوابا مباشرا على كوهلر، بحيث ضمت رئيسي جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة واد الذهب السيدين حمدي ولد الرشيد الصغير والخطاط ينجا، ولكنها جواب على ما صدر عن محكمة العدل الأوربية من حكم غير منصف للمغرب بكل صراحة في ما يتعلق باتفاق الصيد البحري، والمشكل في هذه المقاربة الصائبة التي تقول إن البوليساريو ليست هي ممثل الصحراويين، وإن لإقليم الصحراء جهويته الموسعة والمتقدمة ومنتخبوه الذين يمثلونه، هو في إقامة الجنازة على الكوركاس قبل دفنه هو ورئيسه خليهن ولد الرشيد، وهذه تعقيدات داخلية تزيد طين ملفنا بلّة.

بصراحة مرّة أخرى، يبدو أن بداية علاقتنا مع المبعوث الأممي ليست إيجابية، فإما أنه لا يعجب الرباط لأسباب نجهلها، أي أنه ربما أقرب إلى نظرة روس منه إلى نظرة فالسوم الذي كان يعتقد في استحالة حل الانفصال، أو أن المغرب بدأ يعتقد أن باب الأمم المتحدة مفتاحه بيد مجلس الأمن وليس بيد موظف أممي كيفما كانت درجته، ولذلك فلن يعيد سيناريو إجهاد نفسه في انتظار التقرير الدوري للمبعوث الذي هو في الأصل إخباري أو يجب أن يكون كذلك وليس تقرير ضغط.

هذا باب في تطورات القضية الوطنية يتزامن مع باب الاتحاد الأوربي الذي صدر عن محكمته حكم في غير صالح المغرب، وتبدو تطمينات المسؤولين المغاربة باعثة على الشفقة من كون هذا الحكم لا يمس باتفاق الصيد البحري الجاري به العمل اليوم، أو أنه كان حكما أحسن من الحكم الذي صدر بخصوص الاتفاق الفلاحي. إن الصراحة تقتضي القول إن الحجج في الملف المغربي أصلب من نتائج هذا الحكم، فأن تبادر منظمة مدنية مغمورة في بريطانيا إلى رفع دعوى قضائية ضدنا وتربحها فهذا يعني أن هناك مشكلة، أي أن الفريق الذي أرسلناه للعب في هذه المباراة قد انهزم، وهنا لا محل للتبريرات من كون الديبلوماسية لا يمكن أن تلعب في ملعب القضاء، أو أن مؤسسات الاتحاد الأوربي نفسها تعاني مما يمكن أن يسمى اليوم بتغول دولة القضاة في أوربا. إن القضية بعيدة عن أن تكون انتصارا للبوليساريو ولكنها كبوة بالنسبة لنا، وسيكون علينا أن ندخل في تعقيدات من أجل إنقاذ ليس اتفاق الصيد البحري ولكن الأهم منه هو الاتفاق الفلاحي، والأهم من الأهم هو أن هذا الحكم سيصبح رأس حربة البوليساريو لخلق المتاعب للمغرب في الكثير من الدول والقارات حول ثروة الصحراء التي يجب أن نتحاسب ليس على مآلها، لأن ما نصرفه في الجنوب أكثر مما نجنيه، ولكن حول الطريقة التي أصبحت بها باطلا يلبس لبوس الحق عند الخصوم.

ولن نطيل إذا عرجنا على الاتحاد الإفريقي الذي يكتنفه من الغموض ما يجعل سياق التطورات فيه لا تبعث على الاطمئنان، ليس لأننا مشككون في عدالة قضيتنا، ولكن التدبير السيء للملفات يمكن أن يقود إلى الخسارة في الحق. صحيح أننا دخلنا للتو إلى الاتحاد ولا يمكن أن نغير أدبيات عمرها 30 سنة كانت مناوئة لوحدتنا الترابية، وصحيح أنه يلزمنا وقت للاستئناس بدواليب أو دهاليز هذا المنتظم الإفريقي، ولكن يجب أن نعي أننا عندما كنا خارج الاتحاد رافضين الجلوس إلى جمهورية صحراوية عجيبة الولادة والتشكيل كان موقفنا مغايرا لهذا الذي نوجد فيه داخل اتحاد يضم هذه الجمهورية، بمعنى لقد أدينا ثمنا للدخول وعلينا أن نتحصل على المقابل، وهذا المقابل لا يجب أن يكون أقل من خروج الجمهورية المزعومة من الاتحاد الإفريقي في أسرع وقت.

سيادتنا على الأقاليم الجنوبية ليست قناعة فقط ولكنها عقيدة، ولكن هذا يبقى بالنسبة لنا كوحدويين مغاربة، وأما في المنتظم الأممي فالوضعية التي سببتها مناورات الأعداء عندما افتعلوا النزاع هي أننا ندير الإقليم فقط، ولابد أن نوفق بين عقيدتنا كاستراتيجية وواقع تدبير النزاع وإلا سنكون ضحية لعدم الوضوح، خصوصا وأن معركة الملف اليوم أصبحت بالأساس قانونية وقضائية، فحذار من الارتياح الذاتي، لأن طريق جهنم قد يكون مفروشاً بالورود.. لا قدر الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.