مع اقتراب الدخول السياسي، تنتظر الحكومة "ملفات حارقة" تتطلب إجراءات وحلول ناجعة لتدارك عثرات 3 سنوات الماضية وتنزيل ما وعدت به في برنامجها الحكومي خاصة في ما يتعلق بملفات الماء والتشغيل إضافة إلى الاستثمارات الأجبنية التي عرفت تراجعا كبيرا، ناهيك عن موضوع استمرار ارتفاع الأسعار رغم تأكيد الحكومة أنها نجحت في الحد من نسبة التضخم ولكن دون أي تأثير على الأسعار.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس إسماعيل حمودي، اعتبر أن هناك عدة أولويات تواجه حكومة أخنوش، مبينا أن على رأسها أولوية الماء التي حددها الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد العرش في 29 يوليوز الماضي.
وأوضح حمودي، في حديث ل"الأيام 24″، أن الوضع مأساوي في بعض المناطق من قبيل مراكش وبني ملال وزاكوة وغيرها، حيث تعاني من نقص كبير من هذه المادة الحيوية، مؤكدا أن "هذه أولوية حددها خطاب العرش، والحكومة مطالبة بتنفيذ ما ورد في الخطاب عبر تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر والطرق السيارة للماء، وأيضا مواصلة إنجاز وصيانة السدود…".
وكان الملك محمد السادس، أكد في خطاب العرش أن توالي ست سنوات من الجفاف "أثر بشكل عميق على الاحتياطات المائية، والمياه الباطنية، وجعل الوضعية المائية أكثر هشاشة وتعقيدا"، مذكرا بالتوجيهات التي أصدرها ل"اتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء"، خاصة على مستوى العديد من المناطق بالعالم القروي.
وشدد حمودي، على أن "إشكالية الماء أولوية قصوى بالنسبة للدولة وليس فقط للحكومة"، مبينا أنه في حالة إذا ما كانت السنة المقبلة –لا قدر الله- سنة سابعة للجفاف فستكون الحكومة أمام أولوية قصوى هي الماء، وهو ما سيؤثر على باقي الأولويات .
وأفاد حمودي، أن الأولوية الثانية المطروحة على طاولة الحكومة، هي ملف التشغيل إذ إن عدة تقارير رسمية وطنية تتحدث على أن البطالة ارتفعت إلى 14 في المائة، وهي نسبة مرتفعة وغير مسبوقة في عشر السنوات السابقة، خاصة وأن بطالة خريجي الجامعات تفوق 25 في المائة.
ويرى حمودي، أن ارتفاع البطالة يؤشر على "فشل حكومي" لأن مكونات الحكومة وعدت في برنامجها بالرفع من فرص الشغل، وتطرقت إلى توفير مليون منصب شغل وتخفيض البطالة، مستدركا: "لكن بعد مرور نصف ولايتها تبين أنها لم تحقق شيئا في ملف التشغيل، بل بالعكس ارتفعت نسبة البطالة".
ولفت إلى أن الحكومة تحدثت في المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية 2025، عن وضع خريطة طريق ل 5 و10 سنوات القادمة في ملف التشغيل، مما يؤكد أن حصيلتها في هذا المجال كانت سلبية، وأنها تريد أن تتدارك ما يمكن أن تتداركه في هذا الملف خلال السنوات المتبقية من عمر ولايتها.
هناك أيضا ملف أخر له أولوية كبيرة، يضيف حمودي، هو موضوع الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة بعد أن تحدثت تقارير رسمية عن تراجع كبير ب52 في المائة مقارنة بسنة 2018، مسجلا أن "هذا التراجع في الاستثمارات يشكل مؤشرا سلبيا بالنسبة لحكومة وعدت منذ البداية أنها ستعطي دفعة قوية للاستثمار والبيئة الاستثمارية، ولكن بعد مرور 3 سنوات على ولايتها يتبين أن الحصيلة سلبية".
وتساءل حمودي، هل الحصيلة سلبية بسبب ضعف الشفافية وبسبب سيطرة رجال المال والأعمال على القرارين السياسي والاقتصادي؟ أم بسبب تحولات إقليمية ودولية؟، مردفا: أن "هذا الأمر يحتاج إلى بحث، لكن المعطيات الرسمية تؤكد أن حصيلة الحكومة كانت سلبية في ملف الاستثمارات".
وأبرز حمودي، أن الملف الاجتماعي أيضا لا يقل أهمية عن باقي الأولويات المذكورة، خاصة في ظل غلاء الأسعار، مضيفا أنه "رغم أن الحكومة قالت بأنها حققت نتائج إيجابية في نسبة التضخم، إلا أن الملاحظ أن تراجع نسبة التضخم لم يؤدي إلى تراجع الأسعار، مما يجعل تراجع نسبة التضخم بدون جدوى".
وأكد أنه "إذا كانت نسبة التضخم في تراجع والأسعار ظلت على حالها، فمعناه أن هناك إشكال في ضعف الدور الرقابي للحكومة على السوق"، معتبرا أن السبب الذي يجعل الحكومة في موقف ضعف أمام "غول" السوق هو أنها منذ البداية ألغت وزارة الشؤون العامة والحكامة التي كانت مكلفة بهذا الدور الرقابي.
وتابع أن إلغاء هذه الوزارة يؤكد اليوم أنه كانت فيه شارة خضراء من الحكومة لأصحاب رؤوس الأموال للتلاعب بالأسعار وللاغتناء الفاحش على حساب الشعب المغربي والطبقتين الوسطى والفقيرة اللتين تعانيان الأمرين تحت ضغط اجتماعي متواصل يجعلهما تحت رحمة المضاربين ورؤوس الأموال واللوبيات الاقتصادية و"الحيتان الكبيرة".
وأشار حمودي، إلى أن ملف المحروقات يوضح هذا الأمر بشكل جلي، إذ بات مؤكدا أن شركات المحروقات تفعل ما تشاء في الأسعار تحت أنظار الحكومة التي تتفرج، مردفا أنه "لم يُسجَل أن الحكومة تدخلت خلال هذه السنوات الثلاثة الماضية لردع هده الشركات، بل بالعكس، كان دورها إيجابيا لصالح الشركات وسلبيا بالنسبة للمواطنين".
وخلص حمودي، إلى أن "الوضع الاجتماعي فيه غليان وفيه توتر، ولكن يظهر أن الحكومة لحد الآن لا تتحرك بالشكل المطلوب بل تتصرف بسلبية إزاء هذا الوضع، منحازة لرجال الأعمال وللوبيات الاقتصادية على حساب البسطاء والمواطنين، بالطبع لأنها حكومة رجال الأعمال".