رغم أن مؤشرات التضخم عرفت اتجاها نحو الانخفاض في النصف الأول من السنة الجارية، إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس بشكل إيجابي على الأسعار التي ظلت تحلق عاليا، مما يطرح السؤال عن أسباب عدم تراجع الأسعار رغم انخفاض نسبة التضخم؟ الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، قال إن القاعدة الاقتصادية التي تتحدث عن مرونة الأسعار تؤكد أن رد فعل المرونة في الارتفاع لا يكون في نفس حجم رد فعل انخفاض الأسعار عندما تتراجع نسبة التضخم.
وأضاف الكتاني، في تصريح ل"الأيام 24″، أن التجار غالبا لا يقومون بتخفيض الأسعار بالشكل الذي يعكس انخفاض المواد التي يشترونها، مبينا أن التجار قد يوقفون زيادة الأسعار، لكن تراجع التضخم لا ينعكس بشكل تلقائي على الأسعار، وهذا ما رأيناه بالنسبة للمحروقات وغيرها من المواد الغذائية.
سبب أخر يساهم في عدم انعكاس تراجع التضخم على الأسعار، يوضح الكتاني، هو دور الدولة في مراقبة الأسعار، مسجلا أن التاجر في المغرب اكتشف أن الدولة لا تُلزمه سواء من الناحية الأخلاقية أو الإدارية أن لا يتجاوز حدا معينا في رفع الأسعار.
وتابع أنه لا توجد هناك رقابة حقيقية على الأسعار بالمغرب، لأن الاقتصاد الوطني "اقتصاد ليبرالي"، مشيرا إلى التاجر يعلم أنه لا يخضع للمراقبة، وبالتالي لا يُخفض الأسعار بالشكل الذي يجب أن يقوم بتخفيضها مادام أنه لا توجد ضغوط أخلاقية وإدارية.
وزاد أن النظام الاقتصادي المعتمد في المغرب ليس "ليبراليا"، لأن أحد الأسس التي يقوم عليها "النظام الليبرالي" هي تنافسية الأسعار، مستدركا: لكن نحن نعيش الاحتكار الذي يمنع الرقابة على الأسعار ولو كانت أخلاقية.
واعتبر الكتاني، أن المفروض أن هناك جهاز لمراقبة الأسعار يعطي تعليماته، عندما يرى بأن انخفاض التضخم لم ينعكس على الاستهلاك، لفرض غرامات على التجار الذين لم يلتزموا بتخفيض الأسعار، ملفتا إلى أن ثقافة التاجر أصبحت مبنية على عدم مراقبة الدولة، وبالتالي أصبح يفعل ما يشاء بخصوص الأسعار مما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية.
ونبه الكتاني، إلى أن الإحصائيات التي تعطيها الدولة بخصوص نسب التضخم هي إحصائيات مبنية على البيع بالجملة وليست مبنية على البيع بالتقسيط، مبينا أنه عندما تقول بأن الأسعار ارتفعت بنسبة 6 في المائة فهذا يعني الأسعار في السوق الكبيرة والتوزيع الكبير وليس بالنسبة للبيع بالتقسيط أو للبائع الصغير.
وأشار الكتاني، إلى أن المواطن المغربي لا يشتري بالجملة بل يشتري بالتقسيط، لذا فإن نسبة 6 في المائة بالنسبة للسوق الكبيرة والجملة تتحول إلى 20 أو 25 في المائة وأحيانا 100 في المائة في البيع بالتقسيط للمواطن.