بعد فوزه بعهدة رئاسية ثانية، توضع أمام الرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني، مجموعة من الملفات الحارقة على مستوى السياسة الخارجية لنواكشوط، خاصة في علاقتها مع الجزائر والمغرب والعلاقات المشدودة شدا قويا إلى ملف الصحراء، وماذا كانت موريتانيا ستقف خلال السنوات الخمس المقبلة على مفترق طرق تكسر به واحدا من ثوابت سياستها الخارجية، أي ما تراه حيادا في ملف الصحراء المغربية.
خلال الأشهر الأخيرة، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، أخرجت قضية الصحراء من جمودها الدبلوماسي، حيث مثّل الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على كامل ترابه دفعة قوية لمجموعة من البلدان الوازنة خاصة على المستوى الأوروبي، للإقرار بالسيادة المغربية على الصحراء ودعم خطة الحكم الذاتي، على غرار إسبانيا وألمانيا، بلجيكا وفرنسا وفنلندا.. تطورات تلقي بظلالها الحارقة على موقف موريتانيا، حيث يدعو السياق الإقليمي، وفق محللين، نواكشوط إلى التفكير في مصير علاقتها بجبهة البوليساريو، الذي يقترب من نهايته.
بدا لافتا، تصريح للرئيس الموريتاني، خلال يونيو الفائت، بأن بلاده باتت تملك لأول مرة مسيرات هجومية تماشيا مع التطور المتسارع للتسليح عبر العالم، إلى جانب وحدات مدرعة وأخرى مدفعية ميدانية ووحدات مضادة للدروع، وأخرى مضادة للطائرات وطائرات ومحطات رادار ومسيرات استطلاع وهجوم ذات فعالية عالية جدا، وقادرة على تغطية كامل الحوزة الترابية الوطنية، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة.
تصريح يشكل تحولا كبيرا ويرسم ملامح أخرى لنواكشوط، لكن في نظر محللين، تصريح ولد الغزواني كان تكشيرا عن الأنياب، لكن في وجه من؟..
الأمر قد لا يتعلق بقوات فاغنر التي باتت تطرق أبوابهم بقوة من الجارة مالي، بل أيضا بالبوليساريو الذي قد يحاول في وقت من الأوقات أن يقلب الطاولة، بعد التطورات الأخيرة في الملف الصحراوي، ويستخدم أراضيهم مثلما فعل في مناسبات سابقة لشن هجمات أو ضربات على القوات المغربية.
المغرب يراهن خلال الفترة المقبلة على إحداث اختراق دبلوماسي مهم يُبعد به البوليساريو من الملعب الموريتاني. وفي واحدة من أوجه التحول ما بدا ما ظهر من علامات البرود بين نواكشوط والبوليساريو كانت الزيارة الأخيرة، التي قام بها إبراهيم غالي الخميس الماضي إلى العاصمة الموريتانية لحضور حفل تنصيب الرئيس الموريتاني المنتخب ولد الشيخ الغزواني.
لاحظ الحاضرون في القاعة أو الذين تابعوا الفيديو عبر هواتفهم صورة الجفاء والفتور التي استقبل بها زعيم الجبهة في قصر المؤتمرات، خصوصا حين صعد إلى المنصة ليقدم التهنئة لولد الغزواني. فقد بدا من جانب المضيف أن هناك قدرا ما من الحساسية والتحفظ، وربما حتى التبرم من ضيف ثقيل وغير مرغوب فيه.
في المقابل، يرى محمد طلحة المحلل السياسي، أن العلاقات بين الرباط ونواكشط تسير في الوقت الحالي في طريق طبيعية، وبدون أية تأثيرات، وتنفتح على مستقبل جد واعد، يحمل العديد من الفرص خاصة على المستوى الاقتصادي.
وأبرز طلحة في حديثه ل"الأيام 24″ أن مجموعة من الأطراف تترقب قطيعة بين موريتانيا والمغرب، بيد أنها سترى حجم التعاون والترابط الذي سيحدث، والذي يزداد طموحا من خلال الرغبات المشتركة.
واعتبر المتحدث أن نواكشوط عمق استراتيجي للرباط، والأخيرة تعلم جيدا أهمية تعزيز العلاقات مع هذا البلد الاستراتيجي، وهو الحال لدى نواكشوط التي تعول كثيرا على المملكة من أجل الرقي للأمام.
وكما أكد المحلل السياسي أن "مبادرة الأطلسي ستكون أكثر حضورا بالنسبة لموريتانيا، ما سيدفعها للتقارب مع المغرب استراتيجيا".