أعاد الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية الصحراوية نقاش نخبة موريتانيا لأهمية الإبتعاد عن الحياد ومسايرة التطورات. وركزت النقاشات الموريتانية الداخلية، حسب ما أورده موقع "العين الإخبارية"، على ضرورة الدفع قدما في تعزيز الجهود الجبارة للمغرب على طريق بناء وحدته الترابية، وكذلك أهمية هذا الموقف في تحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج التنموي بالمنطقة. ورأى البعض أن محاولة البوليساريو قطع الطريق بين البلدين الشقيقين والانعكاسات السلبية لهذه الخطوة على حرية التجارة الدولية، فضحت هذه الحركة وعزلتها أكثر. واعتبر الوزير السابق ولد أمين، في تصريحات خاصة للجريدة، أن "وقوف موريتانيا في موقع الحياد الإيجابي من هذه القضية يفرض عليها التعامل مع التطورات الجديدة بما يحقق مصلحة تنمية واستقرار المنطقة ورفاهية شعوبها خاصة في ظل التشابك القبلي والثقافي بين هذه الشعوب كحقيقة سوسيولوجية لا مناص منها". وأضاف ولد أمين أن "موريتانيا تتعامل دائما مع المغرب كجار شقيق وتتمنى أن تنتهي هذه المشكلة وإلى الأبد". واختتم بالقول أن "الأحوال تغيرت كثيرا على الأرض، بفضل الاستثمار المالي المغربي، وتحسن مستوى الحياة كثيرا في المنطقة". تطورات إيجابية بدوره يرى الوزير السابق سيدي محمد ولد محم أنه "على موريتانيا ألا تظل متفرجة في وضع يتقدم فيه الآخرون خطوات، بينما نراوح نحن نفس المكان ونفس الموقف" في إشارة إلى ضرورة التعاطي الإيجابي مع التطورات الأخيرة. واعتبر ولد محم، في منشور بحسابه الشخصي على “فيسبوك”، أنه "على الحكومات في المنطقة مراجعة مواقفها بكل شجاعة، وإبداء أكبر قدر من المرونة في التعاطي مع الأوضاع الجديدة بالسعي وبشكل جاد إلى الحلُول العَملية المُتاحة، بدلا من الدخول بالمنطقة في أتون صراع مسلح هي في غنى عنه". وشدد الوزير الموريتاني السابق على أهمية "استثمار هذه التطورات باتجاه مزيد من التقارب والواقعية، والتراجع عن مفاهيم ومفردات راديكالية عديدة بغية التوصل إلى حل عملي يحقق التنمية والاستقرار بالمنطقة، ويذلل الصعاب أمام اندماج حقيقي بين دولها حيث تتجسد أحلام شعوبنا وحيث معقِد آمالها". من جهته، اعتبر الكاتب الموريتاني الشيخ السالك أن "الوقت قد حان لعدول موريتانيا عن موقفها الحيادي في قضية المغرب مع أقاليمه الجنوبية الصحراوية". وأوضح السالك في تغريدة بحسابه على “تويتر” أن "موريتانيا هي في الواقع من أكبر المتضررين من هذا الحياد، مطالبا بتجسيد الحياد الإيجابي الذي وعد به الرئيس الموريتاني محمد الغزواني، وذلك بعد الاعتراف الأمريكي والإماراتي والبحريني بمغربية الصحراء. الكاتب الموريتاني محمد أفو، رأى من زاوية مقاربة الموضوع أن "حركة البوليساريو الانفصالية لا تستحق علينا أن نكون حياديين في هذه القضية"، مبينا أن "تاريخها مع موريتانيا شهد الكثير من ارتكاب الجرائم في حق علاقات الأواصر بين الشعبين". واعتبر افو، في منشور بصفحته على “فيسبوك” أن "الجبهة الانفصالية خسرت حياد الموريتانيين شعبيا وخسرت رصيدها لدى شعب كان يفترض أن تكون هي أحرص الأطراف عليه وعلى مصالحة وسكينته واستقراره". وخلص الكاتب إلى القول: "سيظل إخوتنا في تيندوف الجزائرية وفي الأقاليم الجنوبية من المغرب أحبة نجوا لحسن حظنا وحظهم من تعبئة الجبهة وشحنها بالكراهية لكل ما هو موريتاني". ويرى بعض المتابعين للملف أن "الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الغزواني أكثر ليونة وانفتاحا، على الموقف المغربي من القضية". ولفتوا إلى أن الغزواني أكد ذلك في أول تصريح له بعدما أصبح رئيسا للبلاد، حين قال إن "موريتانيا تلتزم الحياد في القضية وهو حياد لن يكون سلبيا بل إيجابيا"، وهو ما تجسد في موقفه الأخير من أزمة معبر الكركرات الذي كان بالفعل حيادا إيجابيا. ويرى المراقبون أنه "رغم أن موريتانيا أمسكت العصا من المنتصف غير أن حيادها الإيجابي انتصرت للطرح المغربي، وهو ما جسدته المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد الغزواني، والتي بدأت بعدها الاستعدادات بشكل رسمي في نواكشوط لاستقبال عاهل المغرب". ويعتبر المراقبون "أن لقاء زعيمي البلدين المرتقب سيفتح صفحة جديدة في علاقات الرباطونواكشوط."