نجحت الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس في نزع اعتراف "تاريخي" بمغربية الصحراء من فرنسا، وإخراج حكام قصر الإليزيه من موقعهم الرمادي، حيث ستصبح منذ أمس الثلاثاء، خريطة المغرب كاملة بصحرائها الرملية معلقة داخل التمثيليات الفرنسية، الأمر الذي دفع "الحكومة الجزائرية إلى سحب سفيرها لدى باريس"، واستنكارها لهذه "الخطوة التي من المنتظر أن تعود بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى نقطة الصفر". ويعتبر هذا الاعتراف الذي جاء تزامنا مع احتفاء الشعب المغربي بالذكرى ال25 لعيد العرش، طفرة نوعية في مسار الارتباطات الدبلوماسية بين الرباطوباريس، إذ تمكن المغرب من كسب صوت آخر من أصوات الدول التي تعد صاحبة قلم بمجلس الأمن الدولي، في ظل انزعاج حكام النظام الجزائري بعد هذا القرار الذي اعتبره عديد المراقبين "صدمة غير منتظرة".
وينضاف هذا الاعتراف المشهود الذي سيعزز المسار الدبلوماسي بين العاصمتين إلى قائمة الاعترافات الدولية الكبرى، على غرار اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا وألمانيا وباقي الدول الإفريقية والأوروبية وأيضا بلدان الكاريبي.
في هذا الصدد، قال نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، إن "الإعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، واعتبار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية "الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه" هو انتصار دبلوماسي للمملكة المغربية، واعتراف قانوني من الجانب الفرنسي بالسيادة المغربية، وأحد أهم الفصول الأخيرة لإنهاء هذا النزاع المفتعل، اعتبارا لأهمية هذا الاعتراف المستمد من وزن فرنسا أوروبيا ودوليا، وقدرتها على الدفع بمسار التسوية في إطار للحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب".
وأضاف الأندلوسي ضمن تصريح ل"الأيام 24″، أن "هذا الاعتراف أربك حسابات النظام الجزائري، ودفعه لاتخاذ قرار سحب سحب السفير الجزائري كخطوة احتجاجية على قرار الحكومة الفرنسية".
وتابع المتحدث عينه أن "هذا القرار يؤكد أن الجزائر طرف أساسي، في النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وأنها الراعي الرسمي لهذا النزاع، وهو ما يفسر رد الفعل الجزائري المتشنج".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الاعتراف الفرنسي كما جاء في الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للعاهل المغربي، الملك محمد السادس، تأتي في سياق توافق دولي يتسع كل يوم لصالح الرؤية والحل المغربيين، وهذا الاعتراف سيكون لبنة أساسية للمساهمة في حل نهائي للنزاع وسيقوي آليات إيجاد تسوية جدية له".
وخلص الأندلوسي حديثه قائلا: "الاعتراف الفرنسي، يقطع مع مرحلة من التردد التي طبعت الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء، وهو ما يعد انتصارا للمغرب واستمرارا لمسار البناء التراكمي الدولي للاعتراف بمغربية الصحراء، خاصة وأن فرنسا عضو دائم بمجلس الأمن ولها وزن مهم وتأثير في الساحة الأوروبية والدولية".