بعد شهر من تَحرك التنظيمات النقابية المركزية وعقد عدة لقاءات تشاورية حول مسار الذي خططته الحكومة من أجل تنزيل قانون الإضراب والمسلك الذي من المنتظر أن تأخذه طريقا لإصلاح منظومة التقاعد حسب التسريبات التي حصلت عليها، أسست 6 هيئات نقابية "جبهة وطنية ضد قانوني الإضراب والتقاعد"، بهدف التصدي لأي خطوة تمس بحقوق الشغيلة، وفق تعبيرهم. وأكدت "الجبهة الوطنية ضد قانوني الإضراب والتقاعد" المكونة من "الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، والجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل، والنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، والنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، والنقابة المستقلة لهيئة تفتيش التشغيل، والهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب" أن الحكومة المغربية تحاول "تكبيل أيادي الشغيلة في مختلف القطاعات عن طريق قانون الإضراب" إضافة إلى تنزيل إصلاحات بعيدة عن شعارات "الدولة الاجتماعية" فيما يتعلق بإصلاح المنظومة التقاعدية.
ويعتبر هذا الائتلاف النقابي الجديد الذي أتى ميلاده في سياق الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها المملكة المغربية، أن الحكومة الحالية تحاول "فرض مخططات جديدة للتقشف وضرب مكتسبات الطبقة العاملة وتجريدها من أدوات الدفاع عن نفسها".
وفي هذا الصدد، قال عبد الله اغميميط، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي، إن "ميلاد الجبهة الوطنية ضد قانوني الإضراب والتقاعد يأتي في إطار عدة سياقات، وكما يعرف الجميع أنه تم توقيع اتفاق مع الحكومة يوم 24 أبريل الماضي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية وأيضا أرباب العمل بالمغرب".
وتابع اغميميط، في تصريح ل"الأيام 24″، أن هذا "الاتفاق جاء في جدولة الحسم في قانوني الإضراب والتقاعد، ونعتبر نحن أن الإضراب هو حق مشروع تكتسبه الطبقة العاملة من أجل الدفاع عن نفسها ومصالحها، وبالتالي ليس هناك منطق يبرر تكبيل هذا الحق الدستوري".
وأشار المتحدث عينه إلى أنه "هناك إصرار للحكومة الحالية على تنزيل القانون التكبيلي للإضراب الذي يسعى إلى فرض مخططات جديدة للتقشف وضرب مكتسبات الطبقة العاملة وتجريدها من أدوات الدفاع عن نفسها، حيث تسعى الحكومة تحميل الطبقة العاملة أعباء أزمة صناديق التقاعد وهي أزمة مفتعلة"، حسب قوله.
وأردف القيادي النقابي أنه "أمام هذا الوضع الاجتماعي الحالي واحساس الشغيلة بأن مستقبلهم ينذر بتراجعات خطيرة والإجهاز على مكتسباتهم، فإن التنظيمات النقابية خلال أكثر من شهر تناقش ميلاد هذه الجبهة الوطنية المنفتحة على كل الهيئات والنقابات".
وزاد: "لا يمكن السكوت والخضوع أمام ما تبتغي الحكومة المغربية فعله بخصوص قانوني الإضراب والتقاعد، وأتمنى من الجميع الاشتغال على هذا الموضوع الذي يعتبر صدا منيعا للجهات التي تريد تكبيل أيادي الشغيلة".
ومن جهته، يرى مصطفى جعى، الكاتب العام للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، أن "هذه المبادرة ليست وليدة اللحظة وإنما بعد عدة لقاءات تشاورية بين مجموعة من المركزيات النقابية، وأن التنظيمات المشتركة في الجبهة الوطنية ضد قانوني الإضراب والتقاعد مختلفة من ناحية القطاعات حيث يوجد هناك قطاع الصحة والتعليم وأيضا الفلاحة".
وأوضح جعى، في تصريح ل"الأيام 24″، أن هذا "الائتلاف النقابي يبين مدى رفضه للصيغ المتعلقة بقانون الإضراب وأيضا الطريقة التي سيتم إصلاح بها منظومة التقاعد، ونحن نعتبر أن الإضراب حق دستوري وليس قانون تكبيلي".
"المغرب صادق على عدد كبير من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، التي تنص على الحق في الإضراب والتنظيم وتكوين النقابات، وحتى مشروع قانون 97.13 المتعلق بالاضراب والذي تم المصادقة عليه في المجلس الحكومي في 2016 لم يتم تنزيله لأنه فعلا يتضمن بنوذا تكبيلية"، يقول المتحدث.
وأكد الكاتب العام للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة أن "قانون الإضراب سيكون بمثابة ضربة قاضية لهذا الحق الدستوري، ونحن لدينا مسؤولية متمثلة في صد هذه التحركات الحكومية التي تريد تكبيل الشغيلة المغربية".