يحتفل الشعب المغربي اليوم الخميس 11 يناير، بالذكرى ال73 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تعد منعطفًا حاسمًا ومحطة مشرقة في مسلسل الكفاح الوطني، الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة الملك الراحل محمد الخامس من أجل الحرية والاستقلال. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1944، قدمت وثيقة المطالبة بالاستقلال للسلطان محمد الخامس ملك المغرب الراحل، وسلمت نسخة منها للإقامة العامة ولممثلي الولاياتالمتحدةوبريطانيا بالرباط، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثل الاتحاد السوفيتي آنذاك.
وقبل صياغة الوثيقة من طرف رموز الحركة الوطنية المغربية، خاض الشعب المغربي مجموعة من المواجهات والمعارك ضد الوجود الاستعماري على أرض المغرب، وكل تلك المعارك كانت محطات استغلتها الحركة الوطنية بتأطير من الملك محمد الخامس، من أجل تنظيم نفسها والعمل على تقوية قواعدها عبر تعبئة المواطنين وتعميق الشعور الوطني لديهم في أفق الكفاح من أجل نيل الحرية والإستقلال.
وفي خضم هذا الإجماع على مواجهة الاستعمار وحمله على الاعتراف باستقلال البلاد، شهد المغرب عدة مظاهرات شعبية كانت كافية لتوجيه رسائل واضحة إلى السلطات الاستعمارية بأن المغرب ملكا وشعبا قد صمما على النضال للدفاع عن الوطن والمواطنين من بطش المستعمر.
وكان مؤتمر "أنفا" في شهر يناير 1943 مناسبة التقى خلالها الملك الراحل محمد الخامس "بطل التحرير"، مع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية فرنكلين روزفيلت، ورئيس وزراء بريطانيا وينستون تشرشل، حيث طرح الخامس خلال هذا المؤتمر قضية استقلال المغرب تماشيا مع مبادئ ميثاق الأطلسي في ذلك الوقت.
وجاءت اللحظة التاريخية المناسبة، التي عكست ذكاء الحركة الوطنية المناضلة ضد الاستعمار، التي أكدت التحام العرش والشعب، حيث قرر فيها الجميع خوض غمار النضال السياسي لاستقلال المملكة المغربية، تلك اللحظة التي عمل فيها الوطنيون المغاربة على التقاط الفرصة المواتية عندما تأكد فيها بأن النظام النازي لهتلر لا يمكن المراهنة عليه ولا يمكن قبوله لأنه ماض نحو الزوال، وما رافق ذلك من متغيرات سياسية كبيرة على صعيد القارة الأوروبية.
وما إن حلت السنة الموالية لانعقاد مؤتمر أنفا، أي سنة 1944، حتى هيأت نخبة من الوطنيين وثيقة ضمنوها المطالب الأساسية المتمثلة في استقلال البلاد، وذلك بتشجيع وتزكية من الراحل محمد الخامس الذي كان يشير عليهم بما يقتضيه نظره من إضافات وتعديلات وانتقاء الشخصيات التي ستتكلف بتقديمها مع مراعاة الشرائح الاجتماعية وتمثيل جميع المناطق في بلورة هذا الحدث المتميز في تاريخ البلاد.
وكان لتقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال الأثر العميق في مختلف جهات المملكة، إذ تلتها صياغة عرائض التأييد، كما نزلت جماهير غفيرة إلى الشوارع في مظاهرات تأييد أشهرها مظاهرة 29 يناير 1944، التي تصدت لها قوات الاحتلال بالرصاص مخلفة العديد من الشهداء.
وبفضل هذه الملحمة البطولية ، تحقق أمل الأمة المغربية قاطبة في عودة "بطل التحرير" محمد الخامس الذي مثل أيقونة المقاومة وقتها من منفاه الذي فرضته سلطات الحماية حاملا معه لواء الحرية والاستقلال ومعلنا عن الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر من أجل بناء المغرب الجديد الحر والمستقل.