فجر إيف أوبان ميسيريار، السفير الفرنسي المخضرم، قنبلة دبلوماسية، كاشفا النقاب عن مخطط أمريكي لنقل السيناريو السوري إلى دول مغاربية بدأته واشنطن بإشعال بؤر توتر طائفي وعرقي في المغرب والجزائر. ولم يتردد الديبلوماسي، الذي سبق أن عمل سفيرا لفرنسا في العراق وتونس، في القول بأن الجهات الدولية، التي تحرك خيوط مواجهات عسكرية وشيكة في الشرق الأوسط، بدأت تتحرك لرسم حدود داخلية في أكبر دولتين مغاربيتين في إشارة إلى المغرب والجزائر. وأوضح الدبلوماسي، المتخصص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، صاحب كتاب “العالم العربي … التغيير الكبير”، أن المخطط الجهنمي يهدف، في مرحلة أولى، إلى نقل النموذجين المصري والسعودي إلى المنطقة، وذلك بالدفع في اتجاه إرساء أنظمة دكتاتورية “عسكرية” في الجزائر و”دينية” بالمغرب لنسف كل معالم الانتقال الديمقراطي.
وحسب ما أوردته جريدة الصباح في عدد أمس الخميس، فقد توقع ميسيريار فشل مخطط تفتيت دول الاتحاد المغاربي، لأن شعوب المنطقة سترفض تكرار ما وقع في سورياوالعراق وأن بنية الدول المستهدفة تمنحها مناعة ضد ذلك، خاصة المغرب الذي استبق رياح النزعات الانفصالية بإقرار نظام جهوية موسعة تمنح صلاحيات كبيرة لمجالس منتخبة في 12 جهة.
وتتزامن تصريحات السفير الفرنسي مع تحذيرات من تحركات جهات دولية تريد التدخل من أجل استغلال النزاع الإقليمي المفتعل حول أحقية سيادة المغرب على صحرائه، وتحويله إلى رهان جيو إستراتيجي لإضعاف المملكة، جريا وراء وهم الريادة الإقليمية، وذلك من خلال توسيع دائرة “الفوضى الخلاقة” على حد تعبير الإدارة الأمريكية في وصفها لما يقع في الشرق الأوسط.
وتذكر الأصوات المحذرة بأن واشنطن سبق لها أن فككت أوصال دول كثيرة بذريعة الحق في تقرير المصير، كما وقع في حالة “الاتحاد السوفياتي” سابقا، وتيمور الشرقية (اندونيسيا)، وجنوب السودان، وتشيكوسلوفاكيا، ويوغوسلافيا.. محذرة من أن البقية آتية لا ريب فها في أفق تفكيك دول وشعوب العالم باسم تقرير المصير والجهوية واللامركزية والفيدرالية.
وسبق للمغرب أن عبر عن مخاوفه من المخططات العابرة للحدود، إذ وصف الملك، عند مشاركته في قمة خليجية، المنطقة العربية بأنها تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة و تقسيم الدول، كما هو الشأن في سورياوالعراق وليبيا ، مع ما يواكب ذلك من قتل و تشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي.
واعتبر الخطاب الملكي أن ما تم تقديمه ربيعا عربيا تحول إلى خريف كارثي، يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز، محذرا من أن تحالفات جديدة ، قد تؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، على اعتبار أنها ليست إلا محاولات لإشعال الفتنة، و إثارة فوضى جديدة ، لن تستثني أي بلد، وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة ، بل وعلى الوضع العالمي.