عندما وصل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إلى جانب رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إلى العاصمة التونسية، للمشاركة في اجتماع تشاوري مغاربي، كانت الأعين تنظر في المدى البعيد للخطوات السياسية وتبعاتها التي تقدم عليها الأطراف المعنية في محاولة لإخراج المغرب وموريتانيا من التكتل المغاربي.
فالتحرك التونسي في هذا الصدد، مدفوع وفق متابعين من الجزائر التي ترقب بعين التوجس للتحركات المغربية الإقليمية والمبادرات التي يقوم بها، مثل انضمامه إلى منظمة التكتل الاقتصادي في غرب إفريقيا "إيكواس"، والمبادرة الأطلسية التي تقدمها الرباط لدول الساحل، وسابقا انضمامه إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي ترغب في انشاء تكتل ينافس "التكتلات" المغربية، خاصة أن الرئيس الجزائري لم يخف هذا الأمر، وصرح بأن المغرب لم يستشر أحدا في قيامه بتلك المبادرات.
احتضان تونس لهذا الاجتماع، قوبل برفض من طرف الساسة في بلد "ثورة الياسمين"، على غرار حزب المجد التونسي، الذي أعرب زعيمه عبد الوهاب هاني، عن رفضه لهذه المبادرة الجزائرية، لكونها تأتي "بعد أن قررت الجزائر سحب موظفيها ومساهماتها المالية من اتحاد المغرب العربي على خلفية تصريحات وتعيينات الأمين العام التونسي الطيب البكوش".
وبحسب السياسي التونسي في حديثه لصحيفة "القدس العربي" وقف عند ما اعتبره ب"الرغبة المفهومة للجزائر" لقبر تجربة اتحاد المغرب العربي، داعيا تونس إلى عدم مجاراة الجزائر في ذلك، على اعتبار -وفق قوله – أن تونس من أكبر الرابحين من الاتحاد الخماسي، ولا سيما أن منصب الآمانة العامة من نصيب تونس.
الاجتماع التنسيقي جاء بدعوة من الرئيس التونسي، قيس سعيد واستكمالا للاجتماعات التي عقدت في الجزائر بمبادرة من الأخيرة، على هامش استضافتها قمة الدول المصدرة للغاز في بداية مارس الماضي، حيث أجرى المسؤولون المغاربيون الثلاثة محادثات في هذا الشأن، خلصت إلى عقد قمة كل ثلاثة أشهر بين المعنيين، تكون أولها في تونس، حسب ما أفاد به الرئاسة الجزائرية حينها.
وأثارت هذه المبادرة الجزائرية الكثير من الجدل بشأن نية الجزائر تأسيس تكتل مغاربي ثلاثي يقصي المغرب، وذلك رغم توضيح بعض الأطراف، خاصة الطرف الليبي، موقفه في هذا الصدد، فيما أكد مصدر ليبي مسؤول لجريدة هسبريس أن "الاجتماع الثلاثي الذي ستحتضنه تونس سيناقش فقط المسائل الأمنية المرتبطة بضبط الحدود، وسينصب على دراسة التحديات والتهديدات التي تشهدها الحدود المشتركة بين الدول الثلاث".
وتعد الجزائروتونس وليبيا إضافة إلى المغرب وموريتانيا، أعضاء في اتحاد المغرب العربي الذي تأسس في 17 فبراير 1989. ويهدف التكتل المغاربي إلى فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.
لكن في ظل خلافات بين بعض دوله، يواجه الاتحاد منذ تأسيسه عقبات أمام تفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية، ولم تُعقد أي قمّة على مستوى قادة الاتحاد منذ قمة 1994 في تونس.