لم يمر قرار الحكومة المغربية بمصادرة العديد من العقارات والأراضي التابعة للدولة الجزائرية في العاصمة الرباط، "لأغراض توسيع مبان خدمية تابعة لوزارة الشؤون الخارجية المغربية"، دون صب مزيد من الزيت فوق النار الملتهبة أصلا في العلاقات المغربية الجزائرية. فعلى الرغم من أن السلطات المغربية لم تصدر أي إعلان رسمي حول هذا الموضوع، إلا أن وزارة الخارجية الجزائرية ردت في بيان لها، حيث أدانت "بأشد العبارات" ما أسمته "مشروع مصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب"، مؤكدة أن الحكومة الجزائرية "سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة".
وكشفت الجزائر في بيان لخارجيتها، "لقد دخلت المملكة المغربية في مرحلة تصعيد جديدة في تصرفاتها الاستفزازية تجاه الجزائر، وقد تجلت هذه الاستفزازات الجديدة مؤخرا من خلال مشروع مصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب"، معتبرة ذلك يشكل انتهاكا جسيما لاحترام وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية لدول ذات سيادة الذي تكرسه القوانين والأعراف الدولية"، مشيرا إلى أن "المشروع المغربي، الذي يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، ينحرف بشكل خطير عن التزامات اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، التي تفرض عليها احترام وحماية السفارات المتواجدة على ترابها مهما كانت الظروف".
وفي تعليقه على بيان الخارجية الجزائرية، اعتبر عبد الفتاح نعوم، المحلل السياسي، أنه ليست كل الممتلكات الدبلوماسية والقنصلية لدولة داخل دولة أخرى هي مشمولة بالضرورة بمقتضيات اتفاقية فيينا، بل إن منها ما يكون واقعا تحت سلطة الولاية القضائية للدول الأعضاء، ومن ضمن ذلك صلاحية تنفيذ مقتضيات القانون الإداري المؤطر لضرورات نزع الملكية للمنفعة العامة.
النظام الجزائري الذي يدين القرار المغربي، تناسى قيامه ليلة عيد الأضحى المبارك من سنة 1975، بطرد 45,000 عائلة مغربية مقيمة على أراضيها، واتبعت ذلك في مارس من عام 1976 باعترافها بجهبة البوليساريو المسلحة.
التصعيد الجزائري ضد المغرب يعيد شبح القطيعة السياسية والجغرافية بين البلدين، حيث الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994 بناءً على طلب تقدمت به الجزائر بعد أن تورط أجهزة مخابراتها في تفجيرات مراكش باستخدام عملاء فرنسيين من أصول شرق أفريقية وفرضت استخراج تأشيرة دخول على المواطنين الجزائريين وطردت أولئك الذين لا يحملون رخصة إقامة.
لغة الإدانة والتهديد والوعيد الجزائري ضد المغرب ليس هو الأول من نوعه، بيد أنه يدفع في إتجاه تعميق الهوة التي تجلت في إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطيران المغربي، ورفض الجزائر تجديد عقد خط الغاز المغاربي الأوروبي الذي يحمل الغاز إلى أسبانيا عبر المغرب.