وأشادت آوي ندييايي، ممثلة الشتات الافريقي في أوروبا التابع للاتحاد الافريقي، بالمبادرة الملكية الاستراتيجية لمنح دول الساحل فضاء جديدا على المحيط الأطلسي، باعتباره قاطرة للإقلاع الاقتصادي لدول المنطقة. جاء ذلك في سياق مداخلتها ضمن الندوة المنظمة حول الحق في التنمية وقضايا الأمن والاستقرار ببلدان المغرب وشريط الساحل، والتي تأتي على هامش الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف. وصرحت آوي ندييايي، ممثلة الشتات الافريقي في أوروبا التابع للاتحاد الافريقي، إلى "العجز عن بلوغ أهداف التنمية، في ظل انتشار كل أشكال الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل، المكونة من ست دول، تعيش أغلبها اضطرابات سياسية ومشاكل اقتصادية واجتماعية وامنية". ويرتقب أن تعرف هذه الدول انفجارا ديمغرافيا ببلوغ 350 مليون نسمة في أفق العام 2050، بعدما لم يكن الرقم يتجاوز 135 مليون نسمة في العام 2015. وتعيش الساكنة أوضاعا اجتماعية صعبة بأقل من دولارين في اليوم وهو مؤشر على شدة الفقر تعرفه 47 دولة عبر العالم، جلها في القارة الإفريقية، تضيف المتحدثة نفسها.
وتواجه دول الساحل تحديا كبيرا أجملته المتدخلة ممثلة الشتات الافريقي في أوروبا، في سؤال كيف نربح معركة التنمية في الساحل، لتجيب بضرورة "تحسين ظروف عيش الساكنة وضمان الاستقرار السياسي للأنظمة، والقضاء على الجماعات الإرهابية التي تحتل مناطق واسعة من بلدان الساحل، بالإضافة إلى معالجة ظاهرة بطالة الشباب".
واستفحلت الأوضاع الأمنية بحسب المتحدثة نفسها بمنطقة الساحل، بعد سحب فرنسا لقوات براخان، التي كانت تنتشر في المنطقة، ما يستدعي البحث عن بدائل تتمثل في تبني سياسات أمنية إفريقية مشتركة، وانخراطا أكبر لمؤسسة الاتحاد الافريقي ومنظمة سيدياو.
من جهته، أكد سهيل الحادج كلاز، الباحث والمحاضر بمعهد جنيف، أن "قضايا السياسة والأمن تخيم على منطقة الساحل وتلقي بظلالها على أفق التنمية وحقوق الإنسان بالمنطقة".
ووضع سهيل الحادج كلاز، التعاون الدولي في قفص الاتهام، كونه "لم يعط النتائج المرجوة في تحقيق الاستقرار بالمنطقة"، مشيرا إلى تجربة التعاون مع الاتحاد الأوروبي، الذي وقع عدة اتفاقيات مع دول من الساحل وشمال إفريقيا، لكنها "لم تنجح لا في تحسين أوضاع تلك الدول ولا في الحد من موجات الهجرة غير النظامية".
وأرجع الأستاذ المحاضر بمعهد جنيف، الأوضاع الحالية غير المستقرة في دول الساحل، إلى "الخطط الموضوعة والتي تتسم دائما بردة الفعل ولا تعتمد الاستراتيجيات الاستباقية، كما لا تأخذ بعين الاعتبار القضايا الاستراتيجية التي تهدد المنطقة على المستوى البعيد".
وأشار الحادج كلاز، إلى "الانتقائية في الاهتمام ببعض القضايا، حيث يتم ترجيح كفة القضايا الأمنية، ويتم التغافل عن قضايا التربية والتكوين"، وهو ما يكرس بحسبه "الأوضاع المضطربة في المستقبل بمنطقة شمال إفريقيا والساحل"، حيث يؤدي انتشار الأمية إلى "تكريس نزعة التوترات الداخلية في ظل نسب نمو ديمغرافية مرتفعة".
وتعرف دول الساحل بحسب الأستاذ المحاضر، هيمنة الفئات الشابة ما دون سن الخامسة والعشرين على الهرم السكاني، إذ تشكل أزيد من 64 في المائة من الساكنة أغلبها بدون مستوى دراسي، وهو ما يكرس الأوضاع الحالية المتسمة بالاضطراب.
ويشكل الاهتمام بالتربية والتعليم، بحسب الحادج كلاز، "أحد أدوات التغيير، عبر محاربة الأمية، التي تعد مدخلا للإقلاع الاقتصادي، وبداية إعمال للحق في التنمية".
وختم المحاضر مداخلته بالتأكيد على أن "ما تعانيه دول الساحل جراء موجات النزوح والهجرات الداخلية، يعادل أضعاف ما تشهده القارة الأوروبية".
وتعيش منطقة الساحل بحسب المنظمين على وقع تحديات خاصة أبرزها مواجهة ظاهرة التصحر والهجرة وبطالة الشباب وضعف البنية التحتية والتوترات العرقية، تنضاف إليها الجوانب الأمنية، من خلال انتشار خطر الإرهاب الذي يثير قلقا خاصا، نظرا للتداعيات الكبيرة لوجود الجماعات الإرهابية مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبوكو حرام في قطاع الساحل.