يبدو أن "الأزمة الصامتة" بين الرباطوباريس تسير نحو نهايتها خاصة بعد استقبال الأميرات للا مريم، وللا أسماء، وللا حسناء في مأدبة غداء بقصر الإليزي، أمس الإثنين، بدعوة من السيدة الأولى لفرنسا بريجيت ماكرون.
الخبير في العلاقات الدولية أحمد نور الدين، قال إنه "رغم الطابع العائلي لهذه الدعوة من السيدة الأولى لفرنسا، إلا أن بلاغ الرئاسة الفرنسية وقصاصة وكالة المغربي العربي للأنباء، تجعل من استقبال الأميرات حدثا دبلوماسيا رسميا يحمل إشارات سياسية قوية ورغبة في إذابة الجليد في العلاقات الرسمية".
وأوضح نورالدين، في تصريح ل"الأيام 24″، أن الرئاسة الفرنسية أعلنت أن هذا الاستقبال يندرج في إطار "استمرارية علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين" وأن الرئيس الفرنسي "حضر لتقديم التحية للأميرات"، وأردفت أن الرئيس ماكرون "أجرى مؤخرا مكالمة هاتفية مع جلالة الملك".
واعتبر نورالدين، أن تفاصيل الزيارة تؤكد أن الاستقبال هو "خطوة تتوج تصريحات الرئاسة الفرنسية ووزير الخارجية الفرنسي الذي صرح بأنه تلقى تعليمات لإعادة العلاقات بين باريسوالرباط إلى مسارها الطبيعي".
وكان وزير خارجية باريس ستيفان سيجورني قال في تصريح لموقع فرنسي إنه "سيقوم بكل ما في وسعه لتحقيق التقارب بعد سوء الفهم الذي حصل، وذلك في احترام للمغاربة".
ويرى نور الدين، أن حديث سيجورني عن "احترام المغاربة، ليس كلاما في الهواء، بل يعني تصحيح خطأين أساسيين، الأول إزالة أسباب الإساءة الشخصية للعاهل المغربي والتي تحدث عنها الكاتب الطاهر بن جلون في وقت سابق"، مردفا "يبدو أن هذا ما ترمي إليه دعوة الأميرات إلى قصر الإليزي، بعد موافقة من العاهل المغربي كما أكدته قصاصة "لاماب".
أما تصحيح الخطأ الثاني، فيتم، حسب نور الدين، "بالاعتراف الصريح بمغربية الصحراء لإعادة الثقة بين البلدين، ولتصحيح الخطأ التاريخي تجاه المغرب، على اعتبار أن فرنسا ساهمت إلى جانب إسبانيا في تقسيم أراضي المملكة المغربية، وعليها أن تساهم بفعالية في الاعتراف بسيادته على أراضيه".
وأفاد نور الدين، أن تصريحات السفير الفرنسي بالمغرب، وتصريحات الوزير سيجورني في البرلمان الفرنسي تسيران في نفس توجه ما قالا إنها "تعليمات الرئيس ماكرون لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع المملكة"، مبرزا أن كل هذه الإشارات وغيرها "توحي أن هناك موقفا فرنسيا أساسيا يُطبخ على نار هادئة".
وأشار نور الدين، إلى أن ما يعزز هذا التوجه هو ضغط البرلمان الفرنسي، وضغط المؤسسات الفرنسية الرسمية التي ظلت تردد أن العلاقات مع المغرب علاقات استراتيجية ولا يمكن التفريط فيها خاصة بعد طرد فرنسا من عدة دول إفريقية، مما جعل موقعها الكلاسيكي يتأرجح في القارة، ولا يتحمل هزات أخرى مع حلفاء تقليديين.