في ظل التطورات والمتغيرات الجيوستراتيجية التي باتت تشهدها منطقة شمال إفريقيا، خاصة بعد تسهيل "المبادرة الملكية الأطلسية" دخول دول الساحل الأربعة إلى المحيط الأطلسي، والصراع الحاصل بين الجزائر ومالي خصوصا بعد خروج هذه الأخيرة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب (سيدياو)، تحاول الجزائر تصريف "تداعيات هذه الأزمة" باستدعاء اسم المغرب، مُحاوِلة إقحام إسم المملكة في صراعها مع باماكو.
وحاول السفير الجزائري السابق في مدريد، عبد العزيز الرحبي، تحميل الرباط مسؤولية التوتر القائم بين الجزائر ومالي، بعدما أكد على وجود "نظام إقليمي جديد ترغب الجهات الأجنبية في إقامته في منطقة الساحل التي أصبحت ساحة اختبار"، مشيراً إلى أنه "لا يمكننا أن نتصور أن دول الساحل يمكن أن تسعى إلى الوصول إلى المحيط الأطلسي. إنه ليس منطقا جغرافيا ولا اقتصاديا، بل هو رسالة دبلوماسية واضحة".
تعليقا على هذا الموضوع، قال موسى المالكي، أستاذ باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الجيواستراتيجية، إنه "من الواضح جدا أن النظام الجزائري يعاني من عقدة وجودية اسمها المغرب، محاولا إقحامه في تفسير الفشل الذريع الذي تعانيه منظومته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والديبلوماسية".
وأضاف المالكي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "مختلف الانتكاسات التي تحصدها السياسات العدائية الجزائرية، سواء تعلق الأمر بصدمة رفض إنضمامها لمجموعة البريكس التي عولت عليها كثيرا لفك عزلتها الاقتصادية والسياسية، أو انتفاضة دول إفريقيا ضد تدخلها في شؤونهم الداخلية وقضاياهم السيادية تضاف لفشل المشروع الانفصالي الهادف لزعزعة استقرار الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية".
وتابع المتحدث عينه أن هذا "المشروع الذي ضخ فيه قادتها أموال الشعب الجزائري الشقيق الذي يستحق الإستفادة من عائدات صادرات النفط والغاز الطبيعي في تسليح ودعم واحتضان مجموعات انفصالية تحولت لحاضنة للتهريب وللأنشطة الإجرامية والتهريب وأضحت منبوذة إقليميا ودوليا ومصيرها التفكك والزوار وعودة المحتجزين في تندوف المعتقلون في سجون المخيمات إلى وطنهم الأم للانخراط في مسيرة التنمية بأقاليمنا الجنوبية".
وأشار الباحث في السياسات الإستراتيجية إلى أنه "يمكن تفسير هذه الانكسارات والخيبات الدبلوماسية للنظام الجزائري، كونه لم يستطع فهم واستيعاب التحولات الجيواستراتيجية الكبرى، التي يعيشها العالم والإقليم والقارة، وإعادة صياغة النظام الدولي وسعي الدول الإفريقية للتحرر من مخلفات الاستعمار الأجنبي، بحثا عن تحقيق مصالحها الوطنية وصيانة وحدتها الترابية وتحقيق السيادة الكاملة على سياساتها ومواردها الطاقية والمنجمية".
وعاد المتحدث، ليذكر أيضا أنه "ضمن نفس هذا السياق من حق جميع الدول ذات السيادة الإلتحاق بمجموعات وتكتلات ومبادرات ذات بعد إقليمي أو قاري، ترى فيها تحقق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، ولا يمكن للنظام الجزائري أن يفرض وصايته على تلك الدول أو يحاول عرقلة وتضييق اختياراتها وابتزاز مواقفها بالتهديد والوعيد".