أعاد اعتقال قياديين بارزين في حزب الأصالة والمعاصرة على خلفية ما بات يعرف بملف "إسكوبار الصحراء"، ضمن مجموعة تضم 23 مشتبها فيهم بتهم "الاتجار الدولي للمخدرات بالتزوير والنصب وجرائم أخرى ثقيلة"، إلى الواجهة من جديد قصة الصراعات التي عرفها حزب "البام" على مر السنوات القليلة الماضية، خاصة تلك التي برزت سنة 2019 بين تيار المؤسسين بقيادة حكيم بنشماس الأمين العام السابق للحزب، وتيار الأمين العام الحالي عبد اللطيف وهبي، الذي يضم كلا من سعيد الناصيري رئيس الوداد الحالي وعبد النبي بعيوي رئيس مجلس جهة الشرق وآخرون من الذين عصفت بهم رياح "إسكوبار الصحراء" ورمت بهم في سجن عكاشة في انتظار استكمال التحقيق والبت في الملف.
كما أعادت هذه الواقعة إلى الأذهان من جديد الرسالة التي كان بعث بها حكيم بنشماس إلى أعضاء حزبه شهر يونيو من سنة 2019، من الإكوادور، اتهم من خلالها من أسماهم ب"المليارديرات" بمحاولة "سرقة الحزب"، قبل أشهر من مغادرته قُمرة قيادة حزب "الجرار".
"هي معركة نتشابك فيها مع قوة نشأت وترعرعت في سياق الانحرافات التي وقعت في صفوفنا؛ فتغولت وارتدت لبوس الشبكة أو الأخطبوط ذي الأذرع المتعددة"، يقول بنشماس في نص رسالته، مردفا أنه "من خلال تتبعنا لوقائع ومحركات وخلفيات هذه المواجهة؛ ومن خلال ما أظهرته، بصفة خاصة، تسجيلات اجتماع 'السبت الأسود'، ووقائع 'لقاء الدشيرة' الغريب عن الدشيرة، وما تبعه من 'لقاء الخيمة' المائلة، وما سيظهر حتما في لقاءات قادمة. من خلال كل ذلك، ومن خلال أدلة أخرى سنكشف عنها في الوقت المناسب، أجزم بأن لهذا الأخطبوط رأس تتساقط وتتكشف أقنعته تباعا، رأس يتخذ شكل ما أجرؤ على تسميته بالتحالف المصلحي لبعض مليارديرات الحزب الجشعين".
وأردف، أن هؤلاء المليارديرات "أبرز من يظهر منهم على المكشوف موزعون؛ من حيث المنشأ والامتداد، على مناطق طنجة والنواحي؛ الحسيمة والنواحي؛ بني ملال والكثير من النواحي آسفيمراكش والكثير من النواحي أيضا"، متسائلا: "ما الذي يجمع بين مكونات هذه الشبكة الناشئة؟ وما سر التحالف بين أقطابها؟".
وأكد، أن هؤلاء يريدون "أمينا عاما جديدا مطواعا وخنوعا وتحت الخدمة كمدخل للتحكم في التزكيات لأنها مدرة للدخل المباشر الغزير الذي لا يجد طريقه لحساب الحزب البنكي؛ والذي ينفع لشراء الولاءات وصناعة "زعامات" قادرة على إحداث الضجيج. ولأنها المعبر الضروري نحو الجماعات الترابية بما تتيحه من عقد الصفقات وضمان تجديد الصفقات لفترة أطول".
وتساءل بنشماس: "لماذا يعضون بالنواجد على سرقة اللجنة التحضيرية، في تحد خطير للجنة التحكيم والأخلاقيات وفي استهتار بكل القوانين والأعراف ولماذا يستعجلون عقد المؤتمر الوطني في يوليوز؟"، مجيبا بالقول إنهم "يسعون للتزكيات لأنها مدرة للدخل المباشر الغزير الذي لا يجد طريقه لحساب الحزب البنكي؛ والذي ينفع لشراء الولاءات وصناعة "زعامات" قادرة على إحداث الضجيج. ولأنها المعبر الضروري نحو الجماعات الترابية بما تتيحه من عقد الصفقات وضمان تجديد الصفقات لفترة".
وتثير رسالة بنشماس المحررة ب"إحدى قمم جبال الأنديز" سنة 2019، عديد التساؤلات حول هوية المليارديرات الذين اتهمهم رئيس مجلس المستشارين السابق بمحاولة "سرقة الحزب"، ووعد بكشفهم في "الوقت المناسب"، في الوقت الذي يتابع فيه أقوى داعمي عبد اللطيف وهبي من أصحاب المال والأعمال، فيما يعرف حاليا بقضية إسكوبار "المالي" أمام القضاء المغربي بتهم جد ثقيلة.
يشار إلى أنه في أولى ساعات صباح يوم الجمعة 22 دجنبر 2023، قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، متابعة سعيد الناصيري القيادي بحزب البام، ورئيس نادي الوداد الرياضي لكرة القدم، في حالة اعتقال وأمر بإيداعه سجن عكاشة، إلى جانب متهمين آخرين، من بينهم الميلياردير ورجل الأعمال الشهير ورئيس جهة الشرق والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة عبد النبي بعيوي.
وتوبع المتهمون بتهم ثقيلة تتعلق ب"التزوير في محرر رسمي والمشاركة في تزوير سجل ومباشرة عمل تحكمي، الإرشاء وتسهيل خروج أشخاص من التراب المغربي في إطار عصابة واتفاق، والمشاركة في مسك المخدرات، ونقلها وتصديرها، إخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة، والتزوير في محررات رسمية وعرفية واستخدام مركبات ذات محرك".
وكانت الصحيفة الفرنسية "جون أفريك"، قد كشفت خيوط الملف الصيف الماضي، بعد نشرها تفاصيل القصة الكاملة ل"أوسكوبار الصحراء" المعتقل منذ 2019 بسجن الجديدة، والذي اتهم عدة وجوه سياسية بارزة في المغرب بالاستيلاء والسطو على ممتلكاته بطرق ملتوية، مستغلين تواجده بالسجن.