يعتبر ملف الهجرة السرية أو غير النظامية من الملفات المهمة التي تحتفظ بها دولة إسبانيا في علاقتها مع جوارها الأفارقة، وتنظر إسبانيا بعين الرضى إلى تعامل المغرب مع هذا الملف الثقيل من خلال العمل على وقف تدفّق المهاجرين الوافدين من جنوب أفريقيا الذين يسعون للوصول إلى أوروبا. ويصادف تاريخ 18 دجنبر، اليوم العالمي للمهاجرين، الذي يعد فرصة للحديث عن الجهود التي يبذلها كل من إسبانيا والمغرب في مكافحة ظاهرة الهجرة السرية، ومدى تأثيرها على نسق العلاقات الثنائية بين البلدين وأيضا تداعياتها على المنتظم الأوروبي.
محمد الروين، باحث مغربي في جامعة مدريد المستقلة، وخبير في شؤون العالم الإيبيري والعلاقات الإسبانية-العربية، يقول إن "إسبانيا تعيش تحت ضغط الهجرة غير النظامية منذ سنوات، لكنها تستفيد من هذه الهجرة في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما تتحدث عن ذلك لغة الأرقام وكلام المسؤولين الإسبان"، مؤكدا أن إسبانيا "تحتفظ بهذا الملف كورقة ضغط تجاه المغرب والدول الافريقية".
وأضاف محمد الروين، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "عدم احترام حقوق الانسان وحقوق القاصرين على الحدود المستقبلة للمهاجرين، هو خرق تام للمواثيق الدولية، فاتفاقية جنيف للاجئين على سبيل المثال لا الحصر، هي اتفاقية تقول بضرورة استقبال كل مهاجر يخشى على حياته من الخطر"، مضيفا أن "المفارقة الكبرى هو أن دول الغرب تخلق بيئة طاردة لأبنائها في دول الجنوب وترفض استقبالهم في نفس الآن".
وتابع المتحدث عينه أن "منظمات حقوقية كثيرة تنتقد تعاطي السلطات الإسبانية مع موضوع الهجرة،بل هناك أحكام قضائية رفضت ما يسمى في إسبانيا بالعودة الساخنة (Devolucion en caliente)، أي ارجاع المهاجر غير النظامي لبلده بمجرد أن تطأ قدماه التراب الإسباني".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "هناك أحكاما قضائية كثيرة صدرت مؤخرا في الموضوع تقضي بعدم مشروعية هذا الفعل في سياق ما عرف بأزمة المهاجرين في سبتة، بعد دخول حوالي 9000 مهاجر في ظروف الأزمة التي عرفها البلدان المغرب وإسبانيا سابقا".
وأردف أيضا أن "ألباريس الذي حضر إلى الرباط أثنى على التنسيق والتعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال الهجرة غير النظامية، إلى جانب الأمن ومحاربة الإرهاب، على اعتبار أن هذه المواضيع متداخلة مع بعضها البعض".
"الباريس أكد أن هناك ارتفاعا خفيفا في معدلات الهجرة غير النظامية بين البلدين، وهذا يدل على التعاون المسؤول والوطيد بين البلدين، فحسب الرجل هناك تعاون غير مسبوق في هذا الموضوع"، يقول المتحدث.
ودعا الروين "المغرب وإسبانيا، إلى تجاوز المقاربة الأمنية لموضوع الهجرة وتطوير مقاربة شمولية إنسانية دامجة تضع البعد الحقوقي والإنساني في المركز".