عادت الاحتجاجات الشعبية لتعم مدن الجنوب الجزائري والسبب دوما هو "الغاز الصخري" الذي ترفض الساكنة استخراجه لما له من عواقب وخيمة على البيئة. نظم اليوم السبت تجمع حاشد بمدينة ورغلة (وسط الجزائر) احتجاجا على مشروع استغلال الغاز الصخري الذي فجر موجة من الغضب وسط الساكنة بمناطق الجنوب.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن المشاركين في التجمع، وضمنهم قادة أحزاب المعارضة، رفعوا شعارات من قبيل "لا للغاز الصخري"، و"صامدون صامدون.. للغاز الصخري رافضون"، و"الوحدة والسيادة من أجل إيقاف الغاز الصخري" وغيرها.
وشارك في التجمع شخصيات سياسية عضو في (التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي)، على غرار رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (المعروف اختصارا ب أرسيدي) محسن بلعباس، ورئيس حزب (جيل جديد) سفيان جيلالي. وواكب هذا التجمع تعزيزات أمنية مشددة، حيث جندت السلطات الأمنية بولاية وركلة أكثر من 3 آلاف شرطي ودركي، لمواجهة أي احتمال، وفق صحيفة (الخبر).
ومنذ بداية السنة الجارية، سجلت بالجزائر، لاسيما بمدينة عين صالح الجنوبية التي شرعت فيها أعمال حفر أول بئر لاستغلال الغاز الصخري، احتجاجات حيث عبرت ساكنة هذه المدينة عن مخاوفها من الآثار السلبية للمشروع سواء على المحيط البيئي أو على الفرشة المائية للمنطقة، الهشة أصلا.
وقبل نحو أسبوعين، أصيب 40 شرطيا خلال صدامات دارت بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يحتجون على استكشاف الغاز الصخري في عين صالح، وفق وزارة الداخلية التي أفادت في بيان لها أنه خلال هذه الصدامات "تم حرق مقر إقامة رئيس الدائرة وإضرام النار بمقر الدائرة" وبمرافق أخرى.
وتفجرت هذه الصدامات بعد إقدام المحتجين على محاصرة الشركة الأمريكية (هاليبرتون) المكلفة بالتنقيب عن الغاز الصخري، على بعد نحو عشرة كيلومترات عن مدينة عين صالح، وهي الخطوة التي قابلتها الشرطة بتدخل عنيف.
ونددت عدد من الأحزاب السياسية في المعارضة باللجوء إلى القوة لمواجهة "مطالب مواطنة مشروعة"، فيما استهجنت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "ممارسة القمع" ضد المحتجين في عين صالح، "كوسيلة وحيدة تمتهنها السلطة لإخماد الاحتجاجات".
وفي خضم الاحتجاجات المندلعة منذ مطلع السنة الجارية، وجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رسالة بمناسبة الاحتفال بذكرى تأميم المحروقات (24 فبراير)، اعتبر فيها أن الغاز الصخري "هبة من الله". ودعا إلى الاستفادة من الطاقات التقليدية وغير التقليدية والطاقات المتجددة المتوفرة في البلاد، مع الحرص على حماية صحة المواطنين والبيئة.
وكان الشروع في أعمال التنقيب عن الغاز الصخري في أول بئر بعين صالح مع بداية شهر يناير الماضي، تسبب في احتجاجات محلية توسعت إلى باقي ولايات الجنوب، لمخاوف من أضرار صحية وبيئية قد تنجم عن المشروع.
ويتطلب استغلال بئر واحد من الغاز الصخري كمية كبيرة من المياه تفوق بكثير ما يتطلبه بئر تقليدي للنفط، مما سيجعل المنطقة معرضة لشح مائي حاد في حال شرعت الشركة الوطنية للمحروقات (سوناطراك) في تنفيذ مخططاتها باستغلال 200 بئر سنويا لإنتاج 20 مليار متر مكعب من الغاز. وتسعى الجزائر إلى الاستثمار في الغاز الصخري في ظل تراجع سعر النفط إلى أدنى مستوياته، على الرغم مما يلقاه المشروع من معارضة شعبية وكذا من قبل خبراء وإيكولوجيين.
وتصنف الجزائر في المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطات الغاز الصخري القابل للاستخراج، بعد الولاياتالمتحدة والصين والأرجنتين.