منذ الثامن من شتنبر الماضي، مازال المغرب يسجل هزات ارتدادية نتيجة الهزة الرئيسية التي سجلت بؤرتها في مركز إقليمالحوز، حيث شعر من جديد سكان أقاليم مراكش وشيشاوة والحوز، أمس الإثنين، بنشاط زلزالي خفيف متكرر في نفس المركز. وأثارت الهزة الارتدادية الأخيرة هلعا وخوفا في صفوف ساكنة الأقاليم المتضررة، حيث بات هذا النشاط مألوفا ومتكررا نظرا لتسجيل عشرات الهزات منذ الهزة الرئيسية التي خلفت خسائر مادية وبشرية فادحة.
نشاط زلزالي متكرر قال ناصر جبور، رئيس قسم المعهد الوطني للجيوفيزياء، إن "الهزة الأرضية التي سجلت أمس الإثنين بقوة 4.5 على سلم "ريشتر"، أحس بها ساكنة مجموعة من المناطق القريبة من البؤرة، التي حددت في جماعة ثلاث نيعقوب بإقليمالحوز"، مشيرا إلى أن "هذه الجماعة تعرف نشاطا زلزاليا، نظرا للتركيبة الجيولوجية للمنطقة، وهذا يسمى بنشاط زلزالي متكرر".
وأضاف ناصر جبور في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الهزات الارتدادية لم تتوقف منذ الهزة الرئيسية، وتسجل تقريبا كل يوم في مختلف المناطق المتضررة"، مؤكدا أن "95 في المائة من هذا النشاط غير محسوس، لأنه يقل عن 3 درجات، وعندما يفوق 4 درجات يشعر به الناس".
وتابع المتحدث عينه أن هذه "الهزات ستستمر لعدة أشهر، حتى تستعيد الأرض توازنها، وأنه دائما تكون البؤرة في إقليمالحوز، وذلك راجع للهزة الرئيسية التي سجلت في تلك المنطقة"، مشيرا إلى أنه "يمكن في المستقبل أن تكون هزات بعيدة عن المنطقة".
ظاهرة عادية من جهته، يرى عبد الرحمان الحرادجي، أستاذ التعليم العالي متقاعد، أن "استمرار وقوع الهزات الزلزالية الارتدادية بعد عدة أسابيع من حدوث الهزة الرئيسة، يعتبر ظاهرة عادية واعتيادية".
وأضاف الحرادجي، في تصريح ل"الأيام 24″: "عمليا هذا ما عشناه ونعيشه منذ 08 شتنبر 2023، وهو يوم حدوث الهزة القوية، ويمكن للوضع أن يستمر بوتيرة يرجح أن تكون أخف، مع تصريف الجزء الأكبر من مخلفات الطاقة المتراكمة والتي تم تحريرها تدريجيا"، مبينا أن "الارتدادات ظاهرة طبيعية، تجسد البحث التدريجي عن استقرار بموجب تحقيق توازنات جديدة للكتل الصخرية المتجاورة والتي تجزئها الفوالق والتصدعات والفواصل".
وأشار الخبير الجيولوجي إلى أن "تلاشي حدة الهزات الارتدادية ووتيرتها لا يعني بالضرورة الاقتراب من مرحلة إلغائها تماما، لأن الحركات الباطنية التي تكمن وراءها لم ولن تتوقف"، موضحا أن "الهزات الزلزالية مستمرة على الدوام في مناطق الضعف الجيولوجي عبر مختلف أرجاء الكرة الأرضية، حيث تعد بالآلاف يوميا بالنسبة للضعيفة جدا (أقل من درجتين) وبالمئات يوميا بالنسبة للضعيفة (2-3 درجات) وبالمئات سنويا بالنسبة للمتوسطة (5-6 درجات)، وهكذا دواليك".
وأردف الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الأول بوجدة أن "لا أحد يمكنه التنبؤ بموقع الزلازل القادمة ولا بحدتها ولا بتوقيتها، مما يجعل الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات، لكن بنسب ترجيح متفاوتة جدا. بمعنى أن تردد هزات قوية أو حتى متوسطة بعد زلزال الحوز يبقى احتماله ضعيفا جدا، بل حتى مستبعدا على المديين القريب والمتوسط".
وأبرز الحرادجي أنه "إذا كان هذا التقدير يبعث على التفاؤل، ففي الوقت نفسه يدعو إلى الحيطة والوقاية، بضرورة اعتماد كل الإجراءات المناسبة، بما فيها البناء بالمواصفات المقاومة للزلازل في الأماكن الحساسة مثل الانكسارات والفوالق التي يستحسن الابتعاد عنها قدر الإمكان بالنسبة للمباني والمنشآت المختلفة".