تلقت الدبلوماسية الداعمة لبوليساريو في الأيام القليلة الماضية الكثير من الصدمات تجلت أولاها في رفض فرنسا مشاركة الجبهة في القمة الإفريقية الأوربية المزمع عقدها في أبيدجان يومي 29 و30 نونبر ، حيث جاء في تصريح لوزير خارجية فرنسا جون ايف لو دريان،أن "الدول ذات السيادة فقط هي التي ستشارك في اجتماع الشراكة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الاوروبي". وثاني هذه الصدمات منع الوفد الممثل لجبهة البوليساريو من التواجد بمهرجان روسيا للشباب والطلبة المنظم بمدينة سوشي الروسية.
عبد الفتاح الفاتحي الخبير في قضايا الصحراء يجيب في هذا الحوار على ثلاثة أسئلة حول التحولات الإقليمية والدولية تجاه البوليساريو ومن يدعمها.
إنه نتاج لتراجع خطاب الانفصال لدى الرأي العام الدولي، وإعلان عن ارتباك حقيقي تعيشه دبلوماسية البوليساريو والجزائر، خاصة بعد تطبيق المغرب لخطة التضييق على مشاركة البوليساريو في المنتديات الدولية، من خلال تحكيم مبادئ القانون الدولي الذي لا يقبلها كيانا معترفا به.
وعمد المغرب إلى هذه الإستراتيجية بعد قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي وتفادي سياسة الكرسي الفارغ التي مكنت الجبهة لمدة طويلة من بث نشر معلومات خاطئة عن نزاع الصحراء. إلا أنه وبعد تعديلات المغرب على بنية سلكه الدبلوماسي، نجح في منع البوليساريو من المشاركة في عدد من اللقاءات الدولية، حيث تفهمت الدول الديموقراطية ضرورة تطبيق مبادئ القانون الدولي، إذ لا يسوي بين دول معترف بها أمميا والكيانات الوهمية. سيما وأن مشاركتها ذات طابع سياسي ودعائي في كثير من الأحيان ولا يتوافق مع جدول أعمال اللقاءات المنعقدة.
وعليه، فإن مشاركات البوليساريو في اللقاءات الدولية ستتراجع بعد استشعار الرأي العام الدولي بضرورة الالتزام بمقتضيات القانون الدولي، ولاسيما في مسألة الاعتراف الأممي.
وتراجع الأداء الدبلوماسي للبوليساريو خطير اليوم، حتى أنها باتت تسجدي من يقوم بزيارة لمخيمات الاحتجاز بتندوف، حيث تراجعت الوفود التي كانت الجبهة تدعي أنها (دولية) وتقوم بزيارة تضامن للمخيمات بشكل كبير جدا إن لم نقل أنها قد انعدمت.
هذه العزلة في خطاب البوليساريو بعد عقم في أدائها الدبلوماسي دوليا وإفريقيا عكسه بيان التهليل والترحيب بالزيارة التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء السيد هورست كوهلر، حيث تحس بأن أطروحتها تجوزت بعد ضبابية في الأفق السياسي لصنيعتها الجزائر.
لماذا برأيك رفضت فرنسا مشاركة البوليساريو في القمة الافرواوربية المزمع تنظيمها بأبيدجان؟
برفض فرنسا لمشاركة البوليساريو في القمة الافرواوربية تكون الدبلوماسية المغربية قد سنت عرفا دوليا سيتم الالتزام به في باقي القمم خاصة تلك التي تتعبأ فيها الجزائر ومن يدور فلكها فرض مشاركة وفد البوليساريو قسرا على مبادئ القانون الدولي.
وأعتقد أن القمة الافرواوربية ستكون الفيصل في تقوية خطة عزل الخطاب الانفصالي من الحضور في اللقاءات الدوليةّ، يضاف اليه أن الخطاب الانفصالي بات مزعجا في الوقت الرهن بعد الإجماع الدولي، بأنه يهد استقرار العالم والخريطة السياسية دولية.
بل إن خطاب الانفصال بات مزعجا أيضا حتى للكثير من الدول الإفريقية التي تعيش اليوم مطالبات انفصالية كما هو الحال في نيجريا والكوديفوار وغيرها من الدول الإفريقية. ولذلك فخطاب جبهة البوليساريو لم يعد يجد قبولا إقليميا ودوليا، ولذلك فمسألة منع البوليساريو من حضور القمم مسألة محسومة قانونيا وليس سياسيا وحسب.
هل تراجعت الدبلوماسية الجزائرية الداعمة لبوليساريو دوليا؟
طبيعي أن يتراجع الفعل الدبلوماسي تبعا لوضعها الداخلي السياسي والاقتصادي المتردي، يجعلها في وضعية تقشف كبير، وكذا لأن الجهد اليوم في الدفاع عن شعار الانفصال قد لا يجد آدانا صاغية له اليوم، علاوة على أن الواقع يرض عليها ترتيب أولويات معالجة تحدياتها الداخلية وشبه الداخلية.
ولذلك، سيجل مزيد من تراجع أداء دبلوماسية الجزائر ليس على المستوى الدولي وإنما على حتى على المستوى الإفريقي، حيث الانفصال يتهدد الجزائر أيضا، ولذلك تعيش بمواقف مزدوجة فيما يخص دعمها للانفصال في الصحراء والتزام الصمت تجاه انفصال كتالونيا في اسبانيا.