توتر واضح بدا على قادة جبهة البوليساريو بسبب الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة تخليد الذكرى ال42 لحدث المسيرة الخضراء، والذي شدد فيه على أنه "لا وجود لحل لنزاع الصحراء المفتعل خارج سيادة المغرب وخارج مبادرة الحكم الذاتي"، إذ هاجم انفصاليو الصحراء المملكة من جديد ومعها فرنساوالأممالمتحدة، قبل أن يحتموا بالاتحاد الإفريقي. القيادي الانفصالي محمد سالم ولد السالك، الذي يحمل صفة "وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، ادعى في ندوة صحافية نظمت له في الجزائر أن الخطاب الملكي "يتناقض مع المنطق ويتجاهل المصالح المغربية"، قبل أن يتوجه باللوم إلى فرنسا ل"عدم لعب دور إيجابي للمساهمة في إحلال السلام العادل والنهائي في المنطقة". موقف الانفصالي حمل استنكارا واضحا لباريس، التي قال إنها "تعمل على تأييد المملكة المغربية منذ سنة 1975′′، معتبرا أن هذا الدعم "لازال يشكل العقبة الوحيدة أمام السلام في منطقة شمال غرب إفريقيا"، على حد تعبيره، واصفا الموقف الفرنسي تجاه ملف الصحراء بأنه "غير مشرف ومتناقض مع المبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية". ويبدو أيضا أن الدور الذي باتت تعلبه الدبلوماسية المغربية في محاصرة التواجد الانفصالي في عدد من المحافل الدولية والإفريقية بات يزعج كثيرا "البوليساريو"، إذ كشف محمد سالم ولد السالك تخوفه مما وصفه ب"سعي المغرب بدعم من فرنسا إلى عرقلة أشغال القمة الخامسة للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، المقررة في العاصمة الإيفوارية أبيدجان نهاية نونبر الجاري". وقال الناشط الانفصالي إن هناك دورا يلعبه الاتحاد الإفريقي في ما قال إنها "نصرة الجمهورية العربية الصحراوية وتمكينها من المشاركة في العديد من الاجتماعات الإقليمية"، مضيفا أن التنظيم الانفصالي تلقى دعوة من الهيئة الإفريقية المذكورة للمشاركة في قمة كوت ديفوار القادمة، ليورد أن هناك "مشاركة مرتقبة للوفد الصحراوي فيها بعد تلقيه دعوة رسمية من المنظمين". إلى ذلك، طال حنق ولد السالك أيضا هيئة الأممالمتحدة، حين انتقد "المماطلة في تمكين الشعب الصحراوي من حقوقه المعترف بها دوليا"، مضيفا أن ذلك "يضرب في العمق مصداقية الأممالمتحدة وقراراتها ذات الصلة"، قبل أن يدعوها إلى "التكفل بفرض إتمام المهمة التي أنشئت بعثتها في الصحراء الغربية من أجلها". الموساوي العجلاوي، الأستاذ الباحث في معهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن خطابات الملك محمد السادس في ما يخص ملف الصحراء "كانت دوما تتحرك وباستمرار نحو بوابة الحل، ويقدم المغرب من خلالها حلولا ضمنها الحكم الذاتي"، مضيفا أن البوليساريو مقابل ذلك تعيد وتجتر فقط الخطاب نفسه منذ أربعين سنة. ويرى الجامعي المغربي، في تصريح لهسبريس التي أوردت الخبر، أن الجبهة الاتفصالية "لا تتوفر على أفق سياسي وإستراتيجي في ما يخص حل النزاع"، إذ تسعى فقط، يضيف العجلاوي، إلى "تكرار الأطروحة نفسها، وهي تقرير مصير الشعب الصحراوي"، مشيرا إلى أن مثل تلك الخطابات "إعلان لعدم القدرة على الخروج عن جبة الحضن التي هي نظام الجزائر". ويضيف العجلاوي أن مواقف البوليساريو تبقى "جاهزة ومتصلبة، وتعبر عن عجز وعدم تجاوب مع المقاربة الجديدة للامم المتحدة التي تخلت نهائيا عما يسمى تقرير المصير"، محيلا في هذا الشأن على ما وقع في الآونة الأخيرة من تداعيات بسبب مطالب الانفصال في إسبانيا والعراق والكاميرون ونيجيريا.