يؤمن أتباع "نظرية المؤامرة" بأن كل ما يحدث في هذا الكون مخطط له مسبقا، ولا تبدو الكوارث الطبيعية كالزلازل مثلا بمعزل عن هذه المعتقدات، إذ تتجه أصابع الاتهام لدول ومنظمات باعتبارها مسؤولة عنها، لتحقيق غايات سياسية أو اقتصادية أو ديموغرافية. وعلى المقلب الآخر، يؤكد خبراء وعلماء استحالة إحداث الزلازل اصطناعيا، والتحكم بها، وتوجيهها لتحقيق أغراض معينة.
وبين رأي العلم والمؤمنين ب"نظرية المؤامرة"، يقف السواد الأعظم من الجمهور محتارا، إذ يقدم كل فريق حججا وبراهين تبدو مقبولة إلى حد ما.
وفق أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية رئيس جامعة الحسين بن طلال السابق، نجيب محمود أبو كركي، فإن الاهتمام بمسألة الزلازل المصطنعة بدأ بعد نهاية حرب فيتنام، وكان يندرج وقتها تحت الحرب الجيوفيزيائية البيئية المناخية.
وأشار أبو كركي في مقابلة مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن مجلة "لاروشيرش" الفرنسية العلمية تطرقت في عام 1977 إلى قضية الزلازل المصطنعة، ونشرت مقالا بعنوان "هل بدأت الحرب الزلزالية؟"، سلط الضوء على إمكانية التدخل البشري في تغيير بيئة البراكين أو الزلازل والغلاف الأيوني وتحفيزها.
وبحسب أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل، فإن تطور التقنيات منذ ذلك التاريخ، ترافق مع تعزيز "نظرية المؤامرة" لمكانتها أيضا في أذهان الجمهور، لتصبح الزلازل المصطنعة موضوعا "مشوشا" على حد وصفه، تم إضفاء الطابع العسكري عليه أحيانا، من أجل الترويج لقوة دولة ما أو لبث رسائل عن خطورة الاقتراب منها، ليختلط التضليل بالعلم بأفكار المؤامرة.
يرى الدكتور مصدوق التاج، أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الهاشمية الأردنية، أن ذلك ممكن وبعدة طرق، تشمل التفجير النووي، والتحت سطحي، والكيميائي، وبالأسلوب الميكانيكي أيضا.
ويدخل التاج في تفاصيل علمية دقيقة شارحا وجهة نظره بالقول: "تقاس الطاقة بالجول أو كم تكافئ بمادة (تي إن تي)، ولكن هنا الطاقة الناتجة أي الاصطناعية، تختلف عن الطاقة الناتجة عن الزلزال الطبيعي».
ويضيف: "الطاقة الناتجة عن الزلزال عبارة عن حركة على طول صدع، وهذه الحركة تنتج من حركة صفائح الطاقة المتحررة. طول الصدع، ومساحة المنطقة المتكسرة، والخصائص الهندسية للصخور، وسرعة الصفائح التي تتم عليها الحركة، تعبّر عن الطاقة المتحررة من الزلزال، وهي تختلف عن تلك المتحررة عن عمل بشري".
ويوضح التاج أن الفرق بين الزلزال الطبيعي والاصطناعي يكمن في أن: "إمكانية التحكم بالزلازل الطبيعية مستحيل، بينما نستطيع التحكم بتلك الاصطناعية من حيث المنطقة التي ستضربها وقوتها".
وحول كيفية إحداث زلزال اصطناعي، يقول التاج: "يعتمد ذلك على نوعية الزلزال الذي نريد إحداثه، فيمكن استعمال مواد كيميائية تتفاعل مع بعضها لتنتج تفجيرا، كما نستطيع عبر إرسال أمواج للأرض لإحداث تخلخل في الهواء، أو ضخ مياه لتكسير الصخور تحت الأراضي، أو عبر تفجير نووي انشطاري أو اندماجي يحرر طاقة حرارية جبارة!!".