لم تستسغ جبهة "البوليساريو"، موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية الداعم ل"الواقعية" في اتجاه تسوية النزاع القائم حول الصحراء، و الأمريكية الداعي إلى "الواقعية" بخصوص نزاع الصحراء، يمكن إرجاعة إلى الأسباب التالية:
أولا: "تنظيم"البوليساريو تابع "للنظام" القائم في الجزائر، فمسألة اتخاذ أي قرار كيفما كانت طبيعته سواء فيما يتعلق بهذا الكيان أو أي أمر آخر يرجع بالضرورة أمر التقرير فيه إلى الثكنة في الجزائر فالعسكر الجزائري هو الذي يقرر في مصير البوليساريو و"قيادة" هذا الأخير مجرد بيدق في أيدي "شنقريحة" ومن معه.
ثانيا: بما أن بقاء"النظام" الجزائري، في جزء كبير منه، يرتبط ببقاء البوليساريو لكون النظام في الجزائر لا بد له أن يروج أن المغرب "خطر" داهم وباستمرار، كما أن اعتقاد ذات النظام أن تحقيق ذاته "كقوة" اقليمية يستدعي إضعاف المغرب! لذلك فالجزائر لن تقبل أبدا بحل قضية الصحراء مهما كان الأمر، لذلك دائما ما تعمد إلى إطالة النزاع ما أمكن وترفض الانخراط في حل النزاع كطرف رئيسي فيه كما تؤكد ذلك قرارات الأممالمتحدة وآخرها القرار2654.
ثالثا: الواقعية التي تدعو إليها الولايات.م أ لا تعني شيئا آخر غير الموقف الأمريكي الصريح بمغربية الصحراء، فالولاياتالمتحدةالأمريكية لم يعد في تصوراتها لحل ملف الصحراء سوى تصور واحد و أوحد؛ يتعلق الأمر هنا بالحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية والذي يصفه مجلس الأمن بالجدي و الواقعي.
رابعا: الولاياتالمتحدةالأمريكية تؤكد موقف مجلس الأمن، فمعظم القرارات التي أصدرها هذا الأخير في العقد الأخير بعد تخليها وإيمانها بالتخلي عن ما يسمى "الاستفتاء"،خاصة بعد خلاصة "فان والسوم" وتأكيده بأن هذا المقترح لم يعد له مكان من الناحية الواقعية، أصبح مجلس الأمن يؤكد على ضرورة تفعيل الأطراف المعنية بالنزاع للحل الواقعي والجدي المتمثل في مقترح الحكم الذاتي. وبما أنه ليس هنالك من حل أمام البوليساريو غير القبول بالمبادرات الأممية وتطبيقها، وبما أنه لا يملك أي طرح آخر غير الالتصاق بأطروحة الانفصال المشروخة وبما أنه عاجز عن بلورة بدائل الحل السلمي للنزاع فطبيعي أن يرفض كل المقترحات الدبلوماسية التي تسعى إلى حل هذا النزاع الاقليمي بشكل نهائي.
خامسا: الجزائر طرف مباشر في نزاع الصحراء، وهي اليوم في ظل "النظام" الحاكم في البلاد تعيش أسوء أيامها، خاصة بعد الفشل في تدبير الأزمات الداخلية وتفاقمها، والفشل ايضا في سياستها الخارجية وتدبير مختلف الملفات، بما فيه الدعاية للبوليساريو..إلى جانب السقطة الكبيرة وفضيحة "البريكس" التي عرت سوأته، أضحت الجزائر،اليوم، محاصرة ومعزولة إقليميا ودوليا، مما يجعلها في موقف حرج، سيجعل النظام فيها يقوم بردات فعل غير محسوبة وغير متزنة، بما فيها عدم الاستجابة لمطلب الأممالمتحدة الداعي للدخول في إطار الموائد المستديرة لحل قضية الصحراء، ورفض مبادرات القوى الدولية الفاعلة ومنها الواقعية الامريكية في ملف الصحراء المغربية. سادسا: بالاضافة إلى الواقعية من الناحية القانونية التي تعني أحقية المغرب وسيادته على صحرائه وهذه قناعة إمريكية ولا جدال فيها، تعني الواقعية الأمريكية أيضا أن المغرب عمليا في صحرائه والصحراء واقعيا في مغربها. فالواقعية الأمريكية تفيد بأن المغرب بنى صحراءه تنمويا واقتصاديا واجتماعيا..، كما تعني الواقعية الأمريكية أن هناك على أقاليمنا الجنوبية بعثات دبلوماسية موجودة فعلا في الداخلةوالعيون..وأن هناك استثمارات أجنبية في المنطقة، الواقعية الأمريكية تفيد أن التمثيلية الحقيقية لساكنة الصحراء هم المنتخبون بشكل ديمقراطي الذين استقبلوا مبعوث الأمين العام الأممي "دي ميستورا" مؤخرا في العيون. وهي حقائق تضرب البوليساريو في الصميم وتجعله يتفاعل سلبيات مع الموقف الأمريكي كما جاء في "بيان"ها أي البوليساريو.
سابعا: الولاياتالمتحدةالأمريكية حسمت موقفها في ملف الصحراء ف"تقرير المصير" حسب منظور البوليساريو/الجزائر مجرد وَهم بالنسبة إليها، لذلك أفهمه(البوليساريو)، وبشكل مباشر ممثل وزير الخارجية الأمريكي، بأنه لم يعد أمامه سوى القبول بالأمر الواقع أو الزوال. ثامنا: بقرب مناقشة مجلس الأمن لملف الصحراء والتجديد لبعثة المينورسو أصيبت البوليساريو والجزائر بارتباك كبير، خاصة مع تعرض هذه الأخيرة لضغوطات كبير في سياق التغيرات الجيو استراتيجية التي تعرفها المنطقة، ومع وقوع اضطرابات كبيرة في الساحل والصخراء يبدو أن الجزائر ستصبح مكرهة للدخول في مفاوضات جدية في ملف الصحراء، في إطار مربع واحد وتحت سقف مبادرة الحكم الذاتي، وهذا أمر يبدو لا نقاش فيه لكون الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن أصبحت تساند هذا الخيار بشكل صريح وبعضعها بشكل ضمني.