في الوقت الذي دخلت فيه المشاورات بشأن نزاع الصحراء منعطفا حاسما تجاه إيجاد حل نهائي لهذا الملف، خرج الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في حوار مع الصحافي الفلسطيني عبد الباري عطوان مدير موقع "رأي اليوم"، تكشف ملامح الحل الذي يرتقب أن يضع حدا للنزاع. ونشر عبد الباري عطوان مقتطفات من حوار أجراه مع الرئيس الموريتاني، الذي تضمن في إحدى محاوره قضية الصحراء. وكتب عطوان: "لا يُمكن أن نلتقي رئيسًا موريتانيًّا دون أن نسأله عن جيرانه الشماليين (المغاربة) وقضيّة الصحراء، وفاجأني بالقول “الغرب، والولاياتالمتحدة وأوروبا لا يريدون قيام دولة تفصل بين موريتانيا والمغرب جُغرافيًّا.. وكل ما تسمعه خارج هذا الإطار غير صحيح”." تصريحات رئيس دولة موريتانيا، التي شاركت في المائدتين المستديرتين حول الصحراء رفقة الجزائر والمغرب والبوليساريو، تثبت مرة أخرى أن الغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا مقتنعين جميعا بأن مطالب الإنفصال التي ترفعها البوليساريو بدعم من الجزائر، غير واقعية، وبأن القوى الدولية مقتنعة بمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب والذي وصفته قرارات مجلس الأمن والولاياتالمتحدة ب ''المقترح الواقعي والجدي والقابل للتطبيق." وفي الوقت الذي يستمر فيه المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر في اعتماد مبدأ السرية بشأن تفاصيل المشاورات التي يعقدها بشأن الملف ونفي أي تسريب بشأن تفاصيل المائدتين المستديرتين السابقتين، فإن هناك مؤشرات متعددة ترجح بأن كوهلر يتبنى المقترح المغربي للحكم الذاتي ويحاول فرضه على الجزائر والبوليساريو، وفق الخبير في العلاقات الدولية، الموساوي العجلاوي. وقال العجلاوي في تصريح لموقع القناة الثانية إن هذه المؤشرات تتمثل في تصريحات وزيرة الدفاع الفرنسي، فلورانس بارلي، التي قالت خلال المائدة المستديرة حول منظمة الساحل بملتقى ميونخ للأمن، إن حل قضية الصحراء لن يتجاوز سنة 2020، إضافة إلى ضغط إدارة ترامب نحو إيجاد حل بشكل سريع لقضية الصحراء، والمصالح الأوروبية والأمريكية في الاستقرار الإقليمي بالمنطقة. "في السياق الجديد لمنطقة الساحل والصحراء، سيكون من المستحيل تأسيس دولة جديدة،" يقول العجلاوي مضيفا بأن هذا السياق، من جهة أخرى، " يسمح بأن يتم فرض مقترح الحكم الذاتي على البوليساريو، لأن الجزائر لم تعد في موقف قوة كي تفرض شيئا آخر." نفس المعطيات أكدتها صحيفة Middle East Eye البريطانية التي نقلت عن مصادر دبلوماسية قولها إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدخلت من وراء الكواليس لإبعاد مطلب الإنفصال من طاولة محادثات جنيف الأخيرة حول الصحراء. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك محادثات سرية قد جرت بين كوهلر والولاياتالمتحدةالأمريكية بواشنطن بشأن الموضوع. ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية حضرت مائدة جنيف المستديرة حول الصحراء قولها إن "الضغوط الأمريكية تدفع المفاوضات باتجاه المقترح المغربي." وأضاف المصدر أنه وبعد المائدة الكستديرة الأولى حول الصحراء بجنيف شهر دجنبر الماضي، ضغط الأمريكيون على كوهلر كي يضغط على البوليساريو كي تقبل بمقترح الحكم الذاتي. وقالت الصحيفة نقلا عن نفس المصدر: "حين التقى كوهلر بوفد البوليساريو في إطار المشاورات الثنائية ببرلين بعد المائدة المستديرة الأولى، قال كوهلر لوفد البوليساريو 'إن الإنفصال خيار ملغى. وبالتالي، يجب عليكم أن تأخذو مقترح الحكم الذاتي'.'' لكن البوليساريو لن تقبل بمقتح الحكم الذاتي إلا في حالة ما قبلت به الجزائر، إذ يعتبر المستشار الأممي والخبير في قضية الصحراء، سمير بنيس يعتبر أنه لن يكون هناك حل ما لم تنخرط فيه الجزائر، "لأن البوليساريو لن تكون موجودة بدون الدعم العسكري والدبلوماسي والمادي الذي تحصل عليه من الجزائر." وأشار بنيس إلى أن انخراط الجزائر هو السبيل الوحيد لحل الملف، إذ "يكون دائما هناك انقسام بين الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن. هناك دول أعضاء تساند المغرب ودول أعضاء تساند الجزائر أهمها روسيا. فحتى لو اعتبرنا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا وافقت على دعم المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي، فإنه قد يُعارض بفيتور روسيا."