يواصل بعض المسؤولين الأروبيين محاولاتهم المتكررة لاستفزاز المغرب بخصوص مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وصب الزيت على النار في العلاقات المغربية الأروبية، وهو ما أكدته تصريحات أطلقها جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، قال فيها إن "مدينتي سبتة ومليلية إقليمان تابعان للاتحاد الأوروبي، وتشكلان جزء من حدود الخارجية". وجاء كلام بوريل خلال رده على سؤال وجهه له الحزب الشعبي الإسباني، حول "رأيه في تصريحات دولة تتجاهل السلامة الإقليمية لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي"، وذلك في إشارة منه للمغرب.
وأشار بوريل إلى أن "مؤسسات الاتحاد الأوروبي قد أعادت التأكيد علانية على الموقف الرسمي المعروف جيدًا بشأن أهمية حماية الحدود الخارجية".
وكانت وزارة الخارجية المغربية قد قدمت بتاريخ 17 ماي الماضي، رسالة احتجاجية للمفوضية الأوروبية، عبرت فيها عن رفضها لتصريحات نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة، "مارغريتيس شيناس" خلال مشاركته في منتدى أوروبي حول الأمن والدفاع، في بروكسل، حيث كال للمغرب فيه عدة اتهامات منها استخدام المهاجرين "كسلاح" ضد الاتحاد الأوروبي.
وأكدت رسالة الخارجية على مغربية سبتة ومليلية، الشيء الذي أثار حفيظة العديد من الأحزاب الإسبانية ودفعها لمساءلة مسؤولين في الاتحاد الأوروبي حول الموضوع.
في هذا الصدد، قال نوفل البعمري، المحامي والمحلل السياسي، إن "جوزيف بوريا ليس هو من سيقرر "ما إذا كانت سبتة ومليلية "أوروبيتين" أم لا؟"، كما أنها ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها بتصريحات معادية للمغرب، ثم يعود بعدها ليتراجع عنها".
واعتبر البعمري، في حديث ل"الأيام24″، أن هذه الممارسات المستفزة للمغرب تدفع في اتجاه خلق حالة توتر بين الرباط والمفوضية الأوروبية في ظل السياق الحالي الذي تشهد فيه العلاقة بين الطرفين نوعا من الاستقرار".
ولفت المتحدث أن تصريحات بوريل تأتي في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات بين المغرب والاتحاد الأروبي حول تجديد البروتوكول المتعلق باتفاقية الصيد البحري، وهو بذلك يخدم أجندات تبحث عن دفع العلاقة بين المغرب والاتحاد الاوروبي إلى الأزمة وتعطيل كل إمكانية للحوار بينهما بعيدا عن أي توتر مصطنع كالذي يريد خلقه هذا المسؤول الأوروبي".
وذكر البعمري أن "المغرب سبق له أن رفض تصريحات مماثلة من مسؤولين أوروبيين وأكد رسميا أن هاتين المدينتين مغربيتين وأنه لا وجود لأي تفاوض حولهما وحول السيادة عليهما، وإن كان الوضع الحالي إقليميا ودوليا لا يسمح بطرح وضعيتهما ومستقبلهما، لكن تشبث بالمغرب بموقفه الرافض لأي تكريس لوضع يوحي بعدم مغربيتهما يشير بوضوح إلى أنهما ضمن الأجندة الاستراتيجية للمغرب الذي لم يتنازل عنهما يومًا".
وأشار المحلل السياسي أنه "سبق في الأزمة المفتعلة حول مسألة المهاجرين الذين اقتحموا مدينتي مليلية وسبتة، أن أثير هذا الملف، وكان موقف المغرب واضحا، حيث حذر من أي إنزال محتمل لقوات أوروبية بالمدينتين بدعوى أنهما حدود أوروبية، وتراجع الاتحاد الأوروبي عن هذه الخطوة، خاصة وأننا نشاهد كيف أدت قضايا مماثلة إلى إشعال الحرب كالحرب الروسية الأوكرانية والتي مازال العالم يعاني من تكلفتها الأمنية والاقتصادية على عموم دول العالم".
وتابع أن "المنطقة لن تستحمل أي توتر أو استفزاز ذي بعد أمني، لأنه سيشكل استفزازا لعموم القارة الإفريقية وليس فقط للمغرب، في حال استمر بويل في ترديد تصريحاته الغير المقبولة هاته، إذ لن تسمح أي دولة إفريقية بتواجد قوات أوروبية تحت أي غطاء داخل القارة الإفريقية مع ما يعنيه ذلك من تهديد للسلم والأمن بالمنطقة".
إلى ذلك، أكد البعمري أن تصريحات بوريل تبقى خارق سياق العلاقة المغربية الأوروبية وخارج أجندة الطرفين الذين يعملان معا على تعزيز سبل الأمن والاستقرار بالمنطقة المتوسطية وعلى الاشتغال معا على قضايا التنمية وكل الملفات ذات الاهتمامات المشتركة".