تعيش جبهة البوليساريو وصنيعتها الجزائر على وقع الصدمة بسبب قرار إسرائيل الأخير الاعتراف بمغربية الصحراء، على غرار العديد من الدول، وهو القرار الذي دفع النظام الجزائري إلى إصدار بيان عبر وزارته الخارجية، فضح تورطه في النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، في ظل إصراره على تبني ما يسميه عبثا ب"الحياد". ويصر النظام الجزائري على ترديد ذات الأسطوانة "المشروخة"، مستغلا بشكل "فاضح" القضية الفلسطينية في دعايته ضد المغرب، وهو الذي ما فتئ رئيسه "تبون" يتردد على دول تربطها علاقات تاريخية مع إسرائيل، أبرزها تركيا التي تستعد لاستقبال بنيامين نتنياهو.
في هذا الصدد، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن "بيان الخارجية الجزائرية المتشنج إزاء الإعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، فضح تورط الجزائر في نزاع الصحراء كونها طرف رئيسي معني بهذا النزاع، وهي التي لطالما روجت دعايتها على كونها مجرد بلد جار محايد يدعم تقرير المصير"، مردفا أن "تورط الجزائر ينفضح مع كل التطورات الإستراتيجية الهامة التي يشهدها هذا الملف والتي من بينها الإعتراف الإسرائيلي".
وأوضح عبد الفتاح في تصريح ل"الأيام24″، أن "توظيف القضية الفلسطينية يأتي في سياق محاولات الجزائر استغلال شعارات القضية الفلسطينية لأجل إضفاء نوع من الشرعية على النظام العسكري الجزائري"، مشيرا أن "دعم الجزائر للقضية الفلسطينية كان يقتصر على هذه الشعارات غير الواقعية وغير العقلانية، والتي لم تترجم على أرض الواقع".
وأكد المتحدث أن "الجزائر كانت دائما تربطها علاقات إقتصادية وتجارية وأمنية مع إسرائيل، تمثلت في إجتماعات لجان الحوار الأبيض المتوسط التي نظمها حلف ناتو والتي جمعت الجزائر مع إسرائيل، فضلا عن ما سرب من صفقات وإمداد للغاز عن طريق وسطاء إلى جانب لقاءات قنصلية في فرنسا جمعت دبلوماسيين جزائريين وإسرائليين، فضلاً عن لقاءات الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة مع الجالية الإسرائيلية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي فرنسا حين عرض على المستثمرين الإسرائيليين الاستثمار في الجزائر، كما أعرب عن نيته الإعتراف بدولة إسرائيل"، مردفا أن "هذه كلها خطوات تنفي شعارات النظام العسكري الجزائري المزعومة حول دعم القضية الفلسطينية".
ولفت المحلل السياسي، أن "بيان الخارجية الجزائرية كان أكثر تشدداً وأكثر إمتعاضا من بيان البوليساريو، مما يعني انكشاف وصاية الجزائر على البوليساريو فيما يتعلق بتدخلها في ملف الصحراء".
وأرجع عبد الفتاح "اضطرار الجزائر للخروج بوجهها المكشوف كطرف رئيسي في هذا النزاع، إلى إحتراق ورقة البوليساريو ضمن لعبة الحرب بالوكالة التي تشنها الجزائر على المصالح المغربية والحدود الترابية المغربية، لاسيما مع التطورات الأخيرة التي يشهدها هذا الملف.
وذكر رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، بالمكاسب والإنتصارات الهامة، التي حققها المغرب، وبالهزائم والإنتكاسات المتتالية التي يمنى بها المشروع الانفصالي، مشيرا أن هذا ما يضطر الجزائر "للتدخل في كل مرة عبر خطوات تصعيدية، لم تقتصر على المغرب فقط بل شملت حتى حلفائه من الدول التي تعبر عن مواقف داعمة له من قبيل إسبانيا، حيث نشبت أزمة ديبلوماسية غير مسبوقة بين الجزائر وإسبانيا بسبب تغير موقف الأخيرة وتحوله لدعم الوحدة الترابية المغربية".
وكشف المتحدث أن "الجزائر تقيم علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول التي تعترف بإسرائيل، بل تستقبل رؤساء هذه الدول، وآخرها كان زيارة تبون لروسيا إبان إعلان روسيا عن نقل عاصمتها إلى القدس، فضلاً عن إنخراط الجزائر في هذه التفاهمات والشركات الإستراتيجية الدولية المتعددة الأطراف التي تكون إسرائيل إحدى أطرافها"، معتبرا أن "ما حمله بيان خارجية الجزائر هو تناقض مفضوح وخطاب شعبوي شعاراتي بعيد كل البعد عن الواقع".
وأشار عبد الفتاح أنه في الوقت الذي "يعكف فيه المغرب على تأسيس لشراكات إستراتيجية تعود بالنفع على الموقف المغربي إزاء قضية الصحراء والتي تشمل مختلف الشركاء والفاعلين الدوليين الوازنين، تقتصر الجزائر على سياسة الابتزاز وعلى خطاب شعاراتي شعبوي غير واقعي".
وأكد المتحدث أن "هذا الخطاب غير الواقعي لم يعد يجدي نفعا، حيث لطالما عكفت عليه أنظمة عسكرية غرضها البحث عن مشروعية مفقودة"، مردفا أن "هذا الخطاب الشعبوي إزاء القضية الفلسطينية لم يعد يجد صداه لدى الرأي العام لا في الجزائر ولا في فلسطين ولا في العالم العربي".