بعد مضي ثلاثين شهرا على استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، ومع تناسل تقارير عن تلكؤ تل أبيب في أجرأة التزاماتها في الاتفاق الثلاثي ورد الفعل الحازم من الجانب المغربي، صدر مساء اليوم الاثنين موقف صريحٌ من الحكومة الإسرائيلية يقضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، بعد توصل الملك محمد السادس برسالة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يخبره بقرار بلاده "الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية"، وتجسيده ذلك في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة، من خلال إخبار الأممالمتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار.
ولم يقتصر التطور الجديد على الاعتراف بمغربية الصحراء، بل تجاوزه إلى مستوى تكريس هذا القرار على أرض الواقع، من خلال تعبير نتنياهو عن دراسة حكومته الإيجابي "فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة"، على غرار ما وعدت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتحقيق في 20 دجنبر 2020.
وكانت العلاقات المغربية الإسرائيلية قد دخلت في المرحلة السابقة مرحلة "جمود" عكسته الرسائل النارية المتبادلة، خصوصا بعد أن أيقنت الرباط وجود "مقايضة" إسرائيلية تضع الاعتراف في مقابل انعقاد "قمة النقب الثانية" في المغرب، بعد التصريح الذي صدر عن وزير الخارجية الإسرائيلي في 3 يوليوز الجاري، حين قال بعظمة لسانه: "إن تل أبيب ستتخذ قراراها النهائي بشأن سيادة المغرب على إقليم الصحراء في اجتماع النقب" المنتظر عقده منذ شهور في المغرب، وأضاف –وفق ما نقلته وكالات أنباء دولية- "نعمل حاليا على هذه القضية وخطتنا هي اتخاذ قرارنا النهائي في منتدى النقب".
وظهر واضحا أن إسرائيل تُضمِر "مقايضة" أشبه ب"الابتزاز"، كما فسّرت ذلك هيثة البث الحكومي الإسرائيلية التي اعتبرت أنه "ربط بين القرار الإسرائيلي وعقد المنتدى بالمغرب" الذي لم يُحسم تاريخ وتوقيت انعقاده بشكل دقيق، لكن المملكة الشريفة ردّت بحزم عن طريق وزير خارجيتها ناصر بوريطة في موقفين، تمثل أولها في إعلانه في 23 يونيو الماضي عن تأجيل القمة في المغرب "بسبب الأوضاع السياسية بالمنطقة" في إشارة إلى التصعيد الإسرائيلي في فلسطين، وظهر ثانيها في إعرابه في 5 يونيو (أي يومين بعد تصريح كوهين) عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني في هذه "المرحلة الحرجة والخطيرة" وتشديده على أن "الهجومات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي الفلسطينية لا تساهم في خلق جو يساعد على فتح الحوار وإحلال السلام بالمنطقة".
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن المغرب أفشل "المقايضة" الإسرائيلية وكَسَبَ ما يريده من الاعتراف بمغربية الصحراء قبل انعقاد قمة النقب الثانية.