في سياق استمرار الأزمة الصامتة بين البلدين، على خلفية رفض الرباط الموقف الضبابي لشريكه التقليدي تجاه ملف الصحراء المغربية، وكذلك تحميل المملكة فرنسا مسؤولية قرار البرلمان الأوروبي القاضي بادانته حقوقيا، خرج جيرارد أرود، السفير الفرنسي السابق المعتمد لدى الأممالمتحدة، بتغريدة مثيرة، اعتبر فيها أن "المغرب يقوم بابتزاز فرنسا في ملف الصحراء المغربية بعدما كانت باريس من أكبر الداعمين له في القضية"، حسب وصفه. وقال الدبلوماسي الفرنسي عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، "لقد غير المغرب من لهجته مع فرنسا منذ إعلان أمريكا اعترافها بمغربية الصحراء، ونسي بعد ذلك أن فرنسا كانت لعقود تدافع لوحدها عن المغرب بمجلس الأمن".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اعترف بمغربية الصحراء، في تغريدة له في تويتر يوم 10 دجنبر 2020 في إطار اتفاقيات أبراهام.
السفير الفرنسي السابق المعتمد لدى الأممالمتحدة، شارك متابعيه في النقاش للرد على تعليقهم على تغريدته، ومنها تساؤل لمتتبع يقول هل الموقف الفرنسي بعد الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه مثل الأمريكيين مرده "خوف من رد فعل للجزائر"؟، وقال جيرارد أرود "150 بلدا في العالم لا تخاف الجزائر وتعبر عن مواقفها بطلاقة، وذلك في إطار احترامها للمقتضيات الدولية".
واستغرب الدبلوماسي الفرنسي، "وجود أزمة بين المغرب وفرنسا"، مشيرا إلى أنه "شخصيا كان من المدافعين الشرسين عن المصالح المغربية، وفي أحيان عدة دافعت عنها أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية".
وتعيش العلاقات المغربية الفرنسية حالة من التدهور منذ أكثر من عام، بدأت صامتة وأخيرا تحوّلت إلى صدام دبلوماسي بين البلدين، حيث تتهم السلطات المغربية الساسة الفرنسيين بالوقوف وراء القرارات المناهضة للمغرب في البرلمان الأوروبي الذي دان المغرب في مجال حقوق الإنسان، واتهمه بالوقوف وراء فضيحة الفساد التي هزّت المؤسسة التشريعية الأوروبية، الأمر الذي أزعج الرباط، وأثار قلقها ضد البرلمانيين الأوروبيين الفرنسيين، خصوصا الذين تعودت وقوفهم إلى جانبها.
وسبق لسفير فرنسا في الرباط كريستوف لوكوتورييه، أن كشف أن التوصية التي تبناها البرلمان الأوروبي حول حرية الصحافة في المغرب "لا تلزم أبدا فرنسا"، بينما تتهم الطبقة السياسية في المملكة باريس بالوقوف وراءها.
وينفي المسؤولون الرسميون الفرنسيون وجود أزمة بين البلدين، في محاولة إلى الظهور بمظهر البلد الصديق للمغرب، وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي، ماكرون، الذي سبق له أن أعلن، من جانب واحد، رغبته في زيارة المغرب، لكنه لم يتلقّ أي رد إيجابي من الرباط على زيارته التي يقول قصر الإليزيه إنها ما زالت مبرمجة، رغم أنها معلقة وموعدها موضع تساؤل كبير.
وحمل الكاتب المغربي الفرنسي الطاهر بن جلون، أن الرئيس إيمانويل ماكرون، مسؤولية الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا، مؤكدا أن الرئيس الفرنسي، أخل بالاحترام الواجب للملك محمد السادس. وقال الكاتب المغربي، في برنامج "حوارات مع آنا كابانا" الذي يبث على قناة "i24News" الإسرائيلية، " كان ماكرون أرعنا للغاية وأخل بالاحترام الواجب لملك المغرب. هذا ما علمته من مصادر موثوقة للغاية".
وأثناء حديثه عن الأزمة الصامتة التي تعرفها العلاقات بين الرباطوباريس، اعتبر بنجلون أن قضية "بيغاسوس" هي أصل برود العلاقات بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي ماكرون، حيث قال في هذا الشأن "أن إيمانويل ماكرون اشتكى إلى ملك المغرب، من أنه تم التنصت عليه من قبل برنامج التجسس بيغاسوس، فرد الملك محمد السادس بالكلمات التي استخدمها الضيف: "أعطيك كلمة شرف أن ذلك لم يحصل".
وأضاف الكاتب المغربي الفرنسي، أن ماكرون "رد ردا لا يمكنني قوله هنا"، موضحا أنه أجاب "بطريقة رعناء للغاية، وأخل بالاحترام الواجب لملك المغرب".
وحسب بنجلون، فإن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تخلى عن الصداقة التقليدية المغربية، بعدما ألغى منصبا في قصر الإليزي الذي مكن دائما، في عهد أسلافه، من الحفاظ على جسور التواصل بين باريسوالرباط، قائلا " لقد ارتكب خطأ استراتيجيا لفرنسا".