في لقائه برئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، التي تقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر، لم يفوت الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، فرصة المحادثات الثنائية، ليثير موضوع الصحراء المغربية، وذلك في سعي للزج بإيطاليا في الصراع أو استمالة الموقف الرسمي للحكومة الإيطالية الراغبة في مزيد من امدادات الغاز الجزائري، على غرار الحليف الآخر، فرنسا التي يبحث رئيسها إمانويل ماكرون الاستفادة أكثر من خطوط امدادات الطاقة الجزائرية، في استغلال اقتصادي لحالة الاستقطاب السياسي. واكتنف الغموض والضبابية حديث الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، خلال الندوة الصحافية المشتركة بخصوص الموقف الإيطالي من قضية الصحراء، إذ لم يشر إلى الموقف الصريح للحكومة في روما من الملف، كما أن جورجيا ميلوني لم تتحدث في كلمتها عن الملف، لكن الرئيس الجزائري حاول تسويق أن المحادثات همت قضايا الطاقة وملف الصحراء، بالإشارة وهو يتحدث نيابة عن ميلوني إلى أن إيطاليا تدعو إلى "إيجاد حل عادل لهاته القضية، في إطار ما نصت عليه قرارات الأممالمتحدة، وبما يمكن الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة"، مضيفا أن الجزائروإيطاليا اتفقتا على "دعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، والبعثة الأممية مينورسو"، على حد زعمه، وهو ما لم تتحدث عنه المسؤولة الإيطالية في كلمتها أمام وسائل الإعلام.
حديث المسؤولة الإيطالية ركز على العلاقات الثنائية الجزائرية الإيطالية، بالإضافة لتعزيز التعاون بين البلدين، وكذا الفرص الاقتصادية التي تتيحها، بالإضافة لملف الغاز وتوقيع خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري وفيدرالية الصناعة الإيطالية، ومذكّرة تفاهم لتحسين شبكات الربط الطاقوي بين الجزائروإيطاليا، ثم مذكّرة تفاهم حول التعاون التكنولوجي لخفض حرق الغاز وتقنيات أخرى لخفض الانبعاثات، علاوة على مذكّرة تفاهم في مجال الأنشطة الفضائية للأغراض السلمية، وإعلان مشترك بمناسبة الذكرى 20 للإمضاء على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون.
وبينما كانت رئيسة الوزراء الإيطالية في الجزائر، كان رئيس جيش الأخيرة الفريق السعيد شنقريحة، في زيارة إلى العاصمة الفرنسية باريس ولقاء إمانويل ماكرون، وذلك قبيل زيارة الرئيس الجزائري إلى البلد الأوروبي شهر ماي المقبل.
الغاز والبترول في معترك ملف الصحراء
مباشرة بعد التحول التاريخي الذي أعقب إعلان إسبانيا مساندتها للحكم الذاتي في الصحراء، السنة الماضية، يقول عبدالحفيظ السعيدي الباحث في العلوم السياسية، إن الجزائر رمت بورقة الغاز في معترك السياسية الدبلوماسية خاصة في علاقتها مع الشركاء الأوروبين أو في على الإقليمي، من أجل ثنيها عن اتخاذ هكذا موقف، بدليل قيامها بإغلاق خط أنابيب الغاز الرابط بين المنطقة المغاربية وأوروبا في الأول من نونبر الماضي، وهو ما استدركه الاقتصاد الإسباني بالتوجه نحو أسواق جديدة.
وأضاف في حديثه ل"الايام 24″ تلعب الجزائر وراء تحركاتها السياسية إلى استهداف المواقف الرسمية لبعض العواصم، وهنا الحديث عن إيطالياوفرنسا، اعتمادا على أسلوب كلاسيكي مدعوم بسياق ضاغط، وهو المرتبط ب"الغاز مقابل المواقف"، مشيرا إلى الجزائر تقع في مصيدة السياسية والاقتصاد أي أن كلما ارتفع سعر البترول والغاز إلا وزادت عدوانية النظام الجزائري، وهو ما يؤشر أن مستقبلا قد يقع تحولا في السياسية ما إن انتفت المنفعة الاقتصادية.
المحلل السياسي اعتبر أن الدول الأوروبي تحاول استغلال حالة "السعار" التي تتملك النظام الجزائري الذي يبني عقيدة سياسته الخارجية على معاداة المغرب، بتوظيف ورقة الصحراء لإنهاكه وإضعافه. وفي جزء من حالة الاستقطاب توجد فرنسا التي تتلاقا في هامش من الرؤية الجزائرية، بمعنى أن تعلب مع المغرب من وراء الستار، إذ لا ترى بعين الرضا نفض المغرب يديه عن أوروبا واعتماد أسلوب برغماتي جديد في العلاقات الدولية يبنبي أساسا على تحالفات استراتيجية مع القوى الكبرى على غرار الصين وروسيا والولابات المتحدةالأمريكية.