في طريق سعي أوروبا إلى تعويض الإمدادات الروسية المقطوعة، يبحث النظام الجزائري عن كسب نقاط سياسية على ساحة الصراع الاقتصادي، حيث نزل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ضيفا على الجزائر والتقى أمس الإثنين نظيره عبد المجيد تبون، وفي أجندة الرجلين اهتمامات متناقضة. ميشال الذي تنّقل إلى الجزائر حاملا معه همّا أوروبيا بخصوص الغاز الذي تحول إلى فوبيا تقضّ مضجع القارة العجوز قبل أسابيع من فصل الشتاء، يقول رئيس المجلس الأوروبي، بعد لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "نظرًا للظروف الدولية التي نعيها جميعًا، من الواضح أنّ التعاون في مجال الطاقة أساسي، ونعتبر الجزائر شريكًا موثوقًا به ووفيًا وملتزمًا في مجال التعاون الطاقي".
ويتطلّع مسؤولون أوروبيون إلى الجزائر، أكبر مصدر للغاز في إفريقيا، لسدّ النقص في الإمدادات بعد أن تسبّب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير بارتفاع الأسعار، حيث زاد الوضع إلحاحًا في الأيام الأخيرة بعدما أوقفت روسيا إرسال شحنات غاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم"، في خطوة أتت قبل أسابيع من بداية فصل الخريف.
زيارة المسؤول الأوروبي تأتي بعد أيام قليلة بعد زيارة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، إلى الجزائر ولقائه نظيره تبون والاتفاق حينها على رفع الجزائر لصادراتها من الغاز صوب فرنسا. كذلك هناك توجه لدى الحكومة الإسبانية إلى إعادة نسج حبال الود مع النظام الجزائري الذي علق معها شهر مارس الماضي، اتفاقية حسن الجوار بعد موقف حكومة بيدرو سانشيز الداعم لمغربية الصحراء تحت مقترح الحكم الذاتي.
وتتملك النظام الجزائري اعتبارات سياسية في العلاقات التجارية مع الأوروبيين، خاصة عندما يتعلق الأمر بملف الصحراء المغربية. وبالتالي فإن الموقف من هذه القضية يمكن أن ينعكس على توريد الغاز وسعره. وهذا ما حدث بالضبط بعدما غيرت مدريد موقفها من قضية الصحراء الغربية وأنهت حيادها بعد 40 عامامن أجل إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع المغرب.
لكن خبراء الطاقة لا يتوقعون أن تستطيع الجزائر إنقاذ أوروبا وتخليصها من الاعتماد على الغاز الروسي، محذرين من استيراد كميات كبيرة جدا من الغاز الجزائري، والاعتماد عليها في إمدادات الغاز، حيث أن الاتجاه نحو جعل الجزائر بمثابة روسيا جديدة سعيد انتاج الكثير من الغاز لفترة طويلة ولكن بمقابل سياسي، في حين تسعى أوروبا للتخلص من الوقود الأحفوري.
كما أن زيادة كميات الغاز المستوردة من الجزائر إلى إسبانيا لن تحل مشكلة الغاز الأوروبية واستقلالها عن روسيا، إذ يتعلق الأمر بفرنسا أيضا، التي ولحماية سوقها الداخلية لا تحبذ أن تصبح بلد عبور للغاز. وكان هذا أيضا أحد أسباب توقف مشروع أنابيب نقل الغاز "ميدكات".