Getty Images شهد الأردن مقتل ضابط وإصابة 49 رجل أمن في احتجاجات على رفع أسعار المشتقات النفطية يخيم هدوء حذر على محافظاتالأردن بعد مقتل ضابط وإصابة 49 آخرين، على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، منذ مطلع الشهر الجاري، للمطالبة بتخفيض أسعار المحروقات. وعبر وسوم #اضراب_الكرامة و #القصاص_من_المخربين، تباينت آراء الأردنيين حول تلك المظاهرات بين دعم وتنديد وتحذير. فما أبعاد الأزمة وكيف تفاعل معها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد؟ كيف بدأت الأزمة؟ في السنوات الأخيرة شهد الشارع الأردني احتجاجات عديدة تدور أغلبها حول أسعار المشتقات النفطية التي ارتفعت حوالي 16 مرة خلال عامين . ففي نوفمبر / تشرين الثانى الماضي، رفعت لجنة تسعير المشتقات النفطية في الأردن، الأسعار بنسبة تتراوح بين 40 - 46%، إذ وصل سعر لتر الديزل ليصل إلى 895 فلسا (1.26 دولار) خلال ديسمبر/ كانون الأول الحالي، مقارنة مع 615 فلسا (0.87 دولار) خلال الشهر ذاته من عام 2021 . وقد أثارت الخطوة غضب نواب أردنيين ممن اتهموا الحكومة بعدم الاهتمام بحاجات المواطنين الأساسية، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة الأردنية، بشر الخصاونة، للخروج عن صمته والتأكيد على أن الخزينة العامة للدولة 'لا تملك ترف دعم المحروقات كما حصل في السنة الماضية '. لكن الارتفاع الذي شهدته أسعار المحروقات هذه المرة، بدا قاسيا بالنسبة لقطاع واسع من أصحاب الدخل المتوسط، فقرر عدد من سائقي الشاحنات تنظيم إضرابات متكررة، ثم انضم إليهم أصحاب سيارات أجرة وحافلات عمومية. وامتد الإضراب ليشمل عددا من المحال التجارية التي أغلقت أبوابها تضامنا مع احتجاج سائقي الشاحنات في محافظات مثل معان والكرك ومأدبا. وهي محافظات تقع جنوب العاصمة عمان. كيف انعكس ذلك على مواقع التواصل؟ على مدار الأيام الماضية، تناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع تعكس حجم الإضرابات، كما انتشرت مجموعة وسوم تشير إلى تصاعد الوضع في الأردن أهمها "#عصيان_مدني"، "#إضراب_الكرامة". وأظهرت إحدى المقاطع المتداولة تجمع العديد من سائقي الشاحنات في الطرقات ورفضهم نقل البضائع. لكن الإضراب تسبب في حالة من الشلل التام وتدكس البضائع، خاصة في ميناء العقبة الرئيسي المطل على البحر الأحمر. وترتب على ذلك انقطاع الإمدادات من السلع الأساسية نحو الأسواق، بحسب ما ذكره إعلاميون ومغردون على موقع تويتر. وعبر وسم " #اضراب_النقل_العام "، عبر مغردون عن تضامنهم مع سائقي الشاحنات وتداولوا "بيانات قبلية وعمالية" تلوح بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم. إلا أن آخرين نددوا بتلك الإضرابات وحذروا من تفاقم الوضع، خاصة بعد أن تطورت الأمور، يوم الخميس، لإغلاق طرق رئيسية بالإطارات المشتعلة. https://twitter.com/TheGodFather10q/status/1603520372170784769?s=20&t=S8t-LIGfyirIC2oD-Y6W7A وما لبثت الأمور أن تصاعدت وتحولت إلى أعمال شغب واشتباكات مع الشرطة في مناطق عديدة، ما أدى إلى مقتل ضابط وإصابة آخرين. فقد أعلنت السلطات الأردنية مقتل نائب مدير شرطة محافظة معان، عبد الرزاق الدلابيح، إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري مضيفة بأنه كان يتعامل مع أعمال شغب ينفذها "مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون". حزن على مقتل الدلابيح وأثار مقتل الشرطي غضبا شعبيا وحكوميا عارما، إذ نعاه إعلاميون ومواطنون وسياسيون كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم تباين مواقف المعلقين الأردنيين حيال الإضرابات، إلا أنهم أجمعوا على إدانة العنف وشددوا على رفضهم واستنكارهم لأي فعل خارج عن القانون. https://twitter.com/mostafasalameh/status/1603750697295642624?s=20&t=S8t-LIGfyirIC2oD-Y6W7A ولم تقتصر ردود الفعل على الأوساط الشعبية، بل ضمت أعضاء من عشيرة بني حسن القبيلة التي ينتمي إليها الشرطي المقتول. وقد أجمعت القبيلة في وقت سابق من يوم الجمعة 'على عدم استقبال أي جهة رسمية تمثل الحكومة ، إلى حين معرفة هوية القاتل '، بحسب ما نقله موقع قناة رؤيا الأردنية الخاصة. https://twitter.com/alsaa_news/status/1603683077695459330?s=20&t=gYodNCd0-TeI0Bun5gj4jg كما تطلب التغيير الواضح في مسار الاحتجاجات الأخيرة تدخلا سريعا من الديوان الملكي الأردني. فخلال تقديمه واجب العزاء في وفاة مدير شرطة معان، ظهر ملك الأردن، عبد الله مرتديا الزي العسكري، متوعدا "كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويعتدي على ممتلكاتها العامة". https://twitter.com/NSbeihi/status/1603762944302452737?s=20&t=S8t-LIGfyirIC2oD-Y6W7A "نقطة تحول" وأثارت تلك التطورات والتصريحات قراءات مختلفة. ويرى معلقون في مقتل الدلابيح "نقطة تحول" في مسار الاحتجاجات في البلاد. فالمتابع للشأن الأردني، سيلاحظ أن المملكة شهدت على مدى سنوات العديد من الإضرابات والمظاهرات، لكن "معظمها كان محصورا في شعارات واعتصامات محدودة ولم تصل إلى حد غلق طرق رئيسية هامة أو استخدام السلاح " وفق ما ذكره معلقون. https://twitter.com/fMmNvwxowvHd0ue/status/1603870853149622272?s=20&t=nV-w8lOAw6_YuQaC2apSzg https://twitter.com/carfull111a/status/1603988175130697729?s=20&t=Q3kcPumz-V_Tac6BRVSZPg وفي الوقت الذي يدق فيها البعض ناقوس الخطر ويطالب بتدخل حكومي عاجل متهما أطرافا خارجية بتأجيج الوضع، يصف آخرون الاحتجاجات بأنها "مسألة داخلية جاءت نتيجة تجاهل الحكومة لمطالب المواطنين". https://twitter.com/Hushaza/status/1603519512862752768?s=20&t=S8t-LIGfyirIC2oD-Y6W7A https://twitter.com/omar_shdouh/status/1604098055766216704?s=20&t=S8t-LIGfyirIC2oD-Y6W7A أما الحكومة الأردنية فقد أعلنت اتخاذ خطوات صارمة ونشر مزيد من شرطة مكافحة الشغب ل"مواجهة من يريدون جر البلاد إلى أتون المواجهات الدامية". https://twitter.com/moi_jor/status/1603820807515508738?s=20&t=gYodNCd0-TeI0Bun5gj4jg 'حجب تيك توك' بين السخرية والتأييد وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أعلنت وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام الأردني، إيقاف تطبيق "تيك توك" مؤقتا بسبب "إساءة استخدامه". وقال المديرية إن المنصة لم تتعامل مع منشورات تحرض على العنف ، وسمحت بترويج فيديوهات من خارج الأردن للتأثير على مشاعر المواطنين" . وعلى إثرها انقسم المغردون بين مؤيد لقرار الحجب وآخر يسخر من الحكومة. فالمعترضون على القرار رأوا فيه دليلا على استمرار "عقلية التعتيم". ودعا البعض إلى إقالة حكومة بشر الخصاونة واتهموها بمحاولة تكميم الأفواه. https://twitter.com/CdfjNidal/status/1603732863437967365?s=20&t=gYodNCd0-TeI0Bun5gj4jg في المقابل، دافع آخرون عن قرار حجب تطبيق تيك توك واعتبروه حلا جيدا ل "حفظ السلم الأهلي". https://twitter.com/NadiaAbdulaziiz/status/1603931182051229696?s=20&t=C13q-PFZGfIwE_dSxKKhLQ كما أشاد آخرون بالقرارات التي اتخذتها الحكومة لتلبية بعض مطالب المضربين من أصحاب الشاحنات. وكانت الحكومة قد تعهدت يوم الأربعاء الماضي بزيادة مبالغ المعونة وتأجيل دفع القروض المستحقة على أصحاب الشاحنات. لكن تلك التعهدات التي استبشر بها البعض، اعتبرها آخرون " مجرد مسكنات غير كافية ومحاولة للالتفاف على مطالب المتظاهرين الأساسية المتمثلة في خفض أسعار المحروقات". https://twitter.com/mmd61854622/status/1603730092810817539?s=20&t=l3cFU5jM4zjxEyUrJWO3iw ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة تفاقمت بسبب ديون خارجية فاقت الخمسين مليار دولار وجائحة كوفيد-19. وزادت من حدتها الحرب الروسية على أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط.