Getty Images ناشطة بيئية ترفع لافتة تطالب بتعويض الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي أعلنت مصر تمديد مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ المنعقد في مدينة شرم الشيخ يوما إضافيا، ليختتم محادثاته يوم السبت، بدلا من الجمعة. وتشهد القمة انقسامات عميقة بين الأطراف المشاركة حول المساعدات النقدية المرجوة لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع الآثار الناجمة عن التغير المناخي. كما تعدّ فكرة خفْض استخدام الوقود الأحفوري بكل أشكاله للحد من ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، موضع انقسام عميق مع قرب اختتام محادثات مؤتمر كوب27. وتحاول مصر التي تستضيف المؤتمر إبرام اتفاق بين الأطراف المشاركين، بعد أسبوعين من المفاوضات. لكن في ظل هذا الكمّ من الانقسامات، جرى تمديد المحادثات إلى ما بعد الموعد المحدد لاختتامها، لتنتهي السبت، بدلا من الجمعة. وثمة إصرار واضح في مؤتمر شرم الشيخ على التوصل لاتفاق بخصوص عدد من المسائل المعقدة. وطرحت الرئاسة المصرية مسودة وثيقة نهائية تلخص مواقف البلدان المختلفة. * مؤتمر المناخ 2022: ماذا ينبغي أن تعرف عن قمة شرم الشيخ للمناخ؟ * مؤتمر المناخ 2022: ما هي أبرز المصطلحات المناخية؟ وفيما يلي تفصيل بنقاط الاختلاف الرئيسية. * "خسائر وأضرار" تتمثل نقطة الخلاف الكبرى في الحاجة إلى تمويل جديد لمساعدة البلدان على التعامل مع الآثار الفورية الناجمة عن التغير المناخي. وفي الإطار العملي لمحادثات الأممالمتحدة، تتخذ هذه المسألة اسم "الخسائر والأضرار". ومنذ 30 عاما، تقاوم البلدان الغنية طرْح هذه المسألة للنقاش، خشية أن يتعين على تلك الدول الدفع على مدى أجيال قادمة وذلك تعويضا عن إسهاماتها بدرجات كبيرة في حدوث التغيّر المناخي. لكن آثار الفيضانات في باكستان ونيجيريا وغيرهما خلال السنوات الأخيرة قلبت الموازين حتى وجدت مسألة الخسائر والأضرار الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة طريقها إلى أجندة المفاوضات أخيرا هنا في مؤتمر كوب27 بمصر. وتسعى البلدان النامية إلى إنشاء صندوق تمويل جديد في مصر، وهي فكرة لا تدعمها الولاياتالمتحدة التي تفضل أن يتم الأمر عبر "فسيفساء" من الترتيبات المالية، وليس عبر صندوق مخصوص. أما الاتحاد الأوروبي، فيوافق على إنشاء صندوق جديد للخسائر والأضرار لكن بشروط. ويرغب الاتحاد في توسيع قاعدة الدول التي ينبغي أن تموّل هذا الصندوق لتشمل الصين. كما يريد الاتحاد الأوروبي الربط بين إنشاء هذا الصندوق وتبنّي لغة أشدّ حسما على صعيد خفض استخدام الوقود الأحفوري وبذْل جهود أكبر لحصر الاحترار العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية. وأظهرت البلدان النامية حُسن النوايا مُبدية رغبتها في إنهاء الخلافات. Getty Images رئيس البرازيل المنتخب حديثا كان نجم مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب27 وقالت وزيرة التغير المناخي في باكستان شيري رحمن: "بالنسبة لتلك البلدان القلقة أو المتخوفة من المسؤوليات والإجراءات القضائية، أظن أن بإمكاننا العمل على تبديد تلك المخاوف". * التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري بكل أشكاله في المباحثات الختامية لمؤتمر كوب26 الذي عقد في غلاسكو العام الماضي، انقسم المجتمعون حول قضية استخدام الفحم. وأرادت البلدان الغنية التخلي تدريجيا عن استخدام معظم الوقود الأحفوري الملوّث للبيئة، وذلك على غير إرادة بلدان ذات اقتصادات نامية بينها الصينوالهند. وظهرت عقبات على هذا الصعيد في قاعة الجلسات العامة بينما حاول الدبلوماسيون التوصل إلى حل وسط. واستقر المتباحثون في غلاسكو على "الخفض التدريجي" بدلا من "التخلي التدريجي". وهنا، أظهرت الهند ودول أخرى رغبتها في اتساع هذه العبارة لتشمل النفط والغاز. على أن مسودة الوثيقة النهائية التي طُرحت يوم الخميس في مؤتمر شرم الشيخ لم تفعل أكثر من إعادة صياغة الوثيقة النهائية الصادرة العام الماضي عن مؤتمر غلاسكو. Getty Images وأصيبت دول عديدة، غنية وفقيرة، بالإحباط، وراحت تدفع صوب إدراج أنواع أخرى من الوقود الذي يتعين خفض استخدامه تدريجيا. * الإبقاء على فكرة حصر الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية كان ذلك هو شعار مؤتمر كوب26 برئاسة المملكة المتحدة. ولكن بنهاية المؤتمر بات هذا الشعار على أجهزة الإنعاش - بحسب ألوك شارما، الوزير المسؤول عن المحادثات. وينظر العلماء إلى ارتفاع حرارة الكوكب بمقدار 1.5 درجة مئوية على أنه يمثل عتبة لمستويات بالغة الخطورة من الاحترار العالمي - غير أن ما يثير القلق هو مدى الالتزام بجدية هذه المسألة، لا سيما في ظل ما تقوله الهندوالصين من أن شيئا لم يعد مجديا من الناحية العلمية على هذا الصعيد. وفي حقيقة الأمر، يُنظر إلى مسودة الوثيقة النهائية التي طرحتها مصر على أنها انتكاسة إلى لغة اتفاق باريس للمناخ من حيث العمل على حصْر الاحترار دون درجتين مئويتين، وبذل أقصى الجهود لإبقائه دون 1.5 درجة مئوية إنْ أمكن. ويقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "أشهد رغبة في الإبقاء على هدف ال 1.5 درجة مئوية .. لكن يجب علينا التأكيد على هذا الالتزام في الوثيقة النهائية لمؤتمر كوب27". * الولاياتالمتحدةوالصين شهد اللقاء الأخير بين الرئيسين بايدن وشي جينبينغ شيئا من التحسن على صعيد العلاقات بين أكبر مصدرين للانبعاثات في العالم. لكن غياب التعاون بشكل ملموس على عدد من الأصعدة بين الجانبين يشكل عائقا على طريق معالجة تغيّر المناخ التي ترعاها الأممالمتحدة. Getty Images اللقاء بين الرئيسين الأمريكي والصيني ربما يساعد محادثات حول التغير المناخي ويعد المثال الرئيسي لذلك هو تعويض "الخسائر والأضرار" والتمويل المناخي بشكل أكثر عمومية. وعادة ما تدفع الدول المتقدمة، وهو ما لا تفعله الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الهندوالصينوالبرازيل. والآن تريد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أن تتسع قاعدة الدول التي تسهم في التمويل المناخي - وتأتي الصين على رأس القائمة المستهدفة. تقول بيرنيس لي، الباحثة في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية: "بنهاية العقد الحالي، تتجاوز الصينالولاياتالمتحدة على صعيد الانبعاثات التراكمية، كما تعد الصين ثاني أضخم اقتصاد عالمي، ومع ذلك لا تزال طبقا لمحددات وضعتها الأممالمتحدة دولة نامية". وتضيف الباحثة: "لكن الولاياتالمتحدة أخفقت بشكل مستمر في تمويل المناخ وفي تحمّل مسؤوليتها كأكبر مصدر للانبعاثات في العالم فيما يتعلق بدعم العالم النامي". وتختتم بيرنيس لي بالقول: "لو أمكن للصين والولاياتالمتحدة أن تتوصلا إلى تفاهم، لتفتّحت بذلك آفاق رحبة من الحلول أمام بقية دولة العالم".