بين الجزائر والمغرب قطيعة سياسية يغذيها تنافس محتدم وغير معروف المآل في مجال التسلح والانفاق العسكري، فبعدما كشفت الجزائر عن رفع الميزانية المخصصة للدفاع الوطني الى حوالي 23 مليار دولار (ما يناهز230مليار درهم). وذلك بعدما كانت لا تتجاوز حوالي 10 مليارات دولار سنويا خلال العشر سنوات الماضية. سجلت ميزانية الدفاع الوطني بالمغرب ارتفاعا ملحوظا في مشروع قانون المالية لسنة 2023، حيث ارتفع الرقم بحوالي 4 ملايير درهم، بعدما كان في حدود 5.9 مليار درهم العام الماضي. ومن خلال مشروع القانون المالي الذي تم عرضه أمام المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، الثلاثاء الماضي، حيث تمت المصادقة على المشروع الذي تضمن مبلغ 119 مليار و766 مليون درهم للنفقات المأذون للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني الالتزام بها.
كما عمدت الحكومة إلى تغيير حساب النفقات من المخصصات المسمى "اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية" إلى "اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير صناعة الدفاع"، بما يفسح المجال أمام منح إعانات للدولة لتطوير الصناعات الدفاعية لتمكين الحساب من تحمّل النفقات المتعلقة بنظام الدعم الخاص الموجه للمستثمرين المحتملين في إطار تطوير صناعة الدفاع.
وعلى مستوى المناصب المالية الموزعة برسم الميزانية العامة، فقد تم تخصيص 700 منصب لإدارة الدفاع الوطني، وهو ما يمثل تراجعا يتجاوز 3000 منصب مقارنة مع سنة 2022 التي بلغ فيها عدد المناصب 10800.
تسابق محموم
يرى مراقبون ومحللون، أن هذا التسابق بين البلدين نحو شراء الأسلحة ليس وليد اللحظة، بل هو تراكم لسنوت خلت نتيجة النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، حيث تُبرم القوات المسلحة الملكية المغربية خلال الشهور الماضية صفقات تسلح وشراكات أمنية ودفاعية مع إسرائيل، والصين والولايات المتحدةالأمريكية، كما أبرمت صفقة لشراء فرقاطات وسفن حربية مع إسبانيا، واقتنت صواريخ نفاثة متطورة من واشنطن من نوع "JSOW"، إضافة إلى "درونات بيرقدار تي بي 2" التركية، وغيرها من الصفقات العسكرية.
من جهتها، أبرمت الجزائر صفقات عسكرية ضخمة مع روسيا، مزودها الرئيس بالأسلحة والعتاد الحربي، تتسلم بموجبها طائرات "سوخوي-57" و"سوخوي-34″، و"سوخوي- 32″، فضلاً عن شراء دبابات روسية، وطائرات مسيرة من الصين.
يرتبط الإنفاق على الصفقات العسكرية بالعلاقات الثنائية المتردية بين البلدين، فالجزائر قررت من جانب واحد قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في غشت 2021، بعد سلسلة من الاتهامات الموجهة إلى الرباط، التي اشتكت بدورها من "هجمات مدروسة من طرف دول معادية للمغرب".
تسلح ومطالب بطي الخلاف
يطالب المغرب في أكثر من مرة الجزائر بطي الخلافات الثنائية، وأعلن مد يد الحوار إليها، للانكباب على القضايا الحقيقية، مثل فتح الحدود البرية المغلقة وتعزيز البناء المغاربي، لكن السلطات الجزائرية فضلت الهروب إلى الأمام، واختارت منطق القطيعة الدبلوماسية من جانب واحد، ما فاقم حالة الشك في العلاقات الثنائية".
كانت الجزائر قد ردت على مبادرة "اليد الممدودة" للتصالح، التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2021، باتهام الرباط بأنها ترتكب "مغامرات خطيرة تشكل تكذيباً رسمياً لليد الممدودة المزعومة"، وفق تعبير سابق للخارجية الجزائرية.