كشف موقع "Global fire power"، في تقريره الأخير لعام 2017 عن ترتيب أقوى الجيوش العالمية، والذي شمل 126 دولة، أن المغرب يحتل الرتبة 57 دوليا من حيث القوة العسكرية والرابعة على المستوى العربي، فيما احتلت الجزائر الرتبة 26 على المستوى العالمي والثالثة عربيا بعد مصر التي احتلت الرتبة 12 عالميا والأولى عربيا، والمملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الثانية عربيا و24 على المستوى الدولي.. "الأيام" تفتح ملف القوة العسكرية للجيش المغربي مقارنة مع الجزائر وقوى إقليمية أخرى، وتستطلع رأي خبراء في التقارير المنشورة حول موقع القوات المسلحة الملكية. في كل مرة تطالعنا تقارير صادرة عن معاهد مختصة بالشؤون العسكرية حول القوة الحربية للقوات المسلحة الملكية مقارنة مع باقي الجيوش الإقليمية أو العربية أو العالمية، ومع كل تقرير تصعد مرتبة الجيش المغربي أو تنزل، بشكل لا يستوعبه عموم المغاربة من غير المختصين بالمجال العارفين بخباياه ودهاليزه السرية، وهم قلة.. مع كل تقرير تتطلع الأفئدة إلى معرفة رتبة القوات المسلحة الملكية وحسن أدائها وقوتها القتالية، مُنقادة بلاوعي نرجسي، ولا تجد ما يشبعها من جهة لتضارب المعطيات المقدمة حتى من ذات المعاهد المختصة في تقدير القوة العسكرية، ومن جهة أخرى لغياب معطيات رسمية حول الموضوع، بحكم الطبيعة السياسية للمؤسسة العسكرية، المحاطة بالتكتم...
إن شغف المغاربة وتطلعهم لمعرفة حقيقة القوة العسكرية للجيش الملكي تغذيه وتبرره مشاعر خاصة للتقدير زائد الفضول المعرفي، ذلك أن الجيش هو الدعامة الأساسية لقوة الدولة وفخر الوطن، متى لم يكن استبداديا وأداة قتل وقهر، وبهذا المعنى، وبحكم نأي المؤسسة العسكرية بالمغرب منذ عقود عن الصراع السياسي، ووجودها تحت القيادة العليا للملك، فهذا شكل لدى المغاربة مصدر فخر، ويتطلعون إلى أن يحتل جيش بلادهم، الذي يحمل تقاليد إمبراطورية منذ أكثر من 11 قرنا، مراتب متقدمة إقليميا ودوليا.
القوات المسلحة الملكية في المرتبة الرابعة عربيا
حسب تقييم موقع «غلوبال فاير بوور» لعام 2017، فقد احتلت القوات الأمريكية المرتبة الأولى، ثم جاءت بعدها القوات الروسية الثانية، واحتل الجيش الصيني الرتبة الثالثة، وعلى مستوى العالم الإسلامي جاء الجيش التركي في الرتبة الثامنة، وتراجعت القوة العسكرية لإيران لتحتل الرتبة 20، مسبوقة بباكستان (13) وأندونيسيا (14)، فيما تقدم موقع الجيش المصري الذي احتل الرتبة 12 ضمن 126 دولة، والأولى على مستوى القوات العسكرية العربية، متبوعا بالعربية السعودية التي احتلت الرتبة 24 من حيث القوة العسكرية، والجزائر التي احتلت الرتبة 26، بينما جاءت القوات السورية في المرتبة الخامسة عربيا و43 على المستوى العالمي، ثم القوات العراقية السادسة عربيا ، أما المغرب فقد احتل الرتبة الرابعة عربيا و57 عالميا.
ما الذي يمنح القوة العسكرية للجيش
تعتبر عملية قياس القوة العسكرية جد معقدة، لاعتمادها على عناصر أحيانا لا تدخل في صميم اهتمام الجيش أو لا تعود إلى مجال تدبيره، مثل الموقع الجغرافي، والتوفر على واجهة بحرية أم لا، ووقوع البلد في منطقة غير مستقرة أو بعده عن مناطق النزاع، بالإضافة إلى وجود بنية تحتية تهم تطور الدولة وسياستها العمومية مثل عدد المطارات، وطول مسافة الطريق السيار، وانتشار السكك الحديدية في البلد، وجودة الطرقات وتعدد الجسور، بالإضافة إلى مستوى التعليم الذي يمد الجيش بالكفاءات العالية، وجودة الخدمات...وغيرها من العوامل التي توجد خارج الفهم التقليدي للقوة العسكرية المرتبطة بالعتاد الحربي وعدد الجنود...
حساب القوة العسكرية اليوم لم يعد يستند على المعايير الكمية التي يعتمد عليها كثيرا الموقع العالمي «غلوبل فاير بوور»، فالعتاد الحربي وعدد الجنود النشيطين لا يخلقان بالضرورة قوة عسكرية، فهناك تنوع مصادر التسليح، وكفاءة القيادة العسكرية، والاعتماد على برامج متطورة في التكوين والاحتكاك بالقوات العسكرية القوية في العالم، والمشاركة في مناورات عسكرية والتكوين المستمر لأطر الجيش وكفاءة القيادة العسكرية والخبرة الفنية لأفراد الجيش، وعدد الحروب التي يخوضها وتماسك الجبهة الداخلية التي تسند الجيش الذي يدافع عنها...
ليس العتاد وحده الذي يخلق القوة يؤاخذ العديد من الخبراء على ترتيب موقع «غلوبال فاير بوور» اعتماده على السلاح كعامل أساسي في تقدير القوة العسكرية، وبرأيهم فإن السلاح وإن كان هو الأداة الأساسية للحرب، فإن ترسانة ضخمة قد تغدو مجرد خردة غير مفيدة، وهنا بالضبط الاختلاف الموجود بين الجيش الجزائري والقوات المسلحة الملكية، ف «المغرب لا يملك نفس الإمكانيات المالية التي تملكها الجزائر»، كما صرح بذلك عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، العام الماضي أمام نواب الأمة، فميزانية الجيش الجزائري وصلت عام 2015 إلى 104 مليار درهم، في حين لم تتجاوز ميزانية القوات المسلحة الملكية 31,9 مليار درهم مقابل 31,5 مليار درهم لعام 2014، 70 بالمائة منها مخصصة كرواتب وأجور لموظفي الجيش، فيما تتوزع 30 بالمائة الباقية بين المعدات والتجهيزات والنفقات المختلفة. وتؤكد مصادر جد مطلعة ل «الأيام» أنه رغم ضعف الميزانية المخصصة للقوات المغربية فهي أكثر فعالية، من جهة لطبيعة تكوين أطرها الذي يمزج بين الصرامة الفرنسية والخبرة الأمريكية، ومن جهة أخرى للتكنولوجيا المتطورة التي تتوفر عليها القوات الجوية والبرية، فيما التفوق البحري يظل للقوات الجزائرية، حسب الخبير المغربي إبراهيم السعدي.