إثر التراكم التاريخي الذي يبصم العلاقات الثنائية بين الرباطوموسكو، وسعيا منهما في فتح صفحة جديدة، استقبل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس الاثنين 22 غشت الجاري، في مدينة الرباط، فلاديمير بايباكوف، السفير الروسي الجديد بالمملكة، الذي عوض فاليريان شوفايف الذي شغل هذا المنصب لسنوات؛ وذلك بعد تقديمه نسخا من أوراق اعتماده بصفته سفيرا مفوضا فوق العادة لفيدرالية روسيا لدى الملك محمد السادس. في ظل تحول كبير تعرفه العلاقات المغربية الروسية، يحُل بايباكوف، ممثل موسكو الجديد بالمملكة، بعد أن اختارت الرباط النأي بنفسها عن أي موقف مناوئ لموسكو داخل أروقة الأممالمتحدة، إثر الحرب التي تخوضها ضد أوكرانيا، خاصة عقب سحب فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني لسفيرته من المملكة أواخر شهر مارس المنصرم بسبب ما وُصف آنذاك ب"فشلها في إقناع المغرب بدعم كييف"، كما صرح بنفسه حينها.
من هو فلاديمير بايباكوف؟ فلاديمير بايباكوف ولد سنة 1958، تخرج في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية سنة 1980، وشغل مناصب مختلفة في السلك الدبلوماسي، بما في ذلك منصب مستشار أول في السفارة الروسية في الولاياتالمتحدة في الفترة ما بين 1998 و2002، وكذلك منصب رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونائب المدير.
ومن أهم ما يُميز السفير الجديد لموسكو في الرباط، إيجادته للغة العربية ومعرفته بالفضاء المغاربي، وكذلك منطقة غرب إفريقيا، سبق له أن شغل منصب نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الروسية من 2002 إلى 2008، ثم سفيرا لدى موريتانيا من 2008 إلى غاية 2014، أما بين سنتي 2016 و2022، فقد كان بايباكوف سفيرا في كل من كوت ديفوار وبوركينا فاسو؛ كذلك، سبق للسفير الروسي الجديد في الرباط، أن ترأس الجهاز الدبلوماسي في موريتانيا خلال عام 2008، حيث عاصر مراحل تاريخية في البلاد، بما فيها الانقلاب الرئاسي.
وتجدر الإشارة، أن استقبال السفير الروسي الجديد بالمملكة، أتى مباشرة بعد خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، يوم السبت المنصرم، حيث قال "أوجه رسالة واضحة للجميع، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، لذا ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل".
إلى ذلك، تظل روسيا من بين الدول القليلة، التي لا زالت مواقفها غير واضحة بخصوص "ملف الصحراء المغربية"، على غرار امتناعها عن التصويت على القرارات الدورية لمجلس الأمن وآخرها القرار 2602 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2021 والذي رحبت به الرباط، فيما أثار حينها غضبا في كل من الجزائر وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، بل أحيانا تقف مواقف أقرب إلى الطرح الانفصالي حين تُعبر عن دعمها ل"استفتاء تقرير المصير".