Getty Images بايدن يلقي خطابه في القمة الإقليمية في جدة أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه أمام القمة الإقليمية المنعقدة في مدينة جدة السعودية بمشاركة قادة الدول الخليجية ومصر والأردن والعراق على أن الولاياتالمتحدة ستبقى منخرطة بالكامل في الشرق الأوسط ولن تتنازل عن نفوذها لأي قوة عالمية أخرى. وقال: "لن نغادر ونترك فراغاً تملؤه الصين أو روسيا أو إيران" وأضاف بأن الولاياتالمتحدة ملتزمة بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. ومن جانبه، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في خطابه، إن هناك حاجة لوجود جهود موحدة من أجل دعم الاقتصاد العالمي وإن السياسات غير الواقعية بخصوص مصادر الطاقة لن تقود إلا إلى التضخم. وأضاف: "إن تبني سياسات غير واقعية لخفض الانبعاثات عبر استبعاد مصادر الطاقة الرئيسية سيقود في السنوات القادمة إلى تضخم غير مسبوق وإلى زيادة في أسعار الطاقة وارتفاع البطالة وتفاقم المشاكل الاجتماعية والأمنية الخطيرة". لماذا تعد زيارة بايدن إلى السعودية مثيرة للجدل؟ بايدن يؤكد أنه أثار قضية مقتل خاشقجي خلال لقائه ولي العهد السعودي وقال الحاكم الفعلي للسعودية التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، إن جائحة كوفيد-19 والوضع الجيوسياسي تطلبا بذل المزيد من الجهود المشتركة من أجل دعم الاقتصاد العالمي وإن التحديات البيئية تطلبت نهجاً "واقعياً ومسؤولاً" إزاء التحول التدريجي إلى مصادر طاقة مستدامة. وقد عقد بايدن سلسلة من اللقاءات الثنائية السريعة مع قادة كل من العراق ومصر والإمارات قبيل القمة الموسعة التي سعى الرئيس الأمريكي من خلالها إلى إقامة حلف دفاعي إقليمي. وقالت الرئاسة المصرية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحث مع بايدن الأمن الغذائي والاضطرابات في إمدادات الطاقة. وكانت العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة قد مرت بفترة صعبة خلال الأشهر الأولى من رئاسة بايدن وسط خلافات حول حقوق الإنسان، قبل أن يدفع نجاح مصر في التوسط من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار في غزة في مايو/أيار 2021 إلى عودة العلاقات إلى مجراها الطبيعي. وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع الرئيس الأمريكي "نعمل على تطبيق اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراقوأمريكا بشأن التعليم والثقافة", كما قدم شكره إلى "الولاياتالمتحدة على دعمها في محاربة الإرهاب". وكان بايدن قد وصل الجمعة إلى السعودية في المحطة التالية من جولته الشرق أوسطية قادماً من إسرائيل التي زارها في مستهل الجولة. وتعد السعودية حليفاً منذ عقود للولايات المتحدة، لكن بايدن كان قد تعهد في يوم من الأيام بجعلها دولة "منبوذة" بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وبخاصة قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. والتقى بايدن بالملك سلمان وولي العهد الحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان، رغم الانتقادات الواسعة لهذا اللقاء الذي يأتي بعد توتر في العلاقات بين الرجلين بعد أن نشرت المخابرات الأمريكية معلومات تفيد بأن الأمير محمد "صادق" على العملية التي استهدفت خاشقجي، الذي أثار مقتله وتقطيع جثته داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في 2018 غضباً عالمياً. وقال بايدن للصحفيين مساء الجمعة إنه أثار قضية خاشقجي في محادثاته مع الأمير محمد بن سلمان وقال "أوضحت (له) بأنه إذا حدث شيء مثل ذلك مرة أخرى فإنهم سيحصلون على نفس الرد وأكثر من ذلك". ونقلت وسائل إعلام مقربة من السعودية عن مسؤول سعودي قوله إن الزعيمين "بحثا قضية جمال خاشقجي سريعاً" وأن الأمير محمد "أكد على أن ما حدث هو أمر مؤسف وقد اتخذنا كافة الإجراءات القانونية لمنع" تكرار ذلك. Getty Images قال بايدن إنه بحث قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأشار محمد بن سلمان كذلك إلى أن "مثل هذا الحادث يحصل في أي مكان من العالم" مسلطاً الضوء على "عدد من الأخطاء" التي ارتكبتها واشنطن مثل تعذيب السجناء في سجن أبو غريب في العراق. ويواجه بايدن ضغوطاً من أجل إثارة موضوع حقوق الإنسان مرة أخرى السبت، بعد أن دعاه العشرات من المشرعين البريطانيين والأمريكيين إلى مناقشة "الأسلوب الواسع في استخدام القمع" في مصر في محادثاته مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. اتفاقيات أمريكية- سعودية وتريد واشنطن من السعودية ودول الخليج الأخرى زيادة انتاجها من أجل تخفيض أسعار البنزين المرتفعة في الولاياتالمتحدة، والتي تهدد فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي في توفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكن بايدن حاول الجمعة أن يقلل من سقف التوقعات المطالبة بأن تثمر زيارته للشرق الأوسط هذا الأسبوع عن مكاسب فورية. وقال إنه يفعل كل ما في وسعه لزيادة الإمدادات النفطية إلى الولاياتالمتحدة مضيفاً بأن النتائج الملموسة لن تكون ملحوظة قبل مرور أسبوعين. وقد وقعت الرياضوواشنطن الجمعة على 18 اتفاقاً في مجالات تشمل الطاقة والفضاء والصحة والاستثمار، بما في ذلك تطوير تقنية الجيل الخامس والسادس لشبكات الهواتف النقالة، بحسب بيان سعودي. وقال بيان مشترك منفصل نشرته وسائل الإعلام السعودية إن الطرفين أشارا إلى "أهمية تعاونهما الاقتصادي والاستثماري الاستراتيجي، خاصة في ضوء الأزمة الحالية في أوكرانيا وتبعاتها، مؤكدين التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية". وأضاف البيان بأن بايدن أكد على التزام واشنطن بدعم أمن السعودية والحاجة إلى ردع إيران. وقال البيت الأبيض إن السعودية وافقت على ربط شبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي مع العراق، التي تعتمد كثيراً على الطاقة من إيران. Getty Images الجانبان الأمريكي والسعودي وقعا 18 اتفاقاً الجمعة في مجالات الطاقة والفضاء والصحة والاستثمار وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية للصحفيين إن "روسيا تراهن عملياً على إيران. ونحن نراهن على منطقة شرق أوسط أكثر تكاملاً واستقراراً وسلاماً وازدهاراً"، وذلك في إشارة واضحة إلى الزيارة التي يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القيام بها لإيران الأسبوع القادم. وقال بايدن إن تركيزه في الجولة انصب إلى جانب النفط على "تموضع أمريكا في المنطقة من أجل المستقبل". وقال أيضاً "لن نترك فراغاً في الشرق الأوسط لكي تملأه روسيا أو الصين، ونحن نحصل على نتائج بهذا الصدد". التطبيع مع إسرائيل واستغل مسؤولو البيت الأبيض جولة بايدن لتشجيع الاندماج بين إسرائيل والدول العربية. ومن المتوقع أن تكون قضية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين على البحر الأحمر على جدول أعمال القمة. وكانت مصر قد تنازلت عن الجزيرتين للسعودية في 2016، لكن الاتفاق يتطلب الحصول على الضوء الأخضر من إسرائيل- وهي خطوة قد تدفع إلى إجراء اتصالات بين إسرائيل والسعودية. وقال بايدن الجمعة إن قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات المرابطة منذ عقود في جزيرة تيران، والتي تضم جنوداً أمريكيين، ستغادر الجزيرة، وأضاف البيت الأبيض بأن ذلك سيتم مع نهاية العام الجاري. وكانت السعودية قد رفضت الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام" التي توسطت فيها الولاياتالمتحدة والتي أقامت علاقات في 2020 بين إسرائيل وجارتين من جيران السعودية هما الإمارات والبحرين. وقالت السعودية مراراً إنها ستلتزم بموقف الجامعة العربية منذ عقود بعدم إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل إلى أن يتم حل الصراع مع الفلسطينيين. Getty Images بايدن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أحد فنادق جدة في اجتماع ثنائي قبل القمة الموسعة لكنها تُظهر دلائل على انفتاح أكبر نحو إسرائيل، وأعلنت الجمعة أنها سترفع القيود المفروضة على مرور الطائرات المتوجهة إلى إسرائيل والقادمة منها فوق الأجواء السعودية، في خطوة رحب بها بايدن واصفاً إياها بالتاريخية. ومضى رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إلى ما هو أبعد من ذلك بالقول :"هذه أول خطوة رسمية في التطبيع مع السعودية". التهديد الإيراني وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية إن بايدن سيبحث القدرات الصاروخية والدفاعية الإقليمية عندما يلتقي القادة العرب في السعودية حيث سيسعى إلى دمج إسرائيل في حلف جديد، تستدعي المخاوف المشتركة من إيران تشكيله. وقال المسؤول للصحفيين: "نعتقد أن هناك قيمة كبيرة في دمج أكبر قدر من الإمكانيات في المنطقة وبالتأكيد إسرائيل تملك قدرات دفاعية جوية وصاروخية كبيرة، حيث أنها تحتاج لذلك. لكننا سنبحث هذا الموضوع بشكل ثنائي مع هذه الدول". وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، الجمعة إن بايدن الذي بدأ جولته في المنطقة بزيارة إسرائيل، سيجري محادثات ثنائية مع قادة كل من مصر والإماراتوالعراق قبل أن يشارك في القمة الموسعة، حيث "سيطرح بوضوح" رؤيته واستراتيجيته للانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط. العلاقات السعودية الأمريكية: النفط والإرهاب وحقوق الإنسان هل يضع بايدن في الرياض لبنة التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟ بايدن في السعودية "لإعادة ضبط" علاقات الولاياتالمتحدة معها وقال مسؤول رفيع آخر في الإدارة الأمريكية إن بايدن سيعلن عن مساعدات بقيمة مليار دولار على المديين القريب والبعيد للأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإن دول الخليج ستلتزم بتقديم 3 مليارات دولار خلال العامين المقبلين إلى برنامج عالمي للبنى التحتية يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية. وفي المقابل، تسعى الدول الخليجية التي رفضت الوقوف مع الغرب في مواجهة روسيا في الأزمة الأوكرانية، إلى الحصول على التزام راسخ من الولاياتالمتحدة بالعلاقات الاستراتيجية معها والتي كانت قد توترت بعد ما اعتبر ابتعاداً أمريكياً عن المنطقة. وكانت الرياض وأبو ظبي قد شعرتا بالإحباط من الشروط التي وضعتها الولاياتالمتحدة على مبيعات السلاح ومن استبعادهما من المفاوضات غير المباشرة بين الولاياتالمتحدةوإيران التي ترمي إلى إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015 والذي يعتبرانه معيباً نظراً لعدم معالجته للمخاوف الإقليمية إزاء برنامج طهران الصاروخي وسلوكها. وقد شجعت إسرائيل، التي تشارك هاتين الدولتين مخاوفهما إزاء إيران، رحلة بايدن إلى السعودية على أمل أن تسفر عن تقارب بين السعودية وإسرائيل وبقية الدول العربية على غرار العلاقات التي توطدت مع الإمارات والبحرين في أعقاب توقيع اتفاقات أبراهام. لكن مراقبين يرون أن الخطة الأمريكية لربط منظومات الدفاع الجوي لدول المنطقة قد لا تجد قبولاً من جانب الدول العربية التي لا تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل وتمتنع عن المشاركة في حلف موجه ضد إيران، التي بنت شبكة من الموالين لها في العراق ولبنان واليمن.