المديرية العامة للضرائب تدعو إلى التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الفقيه أحمد الريسوني... الهندوسي: عوض التفكير المقاصدي، الرئيس السابق للإصلاح والتوحيد يخترع الخيال العلمي في الفقه!    العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    البطولة الوطنية.. 5 مدربين غادروا فرقهم بعد 15 دورة    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي من 26 إلى 28 دجنبر بالأردن    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    حزب الأصالة والمعاصرة يشيد بإصلاح مدونة الأسرة ويدعو إلى تسريع المصادقة عليه    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    حملات متواصلة لمحاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون أو "المقنين"    الحكم على 13 عضوا من مناهضي التطبيع ب6 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    بيت الشعر في المغرب ينعي الشاعر محمد عنيبة الحمري    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل اكتشاف موقع أثري يعود إلى القرن ال 11 بسلا
نشر في الأيام 24 يوم 05 - 05 - 2017

كأنه شريط سينمائي أو رواية تاريخية، فجأة تقرر وزارة الثقافة بناء مركب ثقافي ترفيهي هو الأول من نوعه في مدينة سلا وبالضبط في "دار البارود"، الذي تحول بعد استقلال المغرب إلى معهد موسيقي، ثم بعد ذلك إلى حديقة عمومية تعتبر المتنفس الوحيد لساكنة المدينة القديمة لسلا، بدأت أشغال الحفر وإزالة كل ما بني في المكان، لكن المفاجأة أنه بعد تجاوز مترين من الحفر بدأت تنكشف ملامح بنايات قديمة ممزوجة بعبق التاريخ والأصالة، البنايات التي صمدت تحت الأرض لقرون لم تكن سوى الحي الصناعي للفخار "الخزف".

المكان لم يكن يبدو عليه وجود حياة داخله أو نشاط اقتصادي بهذا الحجم، فالأسوار التي تحيط بدار البارود -ويعود تاريخ بناء أساساتها إلى القرن الحادي عشر من طرف بني عشرة الذين هم من بني يفرن "الموحدون"، حيث إنهم لما دخلوا المدينة استعصت عليهم فدخلوا في حرب مع الناس هدمت خلالها عدد من الأسوار، وأعيد بناؤها في عهد يعقوب المنصور- لا توحي بأي من هذا، بالإضافة إلى أن بعده عن الساكنة يجعل منه آخر منطقة يمكن أن يفكر المرء فيها كموقع أثري أو كانت في وقت مضى مركزا لصناعة الفخار.

بعد جولة في الموقع الأثري والاطلاع على ما تم اكتشافه لحدود الساعة من أفران بعد الحفريات التي جرت في الموقع، أول الملاحظات كانت تتمحور حول دقة البناء وجماليته، كل التفاصيل كانت مكانها، الآبار، الفرن، موضع قدم الصانع، مكان الصناعة والتدوير...وهو ما يدل على تقدم وازدهار العمارة والبناء، حتى طريقة توزيع الأفران كانت فيها لمسة جمالية.


الموقع يعود إلى القرن 11

بينت الحفريات الأولى ومعاينة مجموعة الأفران وورشات الحرف الفخارية التي تم اكتشافها، والتي مازالت الأشغال جارية من قبل باحثين وأثريين للكشف عن كنوزها التاريخية، ومن خلال الدراسة الأثرية، فقد تبين حسب محمد بلعتيق، أستاذ باحث بالمعهد الوطني للعلوم الآثار والتراث، ورئيس البعثة الأثرية لدار البارود، أن الأمر يتعلق بموقع أثري يعود للقرن الثاني عشر الميلادي وامتد حتى القرن الرابع عشر. وتم استنتاج ذلك بالنظر إلى أنه تم العثور داخل الأفران على أربعة مستويات من البناء، ما يعني أن أولها بني في قرن معين ثم تم طمسه مع الزمن والبناء فوقه من جديد لأربع مرات تقريبا.

ويبلغ عمق الحفر تحت الأرض حوالي أربعة مترات تحت الأرض، إذ تمكن الباحثون من تحديد الحقبة الزمنية للقى من خلال الدراسة الخزفية المقارنة لنماذج من اللقى التي عثر عليها.

وبلغ عدد الأفران الخزفية التي تم الكشف عنها لحدود الساعة، بالنظر لما قدمه بنعتيق من معطيات خلال الجولة التي خصصت للصحافيين، حوالي 30 فرنا، إضافة إلى ثلاث ورشات لصناعة الخزف، ما يشكل منطقة أشبه بالحي الصناعي للحرفيين، حيث اعتبر أنه لحسن الحظ هناك نص تاريخي يخبرنا بأن دار البارود بنيت من قبل مولاي عبد الرحمن بن هشام، وهي بناية مربعة، والتحريات الجارية مكنت من تحديد بقايا دار البارود التي هي في مستوى مرتفع من الأرض، فيما المستويات الأخرى الأكثر عمقا تعود لحقبات سابقة.

الأول في شمال إفريقيا

حسب بنعتيق، يعتبر هذا الموقع الأثري هو الأول من نوعه في منطقة شمال إفريقيا، حيث إنه من بين نماذج الآثار المعثور عليها الجد متطورة والتي تكتشف في المغرب لأول مرة في الوقت الذي كانت معروفة في الأندلس خلال الحقبات السابقة، وهي نماذج أفران مؤرخة في الأندلس خلال القرن العاشر والحادي عشر.

ويعد حي الخزف، الذي يعود للعصر الوسيط، موقعا فريدا على مستوى المغرب العربي باعتباره "اكتشافا كبيرا وهاما للآثار بالمغرب"، حيث مكنت الدراسة الأولية من اكتشاف نوعية غنية ومتنوعة من الأفران، تجسد على المستوى الفني ديمومة واستمرارية لفن إنتاج الخزف (الرقيق والمصبوغ والعادي والمزجج)، والآجر، والزليج وفوهات الآبار، وغيرها. كما أن هذا الموقع، حسب رئيس البعثة الأثرية لدار البارود، يشهد على خبرة وتجربة الأجداد التي لطالما ميزت مدينة سلا وذاكرتها الجماعية منذ العصر الوسيط وحتى يومنا هذا.


قيمة الموقع الأثري

تعتبر الفترة التاريخية ما بين القرن 12 و 18 ميلادية من تاريخ مدينة سلا فترة يشوبها كثير من الضبابية والغموض، نظرا لعدم توفر النصوص التاريخية الكافية لدراستها، لكن مع اكتشاف هذا الموقع الأثري، يعيش المؤرخون والباحثون في التاريخ فترة من النشوة والسعادة، وذلك لما سيضيفه هذا الموقع من الأشياء للمعرفة التاريخية التي كانت مجهولة حول حقبة معينة لم تكن معروفة عن المدينة.

وحسب بنعتيق، فإن الباحثين كانوا لا يتوفرون إلا على معلومات متفرقة من قبيل أن بني العشرة وبني افرن الذين عاشوا في القرن 11 هم الذين بنوا مدينة سلا، إلا أن هذا الاكتشاف يثبت أنه كان هنا كحي للفخارين وكيف كانت الصناعة فيه ومراحل البناء التي تتضمن أربعة مستويات من البناء وغيرها.

أما على المستوى الأركيولوجي، فيقول هذا الأخير إن اكتشاف الحي الصناعي للفخار سيقلب الكثير من المسائل، مردفا "نحن نعتمد في التأريخ على أشكال وأنواع الفخار، لكن الأركيولوجية الإسلامية في المغرب مطروح عندها مشكل الكرونولوجية، ولا نستطيع بناء على la syramique أن نقول إنها تعود بالضبط لهذه الحقبة".

وأضاف "اكتشاف من هذا النوع إذا تمت دراسته كما يجب سيعطينا بعض الإضاءات الكرونولوجية التي يمكن أن ننطلق منها في حل مشكل التأريخ النسبي، والإضافة الآن هي أننا لم نجد فرنا واحدا وإنما حيا كاملا un quartier de potier هذه صدفة نادرا ما يتم العثور عليها".

مصير الموقع والمشروع

عن مصير الموقع والمشروع بعد اكتشاف الموقع الأثري قال بنعتيق إنه من عادة الباحثين والأثريين أن يدافعوا عن أولوية الإبقاء على المكان كموقع أثري واستمرار الحفريات وتهيئته كموقع تاريخي، فيما هدف أصحاب المشروع الأصل هو توفير مركب ثقافي للساكنة، مضيفا "نأمل أن يتم التوصل إلى مشروع يجمع بين الهدفين معا، الاحتفاظ بالموقع الأثري وترميمه وإدخاله في دورة السياحة الثقافية، أو توفير متحف للقى الأثرية إلى جانب مركب ثقافي أو مسرح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.