بعد اعتماد قرار مجلس الأمن 2351 و صدور بلاغ عن الأممالمتحدة يعبر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ترحيبه بانسحاب عناصر جبهة البوليساريو من منطقة الكركرات وفقا لتأكيدات عناصر بعثة المينورسو، خرجت جبهة البوليساريو ببلاغ لا يؤكد قيامها بقرار الانسحاب من منطقة الكركرات بل يتحدث عن قرار إعادة الانتشار في المنطقة. هذه الخطوة تمثل " تعنتا منضبطا" ليس معزولا عن العاملين السياسي والزمني اللذين فرضهما القرار الأممي 2351 وهما عاملين ضاغطين إضافة لعامل انسحاب المغرب من منطقة الكركرات. لكن خطوة إعادة انتشار ميليشيات البوليساريو بمنطقة الكركرات لا تعني إخلاء المنطقة ليبقى السؤال هو هل هذه العملية نهائية أم تمهيدية لانسحاب تام أم فقط تحريك للمليشيات وإعادة للتموقع بعد الضغط المفروض من المجموعة الدولية ؟ أعتقد أن إعادة انتشار العناصر المسلحة في منطقة الكركرات وفقا للتصور الذي قدمه بلاغ جبهة البوليساريو لايعني تفريغ المنطقة برمتها من الميليشيات و هذا لا يقود إلى تطبيق بنود القرار الأممي وتحقيق الانسحاب الكامل،و بناء الثقة مع الاممالمتحدة،لأن حدود عملية إعادة الانتشار تبقى غير معروفة. المعروف أن الانسحاب يعني تراجع الجيش وإخلاء المنطقة، أما إعادة الانتشار فتعني إعادة ترتيب تموقع الميليشيات في مواقع اخرى من المنطقة ذاتها،بحيث ان عملية إعادة الانتشار ( Re_Deployment ) ترتكز على التواجد العسكري في المنطقة المحددة دون الانتشار لأهداف دفاعية وبالتالي فإن إعادة الانتشار هو وضع تعديلي فقط، ولايعني الانسحاب الكامل وهو من وجهة نظر جبهة البوليساريو يعني أن ميليشياتها انتقلت من مكان إلى مكان آخر على ما تعتبره " أرضها " وليست قطاعا عازلا كما تعتبرها الأممالمتحدة، وهنا يظهر تحايل البوليساريو على المنتظم الدولي لأن الأمر يتعلق بتحرك الميليشيات من من موقع إلى آخر بمنطقة الكركرات ولا يعني بوضوح الانسحاب التام من المنطقة إلى خارجها. والأممالمتحدة في تعريفها للوضع تعتبر أن منطقة الكركرات تمثل قطاعا عازلا، والقطاع العازل ( المنطقة العازلة ) له وضع قانوني في القانون الدولي بحيث لا يمكن أن يكون محتلا من طرف الميليشيات ولا السيطرة فيه على حياة العابرين و تحمل المسؤولية عن الأعمال أو تبعات الأعمال في رقعته.
محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية