بعد شد طويل وفي تغيير جديد في لهجة التصريحات المعلنة، خرج وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس بمواقف جديدة في حوار له مع قناة وصحيفة صحيفة "إلدياريو" المحلية. وشدد خوسي مانويل ألباريس على العلاقات الثنائية التي تربط بلاده مع المغرب وأهميتها بالنسبة لهم، قائلا إن "هناك شبكة من المصالح بين البلدين، يتوجب ضرورة تعزيز هذه العلاقات والمصالح، كما أننا نبني علاقة القرن الحادي والعشرين ونتطلع إلى المستقبل".
وذكر ألباريس بخطاب الملك محمد السادس في 21 غشت الماضي الذي تحدث فيه عن نوع العلاقة التي يريدها بين المغرب وإسبانيا، وهي علاقة متقدمة مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، قائلا –ألباريس- إنه "من النادر أن يذكر ملك المغرب دولة معينة في خطاباته ولا يتكلم كثيرا أيضا حول أي دولة، إذ أن خطاب غشت الماضي ذكر الملك محمد السادس إسبانيا تحدث عن نوع العلاقة التي يريدها معها، وهذا بالضبط ما يشجع على الحوار بين البلدين".
وأشاد في أجوبته، بمجهودات المغرب في التصدي للهجرة السرية، قائلا "أؤكد على دور المغرب في مواجهة الهجرة غير النظامية، حيث فقط في فترة عطلة نهاية السنة الميلادية "الكريسماس"، والتي تمتد إلى حوالي 15 يوما، تصدى السلطات الأمنية المغربية إلى أكثر من 1000 شخص حاولوا القفز فوق أسوار سبتة ومليلية".
وأكد وزير الخارجية الإسباني أنه "سيكون من الصعب للغاية تحقيق ذلك، أي التصدي لذلك العدد من المهاجرين غير النظاميين، بدون تعاون المغرب وهذا ما يجعله شريكا استراتيجيا لإسبانيا وأيضا لأوروبا".
وفي تهرب واضح عن الجواب عن سؤال موعد عودة سفيرة المغرب لدى مدريد إلى منصبها بعد، قال إن "قرارات تعيين وعودة السفراء قرارات مستقلة لكل دولة، كما أن السفارة المغربية في مدريد مفتوحة وتعمل بشكل طبيعي، وهناك تواصل مستمر مع الخارجية الإسبانية، وهو نفس الأمر مع السفارة الإسبانية في العاصمة المغربية الرباط".
وجدد التأكيد على أن بلاده تلتزم الحياد في الصراع بين المغرب والجزائر، قائلا إن "ما يحدث بين البلدين تبقى قرارات تخصهما ولا علاقة لمدريد بذلك، وإذا كان هناك تدخل لإسبانيا فهو سيكون في صالح تهدئة الوضع الدبلوماسي بين الجارين المغاربيين".
وبخصوص جوابه عن سؤال، هل يرى مجالا لحل الصراع بين المغرب والجزائر؟، أجاب خوسي مانويل ألباريس قائلا: "لا يمكنني التحدث باسم دولتين تتمتعان بالسيادة وتتخذان قراراتهما بسيادة، وهما شريكان استراتيجيان لإسبانيا من الدرجة الأولى، نريد أن يعيش جيراننا في سلام وانسجام. إنهم يتخذون قراراتهم، ولكن حيث ستكون إسبانيا دائما، فهي تمد الجسور وتبني معهم مجتمع البحر الأبيض المتوسط وخاصة مجتمع غرب البحر الأبيض المتوسط.
هذا وقد فشلت المفاوضات السرية بين المغرب وإسبانيا والتي جرت على مستويات متعددة إذ يتشبث كل طرف بموقفه، إذ تطالب الرباطمدريد بالموافقة على مقترح الحكم الذاتي والكف عن مبادرات تعيق حشد الدعم له، إذ كانت أول دولة عارضت علانية اعتراف ترامب بمغربية الصحراء.
وفي ظل استمرار المغرب على مواقفه من عدم استئناف العلاقات إلا بموقف لين من إسبانيا في نزاع الصحراء المغربية، على الأقل عدم معارضة أي مبادرة ما وسط الاتحاد الأوروبي تعطي الأفضلية للحكم الذاتي، ثم إصرار إسبانيا على تصور جديد يقوم على الحصول على ضمانات من المغرب في مجالات منها الهجرة، ترى أوساط سياسية مهتمة بمستقبل العلاقات الثنائية ضرورة دخول طرف ثالث للوساطة وتقريب وجهات النظر.
وشهدت العلاقة بين المغرب وإسبانيا أزمة على خلفية استضافة مدريد بين أواخر شهر أبريل ومطلع يونيو 2021، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي بهوية مزيفة بدعوى تلقي العلاج من كورونا، بالرغم من أنه متهم بارتكاب "جرائم حرب".
وزاد من تعميق الأزمة تدفق نحو 8 آلاف مهاجر غير نظامي منتصف ماي الماضي، بينهم قاصرون مغاربة إلى مدينة سبتة وهو ما اعتبره مسؤولون إسبان وأوروبيون محاولة من الرباط للضغط على مدريد بعد استقبالها الانفصالي غالي.
وفي يوليوز الماضي، عين رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، "خوسيه مانويل ألباريس" وزيرا للخارجية بدلا من "أرانتشا غونزاليس لايا"، لتحسين العلاقات مع المغرب، وتدبير ملفات دبلوماسية أخرى، إلا أن كل ذلك لم يتجه في طريق الصلح.