خلال الساعات الماضية، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى سرادق عزاء، إثر وفاة لاعب وقائد نادي "مولودية سعيدة"، سفيان لوكار، داخل أرضية الملعب خلال مباراة ضد "جمعية وهران" في دوري الدرجة الثانية. وسقط سفيان ( 29 عاماً ) على رأسه بعد الاصطدام مع حارس مرمى الفريق المنافس، إلا أنه أكمل المباراة عقب تلقيه الإسعافات الأولية، قبل أن يسقط مجددا على أرضية الملعب. وذكرت تقارير صحفية جزائرية أن اللاعب توفي متأثرا بأزمة قلبية. في حين وثقت مقاطع فيديو من داخل الملعب محاولات الطاقم الطبي لإنعاش قلب اللاعب لكن محاولاتهم باءت بالفشل، لتنتهي المباراة وسط حالة من الصدمة والذهول. ونشر حساب فريق "مولودية سعيدة" تدوينة على فيسبوك نعى فيها اللاعب الراحل. كما نقل الحساب تصريحات لمدرب الفريق العربي مرسلي، قال فيها إن اللاعب "سقط بطريقة عادية بعد التحامه مع أحد اللاعبين ونحن تحت الصدمة" . ونفى المرسلي كل ما يتردد عن معاناة سفيان من مشاكل صحية في السابق مضيفا بأنه " كان مؤهلا للعب بملف طبي وكان في صحة جيدة". كذلك رثى الاتحاد الجزائري لكرة القدم اللاعب سفيان لوكار، معتبرا ما حدث فاجعة أليمة أصابت كرة القدم الجزائرية. ذهول ورثاء سادت حالة من الحزن بين عشاق المستديرة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، حيث انتشر وسم #سفيان_لوكار مرفقا بصور اللاعب وعبارات رثاء. تفاعل مدونون من عدة دول عربية مع خبر وفاة اللاعب الجزائري معربين عن تضامنهم مع أسرته وزملائه الذين بدت عليهم آثار الصدمة. فقد تناقل مغردون فيديو يظهر فيه لاعبون من الفريقين يبكون بحرقة بغرف تغيير الملابس، في مشهد يعكس حجم الصدمة بعد تلقيهم خبر وفاة زميلهم. ومن المدونين أيضا من استنكر مزاحمة البعض للمسعفين من أجل تصوير اللحظات الأخيرة من عمر اللاعب . ويرى هؤلاء أن ما حدث داخل الملعب أثناء إسعاف اللاعب كشف عن أزمة وعي كبيرة داعين إلى احترام حرمة الموتى ومراعاة شعور ذويهم بدلا من المسارعة لتوثيق مثل هذه الحوادث المفجعة لمجرد تحقيق سبق صحفي أو رفع نسب المشاهدة. وعاب آخرون على بعض وسائل الإعلام العربية تغطيتها للحدث وإصرارها على إعادة بث لحظة احتضار اللاعب. وتساءل مدونون عن الجدوى من نشر وتداول مقاطع تمس بحرمة الشخص خاصة في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على نفوس المتلقين". وانبرى البعض الآخر في عقد مقارنات بين الوقائع التي شهدتها حادثة اللاعب الدانماركي كريستيان إريكسن واللاعب الجزائري سفيان لوكار. يذكر أن إريكسن تعرض إلى نوبة قلبية خلال المباراة الافتتاحية لبطولة أوروبا يورو 2020 التي جمعت بين الدنمارك وفنلندا. وتلقى اللاعب علاجا طبيا طارئا على أرض الملعب قبل نقله إلى المستشفى، ما ساهم في إنقاذ حياته. وكان مدونون جزائريون قد انتقدوا عدم وجود تدخلٍ طبي سريع داخل الملعب. وألقى بعضهم باللائمة على المسؤولين الرياضيين واتهموهم بالتقاعس في تطوير البنى التحتية للملاعب وتخصيص عيادات طبية متكاملة لتسهيل التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة. وذكر آخرون بحوادث مماثلة هزت المجتمع الرياضي الجزائري. حالات سابقة ولا تعد وفاة اللاعب الجزائري الحالة المأساوية الوحيدة التي شهدتها الملاعب الرياضية. فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، فوجعت جماهير كرة القدم ببعض الوفيات المباشرة في أرض الملعب. فقد شهد الدوري العماني الأربعاء الماضي وفاة لاعب نادي مسقط مخلد الرقادي، أثناء عملية الإحماء قبيل بدء مباراته أمام نادي السويق، بعد أن تعرض لنوبة قلبية. وقبل أيام توفى أحمد أمين حارس نادي الرباط والأنوار المصري إثر تعرضه لإغماء مفاجئ بعد انتهاء حصة تدريب مع فريقه. وحاول الأطباء إسعافه ولكن محاولاتهم لم تكلل بالنجاح ليعلنوا وفاة الحارس الشاب بالسكتة القلبية"، وفقا ما ذكرته وسائل إعلام مصرية. وفي يناير عام 1997، فجع الوسط الرياضي التونسي بوفاة نجم فريق الترجي الهادي بالرخيصة إثر سكتة قلبية تعرض لها خلال الدقائق الأخيرة من مباراة ودية جمعت فريقه بنادي أولمبيك ليون الفرنسي. وشكلت وفاته صدمة لدى زملائه وجمهوره الذي كان يلقبه ب"قلب الأسد". ومن أبرز الحالات عالميا، وفاة لاعب فريق الكاميرون مارك فيفيان فوي عن عمر يناهز 28 عاما، ووفاة لاعب فريق إشبيلية السابق أنطونيو بويرتا في عام .2007 وخلصت التقارير الطبية آنذاك إلى أن وفاة اللاعبين كانت مرتبطة بأمراض قلبية. ما سبب تزايد الإصابة بأمراض القلب بين اللاعبين؟ مع تكرر تلك الظاهرة في السنوات الأخيرة، طرحت الكثير من التساؤلات حول أسبابها وعن الأساليب المتبعة لحماية اللاعبين. يعد توقف القلب عند ممارسة الرياضة أمرا نادر. ففي تصريح سابق لبي بي سي، أشار البروفيسور سانجاي شارما، رئيس لجنة إجماع خبراء أمراض القلب في الاتحاد الإنجليزي، إلى أن ذلك العارض يحدث لحوالي 1 من كل 50 ألف رياضي". وقد نبهت دراسة في جامعة سانت جورج في لندن من أن مخاطر موت لاعبي كرة القدم بسبب توقف القلب، أعلى بكثير مما كان يعتقد الأطباء من قبل. لكن ثمة أسباب متعددة وإشارات تحذيرية للوفاة المفاجئة في صفوف اللاعبين. ويمكن تقسيمها إلى قسمين أمراض وراثية وأمراض مكتسبة مثل تصلب الشريان. وقد يتسبب عدم انتظام ضربات القلب في مرض بالشريان التاجي، وتجمع الكوليسترول الذي يسد شرايين القلب. وتشمل الأسباب الأخرى الالتهابات الفيروسية لعضلة القلب، والتعرض لصدمة كهربائية، والإفراط في شرب الكحول أو تعاطي المخدرات. وعادة ما يكون الإغماء أول علامة على توقف القلب. كما أن الإجهاد البدني والنفسي الزائد قد يؤدي إلى نتائج عكسية أو حدوث تضخم في عضلة القلب. لذا يطالب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) البلدان الأعضاء بتكثيف الفحوصات الدقيقة للقلب للتأكد من سلامة اللاعبين وقدرتهم على ممارسة الرياضة.