ظلت السينما منذ أن عرفها العالم العربي مع بدايات القرن العشرين نموذجا لإنتاج اجتماعي في علاقته مع الواقع بكل تجلياته وقضاياه، وهذا حال المغرب الذي عرف الصناعة السينمائية لأول مرة في تاريخه في أواخر القرن التاسع عشر، فأول فيلم سينمائي تم تصويره في مغرب أيام زمان بالأبيض والأسود كان في العام 1897، للمخرج الفرنسي لويس لوميير بعنوان "الفارس المغربي" (Le chevrier Marocain)، وكان فيه حضور يكاد يكون محتشما للمرأة.
بين العامين 1897 و 2021 جرت الكثير من المياه تحت الجسر و 124 سنة من الإبداع السينمائي في المملكة الشريفة، وطوال هذه المدة الطويلة تم تصوير ما يزيد بقليل عن 400 فيلم سينمائي مغربي، وهو رقم مخجل ولا يرقى إلى الإمكانيات الفنية والإبداعية التي يتوفر عليه بلد بحجم المغرب ثقافة وحضارة وتاريخا، رغم أنه أصبح في السنوات الأخيرة محجا للعديد من المخرجين السينمائيين في العالم، ممن اختاروا مدينة ورزازات المعروفة ب "هوليود إفريقيا" مكانا لتصوير أعمالهم الضخمة.
ما يهمنا في هذا الموضوع هو صورة وحضور المرأة في السينما المغربية، وفيه سنطرح مجموعة من الأسئلة الحارقة: هل حقا هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الصناعة السينمائية المغربية؟ ماذا عن الصورة النمطية للمرأة هل ما زالت مبتذلة؟ كم عدد المخرجات السينمائيات المغربيات مقارنة بالرجال؟ وهل هناك فوارق في الأجور بين الجنسين ؟ لنتابع !
إذا كانت الصناعة السينمائية في كل بقاع العالم مرآة عاكسة للمجتمع، فهو الأمر نفسه في المملكة المغربية، حيث تبقى المرأة أحد هذه الأنساق الاجتماعية التي أثارت جدلا بخصوص مدى إنصاف السينما لقضاياها ومواكبتها لتطور وتعقد أوضاعها. فعلاقة المرأة بالسينما طرحت، على الدوام٬ إشكالا حقيقيا حول حدود مصداقية العمل السينمائي في نقل واقع المرأة وتصحيح تلك الصورة النمطية التي قدمت بها في العديد من النماذج.
هذا الموضوع أصبح يأخذ حيزا كبيرا في النقاش العمومي في المملكة الشريفة، فالمغرب الحداثي يهمه بشكل كبير صورته في الخارج، وبالخصوص ما يتعلق بموضوع المساواة بين الرجل والمرأة بعيدا عن الصورة النمطية، خاصة وأن العديد من المؤشرات والتقارير الدولية تعطي للمغرب نقاطا سلبية موجبة للرسوب في هذا الخصوص. على سبيل المثال فالمغرب يتموقع في مؤشر المساواة بين الجنسين في المرتبة ال 144 عالميا، وهو ترتيب غير مشرف لمملكة نادت كثيرا بالمساواة ورفعت شعار "الانتصار لقضايا المرأة" منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وبدأت هذا الورش الكبير منذ حكومة الوزير الأول الراحل عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998، عندما طرح كاتب الدولة الأسبق لدى وزير التنمية الاجتماعية والتضامن سعيد السعدي خطته الشهيرة لإدماج المرأة في التنمية، ومحاربة الفجوة بين الجنسين.
منذ تلك الفترة إلى غاية اليوم، تكون قد مضت أزيد من 23 سنة بالتمام والكمال من الاشتغال في هذا التحدي المتواصل، تحقق فيها الكثير، لكن الطرف الأكبر لم يتحقق بعد، فالمغرب يحتل اليوم المركز 12 ضمن بلدان الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، في هذا المؤشر الذي يقارن الفجوة بين الجنسين، وهي مراكز غير مشرفة بالمرة.
+ نحو تقليص الفجوة بين الجنسين في السينما
في أحد المساءات الدافئة من ليالي مدينة سلا الساحلية، شهر شتننبر من العام 2019، نظمت إدارة المهرجان الدولي لفيلم المرأة، ضمن فعاليات دورته ال 13 ندوة حول "المساواة بين الجنسين في صناعة السينما"، في برنامج يدخل ضمن خطة عمل منظمة اليونسكو من أجل المساواة بين الجنسين، والمناصفة بين المرأة والرجل، دعماً لحرية التعبير والتنوع، وهو برنامج مدعم من طرف الاتحاد الأوروبي، ويهدف أساساً إلى تعزيز صورة ومكانة المرأة من خلال دورها في صناعة السينما".
في تلك الندوة التي حضرها خبراء دوليون وعدد من الفاعلين في قطاع صناعة السينما في المغرب وخارجه، وخلال الندوة قام المشاركون بتشريح واقع المساواة بين الجنسين في السينما المغربية، التي ما هي إلا انعكاس أوتوماتيكي لواقع السينما العربية بشكل عام، حيث الصورة النمطية والمبتذلة للمرأة حاضرة في مختلف الأعمال، إضافة إلى وجود تفاوتات كبيرة بين أجور الممثلات والممثلين وتفاوتات صارخة في عدد المخرجين بين الجنسين، وأشياء أخرى.
+ الصورة النمطية.. إنتاج فني يعكس واقع المرأة "المبتذل"
لطالما ميزت صورة المرأة، من خلال ما يوفره المشهد السينمائي المغربي، بالالتباس عامة، فقد عمد الكثير من المهتمين بالشأن السينمائي إلى استباحة جسد المرأة وموضوعها في اليومي كمادة سينمائية تكرس تلك الصورة النمطية للمرأة في غياب شبه تام لمعالجة حقيقية لقضاياها، يقابلها تصور ثان حاول تقديم المرأة كفاعل حقيقي داخل المجتمع بعيدا عن أي قوالب جاهزة يمكن أن تكرس تلك النظرة الذكورية عند التعاطي مع انشغالاتها.
في مهرجان سينما المرأة بسلا، المنعقد هذا الأسبوع في نسخته الجديد، تجدد النقاش مرة أخرى حول الصور البصرية والدلالية للمرأة في العديد من الأفلام المغربية، حيث ظلت المرأة، موضوعا "مُهَيْمَنًا عليه"، و"خاضعا" لإرادة الرجل، فقد ارتبطت صورتها المقدمة، في معظم الأحيان، بذلك الكائن البسيط، الذي يتحدد وجوده بوجود الرجل، ويكتفي بدور " المُحَرِّك" و"المُؤَثِّثْ" للفضاء الذكوري.
الصورة النمطية للمرأة في السينما يمكن أن نجد لها تَجَلٍّ في عدد كبير من الإنتاجات السينمائية المغربية، على غرار فيلم "البَايْرَة" (المرأة المتقدمة في السن و غير المتزوجة) للمخرج الشهير محمد عبد الرحمان التازي، التي رأى فيه العديد من النقاد السينمائيين كونه يُكَرِّسُ الوضع التقليدي للمرأة، حيث كَرَّس مجموعة من "الكليشيهات" التي لها ترسبات في المجتمع التقليدي الذي ينظر بعين الريبة والشقفة للمرأة "البَايْرَة"، كما أن هذا الفيلم كَرَّس تلك الصورة النمطية للمرأة التي نظر إليها مجرد كائن تابع للرجل في إطار الأسرة الأَبِيسيّة الممتدة.
غير أن المثير في الأمر ونحن ننجز هذا الملف مصادفتنا لإنتاجات سينمائية كرست فيها المرأة نفسها تلك الصورة النمطية التي تروج ضدها في السينما حتى ولو كانت مخرجة الفيلم امرأة، وهذا على سبيل المثال ما يمكن أن نجده في فيلم "كيد النساء" لمخرجته فريدة بليزيد، وهو الفيلم الذي روج لصورة مغلوطة وسوق المرأة وكأن همها الوحيد هو مصارعة الرجل والشيطنة وحياكة المكائد.
كما أن أفلاما مغربية أخرى كرست صورا نمطية على غرار تقديم النساء وكأن مهمتهن الأساسية هي السحر والشعوذة، وهذا واقع فيلم "الراقد" لمخرجته ياسمين القصاري، التي سقطت بدورها في فخ تسويق الصورة الجاهزة للمرأة التي تقزم من دورها، رغم أن الفيلم ظهر وكأنه يحاول أن يحفر في الصخر لإثبات عكس ما سوقه، كونه لم يطرح بديلا عقلانيا لشرح الظاهرة أو لمحاربتها عبر السينما.
فكيف إذن يمكن للسينما أن تحارب الصورة النمطية للمرأة ؟ هذا السؤال طرحناه على الناقد السينمائي أحمد السيجيلماسي ليجيب: "… في نظري، يمكن محاربة الصور النمطية المتعلقة بالنساء اللواتي يشتغلن في الأعمال الفنية والسينمائية من خلال تعميم التعليم ونشر الثقافة وإعادة النظر في الطرق التقليدية للتربية والتعليم (في جانبها السلبي فقط) التي تسيء للمرأة والرجل معا".
ويضيف مصرحا ل "الأيام": "… هذا بالإضافة إلى تشجيع الأعمال الفنية التي ترفع من مستوى التذوق وتعزز الحس النقدي وتمرر رسائل تهدف إلى ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة كالحرية والمساواة والعدل ومحاربة الإسفاف والأعمال المبتذلة وكل ما من شأنه أن يسيء للكائن البشرى رجلا وامرأة…".
وفي ذات الاتجاه تقول الممثلة يسرى طارق في حديثها ل "الأيام": "… يجب كسر ومقاومة الصور النمطية في الأعمال السينمائية والأعمال السمعية البصرية بشكل عام التي تعرض في التلفزيون أو في السينما، وأعني بذلك السعي إلى الخروج من كون المرأة مجرد شيء تؤثث به الأعمال السينمائية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى مجهود ووقت كبير جدا، لكن المغرب يبقى مقارنة مع دول أخرى يسير في طريق التطور للتعزيز من مكانة صورة المرأة داخل الأعمال السينمائية سواء كفاعلة أو كموضوع أو كثيمة".
وتضيف ذات المتحدثة: "عموما، ليس هنالك مساواة بين الرجل والمرأة في الأعمال السينمائية، سواء من حيث حضور المرأة كفاعلة أو كموضوع؛ كفاعلة على سبيل المثال نجد أن أغلب أدوار البطولة تكون من نصيب الرجال والمرأة تكون مكملة فقط، أما كموضوع نجد أن أغلب المواضيع تكون مرتبطة بواقع المجتمع الذي أيضا ينظر للمرأة كعنصر ثانوي. فلذلك، يلزمنا قطع أشواط كبيرة جدا للوصول إلى مساواة حقيقية في حضور كل من المرأة والرجل في أعمالنا السينمائية المغربية والسمعية-البصرية عموما".
+ هيمنة الرجال على صناعة الأفلام المغربية.. أرقام ناطقة
سنقوم بطي صفحة الصورة النمطية للمرأة في السينما المغربية، لنفتح صفحة أخرى من الكتاب ونتحدث عن هيمنة الرجال على صناعة الأفلام المغربية، فلا يزال هناك الكثير مما يحتاج للتغيير فيما يخص المساواة بين الرجال والنساء في العمل السينمائي المغربي، فواقع الحال يؤكد أنه في العالم بأسره ليس هناك مساواة بين الرجال والنساء، فوفقا لدراسة أخيرة أجرتها جامعة "سان دييغو" فإن 20 في المائة هي نسبة المشاركة النسائية من بين جميع المخرجين والكتاب والمنتجين والمنتجين التنفيذيين والمحررين والمصورين السينمائيين الذين عملوا على أضخم 250 فيلماً سينمائياً خلال العام الذي ودعناه.
في المغرب هناك بعض التجارب التي خاضت سباقات رابحة في مجال المساواة بين الجنسين في صناعة السينما، وهذا هو الحال على سبيل المثال بالنسبة للمهرجان الدولي لسينما المرأة الذي تحتضنه مدينة سلا هذا الأسبوع، الذي يسعى جاهدا إلى الانضمام لميثاق المساواة بين الرجال والنساء، والذي يعرف ب "5050"، ليكون بذلك ثاني مهرجان عربي ينضم إلى هذه المبادرة التي تدعوا لمساواة الفرص بين الجنسين. حيث يُلزم هذا الميثاق المهرجانات السينمائية بإعلان الإحصائيات المرتبطة بنسب مشاركة النساء في فريق البرمجة ولجنة الاختيار، إضافة إلى إعلان نسبة الأفلام التي تقدمت من إخراج نساء، وعدد الأفلام التي اختارها المهرجان منها.
بلغة الأرقام التي لا تكذب، ففي المغرب هناك حضور يكاد يكون محترما للمرأة في السينما والدراما، غير أنه لا يعكس حجم التطلعات، خاصة وأن حجم هذا الحضور مختلف وراء الكاميرا عنه أمامها. فخلف الكاميرا لا يتجاوز عدد المخرجات المغربيات 16 بالمائة في السينما (أي 35 مخرجة من أصل 215)، زد على ذلك عدد لا بأس به من النساء اللواتي يشتغلن في المهن التقنية المرتبطة بالإخراج كالملابس والماكياج والديكور والسكريبت والتصوير والصوت وكتابة السيناريو والإنتاج وغير ذلك.
وفي هذا الصدد يقول الناقد السينمائي أحمد السجيلماسي ل "الأيام" معلقا على هذه الأرقام الناطقة: "… أعتقد أن الأمر لا يختلف كثيرا على مستوى الدراما التلفزيونية. ومعنى هذا أن نسبة الرجال الذين يشتغلون في السينما والدراما بالمغرب أكثر بكثير من عدد النساء. وهذا يرجع ربما إلى صعوبة بعض التخصصات وما تتطلبه من جهد ووقت، كما يرجع إلى نظرة المجتمع وطابعه المحافظ وما يرتبط بالعمل الفني عموما من تصورات سلبية وأفكار مسبقة".
إلا أن حضورهن كممثلات في الشاشتين الكبيرة والصغيرة -يقول السجيلماسي- يقارب حضور الرجال، فالمجتمع يتكون من رجال ونساء وربما نسبة النساء في المغرب تتجاوز بقليل نسبة الرجال (إحصائيا).
لكن أحمد السجيلماسي يتحدث أيضا بنوع من التفاؤل حول المستقبل ويقول: "مقارنة مع بعض الدول العربية وغيرها فالمغرب متقدم نسبيا من حيث عدد النساء المشتغلات في السينما والسمعي البصري، وعددهن مرشح للارتفاع في السنوات القادمة. لذلك لا يجب أن يَغْرُبَ عنا أن هذا شبيه بما هو موجود على الصعيد العالمي وفي جل دول المعمور، أي أن السينما والدراما مجالان يحضر فيهما الرجال أكثر من النساء، لكن ما يهم هو طبيعة هذا الحضور على المستوى الإبداعي. فهناك نساء مبدعات إلى جانب رجال مبدعين ولا علاقة للجنس (رجل/امرأة) بعملية الإبداع وقيمته. من يتوفر على موهبة وتكوين بالدراسة أو الممارسة وإصرار واجتهاد واستمرارية يمكنه أن يفرض نفسه في الساحة الفنية سواء كان رجلا أو امرأة."
وفي ذات الصدد تقول الممثلة يسرى طارق مصرحة ل "الأيام": "… هناك تطور مهم فيما يخص المرأة في السينما المغربية، فإذا تحدثنا من ناحية العدد، فهناك عدد مهم من الأعمال السينمائية التي تحضر فيه المرأة كفاعلة في السينما مثلا كسيناريست، ممثلة، مخرجة، مصورة… لكن في نطري، أعتقد أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو كيف يجب أن تكون صورة المرأة في هذا الحضور العددي؟ فهذا السؤال في نظري هو السؤال الذي يجب الاشتغال عليه من طرف المتخصصين والمهتمين بالشأن الفني بالمغرب".
+ فوارق كبيرة في الأجور... الأرقام التي لا تكذب
رغم أن الناقد السينمائي أحمد السجيلماسي يحاول أن يقلل من حجم تواجد الرجال أكثر من النساء في الصناعة السينمائية، فهو لا ينكر في مقابل ذلك أن هناك فوارق كبيرة في الأجور بين الجنسين في هذا المجال.
ويبرر ذلك بالقول: "الأسباب راجعة في جانب منها إلى غياب نضالية المرأة بالشكل الكافي من أجل الدفاع عن حقوقها كاملة، في جميع المجالات بما في ذلك مجالي السينما والتلفزيون، ورفض كل أشكال التمييز بينها وبين الرجل، فكلاهما إنسان، وهذا الأخير ينبغي أن تصان كرامته ويحظى بحقوقه المدنية وغيرها كاملة وغير منقوصة".
ويتابع: "… في نظري المرأة مسؤولة بدورها عن وضعيتها الحالية ومن النساء من يساهمن في تكريس النظرة الدونية للمرأة وسيادة العقلية الذكورية عبر التربية والتعليم ومختلف طرق التنشئة الاجتماعية. المرأة، كما الرجل، عليهما أن ينتفضا ضد كل أشكال الميز والظلم والحيف… فأحدهما مكمل للآخر ولا كرامة للمرأة بدون كرامة الرجل والعكس. ينبغي على الجميع احترام إنسانية الإنسان سواء كان ذكرا أم أنثى".
ويبدو أن التفاوتات في الأجور ما بين النساء والرجال في الصناعة السينمائية في المغرب، ليس بمعزل عما يجري في العالم بأسره، فهذه القضية عالمية في دنيا السينما، يمكن أن نجد لها تمظهرات حتى في هوليود، الذي انطلقت به حملات في السنوات الأخيرة، ترفض هيمنة الذكور على صناعة الأفلام، وتهدف لتقليل الفارق الكبير في الأجور بين النساء والرجال.
من بينها حملة Time's Up التي دعت العديد من النجمات من ضمنهن ميريل ستريب وميشيل ويليامز وأخريات لارتداء اللون الأسود في حفل الغولدن غلوبس في سنة 2018، وحملة HeforShe التي شجعت على تقليل الفارق في الأجور بين الرجال والنساء في هوليوود، كما عمدت الكثيرات من النجمات العالميات إلى تسليط الضوء على هذا الموضوع في خطاباتهن التي ألقينها أثناء تسلّم جوائز مهمة تكرّم جهودهن في عالم صناعة الأفلام.
وبالعودة إلى المغرب، فهناك دراسات تؤكد هذه الفوارق الموجودة في الأجور بين الجنسين في مجال السينما، كالتي كشفت عنها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي وسفارة هولندا ووزارة العدل، والتي خلصت إلى عدة أوجه لعدم المساواة القائمة على النوع الاجتماعي و على جميع المستويات: فوارق في الأجور، والسقف الزجاجي الذي يحرم النساء من المواقع القيادية، وتوزيع أقل للمحتوى الذي تصنعه النساء.
وبالأرقام، خلصت الدراسة إلى أن 11.3 في المائة من النساء يشغلن مناصب في لجان الإدارة وهيئات صنع القرار للمنظمات المهنية في صناعة السينما مقابل 88.7 في المائة لنظرائهم الرجال، ومن بين 18 مهرجاناً تم تنظيمها يوجد سوى امرأتين فقط في منصب الرئاسة.
الدراسة قدمت أرقاما صادمة، أبرزها أن المخرجات حصلن على 31 مليون درهم كدفعات مقدمة على الإيصالات مقابل 301 مليون درهم للمخرجين الذكور في الأربع سنوات الأخيرة.
ويبقى أن السينما في المغرب مازالت بعيدة عن تحقيق المساواة الكاملة في الأجور، هذا على الأقل ما يمكن أن نلمسه في تصريح الممثلة يسرى طارق: "بخصوص المساواة الجندرية في السينما المغربية، يمكنني أن أقول بأننا لم نصل لها بعد، وهو الأمر الذي يتطلب الكثير من الجهد والعمل، لأن المنظور الذي يشتغل به الكثير من المهتمين بالسينما، سواء أكانوا رجالا أو نساء، لا يتماشى مع مبدأ تحقيق المساواة، إذ نجد أن بعض المخرجات أحيانا يتعاملن مع المرأة كموضوع بعقلية ذكورية بحكم أن هذه الأخيرة تظل متوارثة حتى بالنسبة للإناث".