كشف المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في حفل الافتتاح الذي احتضنه قصر المؤتمرات بمراكش مساء يوم الجمعة الأخير، عن أفلام دورته الخامسة عشرة ، وهي 15 فيلماً روائياً طويلاً لمخرجين سينمائيين صنعوا الحدث هذه السنة، أو لفتوا انتباه النقاد ورواد السينما لجرأة أعمالهم السينمائية . وإذا كان المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي سيمتد إلى غاية 12 دجنبر 2015، سيقدم مجموعة من الأفلام الروائية وغير الروائية، القصيرة والطويلة، فالدورة 15 لهذه السنة، تتميز بتنوع انتمائها الجغرافي، من حيث أن الأفلام التي ستعرض تمثل مختلف القارات: من اليابان إلى البرازيل مروراً بكوريا الجنوبية والهند وكازاخستان وإيران وتركيا ولبنان وأيسلندا والدنمارك وبلجيكا وكندا والولايات المتحدةالأمريكية، والمكسيك، فضلا عن المغرب . كما ستظل فئة الأفلام المعروضة خارج المسابقة الرسمية وفية لبرمجتها المنفتحة على الأعمال الجديدة وموضوعاتها القوية، كما هو حال فيلم الافتتاح "روك القصبة"، لباري ليفنسون وبطولة بيل موري الذي كرمه المهرجان .. وإذا كانت لائحة الأفلام المختارة بدقة للمشاركة في المسابقة الرسمية لهذه الدورة، فان السمات المشتركة أنها استطاعت أن تحافظ على النهج الذي اختاره المهرجان الدولي للفيلم بمراكش منذ بضع سنوات، والمتمثل في التنوع والبحث عن المواهب الشابة، خصوصا أن أكثر من ثلثي الأفلام المتنافسة على النجمة الذهبية هي أول أو ثاني عمل لمخرجيها . وبالعودة الى ما ميز حفل افتتاح الدورة 15 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، هو التفاعل الكبير مع اللحظات القوية العديدة التي وعدت بها هذه الدورة التي تعكس مدى نضج المهرجان، أو من خلال الدروس السينمائية التي سيلقيها مخرجون معترف بتميز لغتهم السينمائية، بالإضافة الى المسابقة الرسمية الخاصة بسينما مدارس السينما التي تستقطب تجارب جلها لمخرجين شباب في بداية مسارهم الإبداعي، أو من عروض منتقاة ضمن فقرة "نبضة قلب" وتكريمات لأسماء وازنة تمثل سينما هوليود وبوليود فضلا عن السينما المغربية. هكذا استطاع الجمهور الذي تابع افتتاح الدورة 15 بقصر المؤتمرات من سينمائيين ومهنيين واعلاميين .. ضيوف الدورة 15 للمهرجان .. التفاعل مع لمسات فنية تلقائية للنجم الأمريكي بيل موراي أو مع فرانسيس فورد كوبولا ، وحتى وهما يلقيان كلمتهما أثناء لحظة التكريم أو الإعلان عن الافتتاح الرسمي للدورة 15 حفل افتتاح متميز .. عرف حفل الافتتاح، تقديم لجنة التحكيم الدورة 15 المتكونة من : المخرج الأمريكي الشهير فرانسيس فورد كوبولا (رئيسا) وعضوية كل من الفنانة المغربية أمال عيوش، والسينمائيين ناوومى كاوازى (اليابان)، ريشا سادا ( الهند)، أولكاكوريلينكو ( أوكرانيا)، طوماس فينتبرك (الدنمارك)، أنطون كوربين ( هولاندا) ، جون بيير جونى ( فرنسا ) سيرجيو كاستييتو من إيطاليا، بالإضافة إلى الممثل الفرنسي سامي بوعجيلة من أصول تونسية، حيث أبدى كوبولا رئيس لجنة التحكيم، عن سعادته بالعودة الى المغرب، الذي وصفه بأنه "أحد البلدان المفضلة" لديه.. وأن "المغرب بلاد جميل شعبه محب للسينما " . فقرة التكريم .. وعلى خشبة قصر المؤتمرات الذي يحتضن المهرجان، حظي النجم الأمريكي بيل موراي بتكريم متميز، حيث تسلم النجمة الذهبية من يد المخرجة الأمريكية صوفيا كوبولا، وهي ابنه المخرج العالمي فرانسيس فورد كوبولا، التي وصفته في كلمتها بأنه أسطورة في فن الكوميديا، وممثل ملهم لكل من يشاركه العمل. وفي سياق التكريم ذاته، تم عرض فيلم قام ببطولته بيل موراي تحت إدارة المخرج باري ليفنسون، وتم تصوير بعض مشاهده بالمغرب، وهو فيلم "روك القصبة". والى جانب بيل موراي، عرف اليوم الثاني من المهرجان، تكريم النجم ويليام دافوي، على أن يتم تكريم كل من مدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، والمخرج الكوري الجنوبي شان وورك بارك، ثم الممثلة الهندية مادوري ديكسيت خلال أيام الدورة 15 القادمة . كما أنه وعلى غرار الدورات السابقة، احتفى المهرجان خلال اليوم الثاني من المهرجان بالسينما الكندية، التي انطلقت عروضها أفلامها المشاركة في المهرجان من خلال تقديم الفريق الكندي المشكل من مجموعة من المخرجين والمخرجات الذين عبروا عن سعادتهم بأحقية هذا الاعتراف من مهرجان دولي له مكانة سينمائية عالميا .. وتعد السينما الكندية من السينمات العالمية العريقة، التي فرضت حضورها في كبريات المحافل الدولية السينمائية . حضور المغرب بالمهرجان .. وتحضر السينما المغربية في المسابقة من خلال انتاج مشترك مغربي - بلجيكي يتمثل في فيلم "المتمردة" لجواد غالب الذي انتقل إلى إخراج الفيلم الطويل بعد تجربة ناجحة في الأفلام الوثائقية. كما يوقع المغرب حضوره بعرض سينمائي ضمن فئة "نبضة قلب"، التي تحمل عادة حس الاكتشاف أفلاما متنوعة من بينها فيلم "لا ايسلا" لأحمد بولان الذي تم إنتاجه بشكل مشترك مع اسبانيا، بالإضافة الى مسابقة سينما المدارس التي تقترح منافسة بين أفلام قصيرة تم إخراجها من طرف خريجي مدارس السينما، حيث ستجري المسابقة بين سبعة أفلام من مدن مراكش، الرباط والدار البيضاء. ماستر كلاس الدورة 15 .. يعود المخرج الإيراني عباس كيروستامي الى المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ، بعد حضوره كعضو في لجنة تحكيم دورة السابقة للمهرجان، بصفة المحاضر ضمن فقرة "ماستر كلاس" . هذه الفقرة التي تستقطب كل سنة كبار المخرجين لتقاسم تجاربهم وكشف العوالم الداخلية لصناعة الفيلم، وعلاقتهم بالسينما .. وسيكون عباس كيروستامي صاحب "طعم الكرز" أحد ثلاثة أسماء الين سينشطون هذه الدروس التفاعلية الى جانب المخرج الألماني من أصول تركية فاتح أكين، والمخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك ، المتوج بالسعفة الذهبية في مهرجان كان . ندوة لجنة التحكيم .. أجمع أعضاء لجنة التحكيم الدورة 15 خلال الندوة الصحفية التي عقدت خلال اليوم الثاني من المهرجان ، وهم المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا ، أمال عيوش، ناوومى كاوازى ، ريشا سادا ، أولكاكوريلينكو ، طوماس فينتبرك ، أنطون كوربين ، جون بيير جونى ، سيرجيو كاستييتو ، سامي بوعجيلة ، أنهم كسينمائيين ليس مهمتهم الخوض في النزاعات السياسية ، وأن التغيير الذي يقوم به السينمائيين عبر السينما سيكون له اثر في المسار الفني للنساء في السينما ، وأن كل الهجمات الارهابية التي يعرفها العالم راهنا، عندما تقع فهي تمس كل الافراد والمجتمعات ، وأنه لا يمكن تغيير السينما لأن الواقع الحالي للصناعة السينمائية رهانه الحقيقي مبني على منطق الربح .. في هذا السياق ، اعتبرت اليابانية ناوومى كاوازى ، أن تجربتها الاخراجية أسستها على فكرة تجعل من أعمالها السينمائية تقوم على البحث عن تربة جيدة وخصبة تساهم في تقديم عمل سينمائي يحظى بإعجاب الجمهور، وأن الموضوعات التي تطرحها تمس الحياة الشخصية للناس العاديين . في حين صرح سامي بوعجيلة ، وهو يتحدث عن علاقته بالسينما ، أنه قضى جزء من حياته كفنان يدافع عن صورة الانسان العربي والمسلم ، والعمل على مواجهة كل الافكار والاوصاف التي تعيق مساره الفني ، حيث يقول بوعجيلة " قضيت حياتي الفنية محاولا تجسيد أدوار الاشخاص وليس الافكار المعادية والعمل على محاكة كل الافكار الداخلية التي تجعل من الفن يعكس صورة المجتمع " . مشيرا أنه هناك ظهور احساس بمؤشرات التغيير" تجاه كل الافكار النمطية التي كانت بمثابة احكام مسبقة عن الانسان العربي والمسلم ، لهذا نحاول دائما من خلال أعمالنا السينمائية ، العمل على تمرير الفن والمحتوى السينمائي الذي يكون بعيد عن السياسة ".. من جهتها اعتبرت أولكاكوريلينكو ، أن " غياب تواجد نساء مخرجات في المهرجانات السينمائية الكبرى ، معطى لا يجب أن نركز عليه ، بقدر ما يجب أن نركز على الافلام التي تشارك فيها النساء كممثلات.. وأظن أنه ليس هناك مؤامرة في تغييب النساء السينمائيات في المهرجانات " . جازمة أنه " لابد من التركيز على نوعية المحتوى لا جنس المخرج السينمائي .. وأن هناك حركة نسائية داخل عالم السينما تحقق وجودها وتدافع عن تصوراتها وكفاءاتها " . أمال عيوش ، ممثل المغرب في لجنة التحكيم الدورة15 ، فأكدت أنه " ليس هناك فرق ما بين المخرج أو المخرجة بل الاختيار يجب أن يتم عن طريق جودة الفيلم "، معتبرة " بالمغرب هناك مخرجين رجال وتزايد في عدد المخرجات المغربيات " . وهل لدور المهرجانات الكبرى نموذج المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دعم الدبلوماسية الموازية ، أكد جون بيير جونى ، أنه عندما " نشاهد الافلام ننسى السياقات السياسية، لأن السينما هي فن عالمي ، وأن السينما وسيلة تواصل دولية " . الممثلة الهندية ريشا سادا ، فاعتبرت أن " آثار الهجمات الارهابية التي يعرفها العالم اليوم ، عندما تقع فهي تمس كل الافراد والمجتمعات .. لكن في المقابل نجد أن الافلام التي تنشر رسالة السلام دائما يرحب بها " ، مؤكدة أنه " لا ينبغي ادخال المشاكل السياسية والعنصرية في رسالة السينما التي تقدمها للإنسانية " . بينما اعتبر فرانسيس فورد كوبولا ، أنه بالمجال السينمائي هناك " مؤسسات تقوم بتوظيف الفنان في اتارة وقائع سياسية ، لهذا لابد من البحث عن الاشخاص الذين يتحكمون ويديرون خيوط هذا التوظيف .. وأظن أنه لا ينبغي أن تتقوا بأن الفنان هو الذي سيقوم بتغيير العالم ، بل دائما اقول أن مهمة تغيير العالم من وظيفة العلماء " . وعن سؤال هل للسينما سلطة لتأثير على الافراد ، اعتبر كوبولا ، دائما كانت " لغة السينما التي أبدعها و أنتجها رواد السينما تسعى لقول الحقيقة بعدما تعذر عليهم طرح افكارهم بشكل مباشر.. ، وبالتالي " لا يمكن تغيير السينما لأن الواقع الحالي للصناعة السينمائية رهانه الحقيقي على السينما هو الربح .. ونحن نعيش لحظة تاريخية حاسمة تستدعي الحسم في العديد من القضايا التي تعيق الفعل السينمائي " . وعن مكانة المرأة في السينما ، أكد كوبولا أن " المرأة تأخذ مكانتها بشكل متزايد ، والمطلوب منها الدفاع على مكتسبات أكثر وأكبر" . وعن علاقته بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ، صرح بأن "المهرجان يعد من المهرجانات القريبة الى قلبي لأنه يحمل رسالة تسعى الى تحرير الروح والصورة والكلمة .. " . وتقام العروض الدورة 15 ، بكل من قصر المؤتمرات (قاعة الوزراء و قاعة السفراء) ، وسينما كوليزي وساحة جامع الفنا. كما يتميز المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بتخصيص لقاءات مباشرة يتفاعل خلالها النجوم المدعوون مع ساكنة مراكش، من خلال منصة في قلب ساحة الفنا ، يتم فيها أيضا عرض أفلام عالمية .