بعد انتخاب المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران أمينا عاما خلفا لسعد الدين العثماني، بدأ البعض يتحدث عن عودة الحزب إلى الواجهة وتجاوز تداعيات الهزيمة الانتخابية المدوية في 8 شتنبر، غير أن تحقيق الإسلاميين لهذا الطموح لن تحقق إلا بشروط حسب المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري عبد الرحيم العلام. وتوقع العلام في تدوينة نشرها حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن حزب العدالة والتنمية "لن يكون له شأن كبير في المشهد السياسي، حتى بعودة ابن كيران إلى قيادته، إلا إذا أقام الحزب نقدا ذاتيا، يُصحّح من خلاله الأخطاء".
وسجل العلام أن من الأمور التي قد تساعده على تجاوز "كبوته الشعبية وليست الانتخابية فقط، هو ألاّ يفكر في العودة السريعة إلى المشهد السياسي من بوابة المعارضة، لأن ذلك سيجعل من معارضته قريبة من السخرية، سيما وأن الكثير من السياسات التي سيعارضها هو من أسس لها أو على الأقل وُجدت في عهده".
وأضاف المحلل السياسي من الأفضل للبيجيدي وللمجتمع أن "يعود لذاته التنظيمية، يُلملم شتاتها، ويضمّد جراحها، وألاّ يشوش على المعارضة القائمة اليوم ضد سياسة الحكومة، لأن خروج الحزب إلى المعارضة السريعة، ستستغله الحكومة لكي تتهرب من أخطائها، وتُظهر المعارضة وكأنها معارضة حزب لم يعد في الحكومة. وعندما نقول عدم العودة السريعة للمعارضة، فهذا يعني المؤسسة الحزبية وليس عمل الأفراد".
وأشار العلام إلى أن العدالة والتنمية عليه أن "يعلي من قيمة التواضع، وأن يجعل نفسه ضمن الجماعة السياسية المعارضة، بدل تلك الأستاذية التي اعتادها والتي جعلت غيابه غير مأسوف عليه، وأن يتعلم من أخطاء الماضي، لكي لا يرهن وجوده السياسي بتسويات خارج القواعد الشعبية، وألا يدخل في مساومات على حساب مصالح المواطنين".
ودعا العلام البيجيدي إلى التركيز على "الخطاب السياسي، وأن يبتعد ما أمكن عن دغدغة العواطف الهويّاتية"، معتبرا أن من حق أعضاء العدالة والتنمية أن "يُظهروا نوع من الحماسة لعودة ابن كيران للقيادة، ويفرحوا وينشدوا، فإنه عليهم ألا ينسوا أن اكتساح ابن كيران لأصوات أعضاء المؤتمر، لا يعني أنه اكتسح أصوات الشعب، أو استعادة ثقة من كانوا يثقون به، وإنما الأمر يتعلق: أولا: أن الحزب لم يستطع إفراز قيادة جديدة تحقق شعبية للحزب".
وزاد مبينا "لولا الهزيمة الكبيرة في الانتخابات لما تم للرجل هذا الاكتساح، بل لو كان الحزب فاز في الانتخابات لما اعاروه اهتماما، بل لكان العثماني محمولا فوق الأكتاف!"، وأفاد بأن عوة ابن كيران للقيادة عبر "شبه إجماع مؤتمر حزبه، لا ينبغي أن تصيبه بالغرور الذي يمنعه من الاستماع إلى الأصوات المنتقدة من داخل حزبه، أو تهميش المؤسسات الحزبية، وأخذ الحزب نحو اليمين أو اليسار أو عودة "الأيديولوجية الكيرانية" إلى تسيّد المشهد. لأن هذه التصرفات هي التي جعلت الحزب من دونه لا يساوي شيئا، وحالت دون تكوين قيادات جديدة تعمّر الفراغ الذي حصل والذي سيحصل".
وفي العلاقة مع الخارج الحزبي، ذهب العلام إلى أن من الأفضل لبن كيران أن "يتوقف عن إظهار دور المنقذ، والإدعاء بأنه لولا وجوده لسقطت الدولة، أو اقتناص الفرص من أجل الظهور بدور البطل، لأن ابن كيران وأنصاره يعرفون جيدا نتيجة هذه الادعاءات!"، وطالب العلام ابن كيران بالتنازل عن التقاعد الذي مُنح له، وأن يعيش على مدخوله الشخصي وما يقدمه له حزبه للقيام بوظيفته السياسية، وذلك بعدما "لم يعد متقاعدا، وإنّما أصبح أمينا عاما لحزب سياسي لديه قواعد وموارد مادية".