استبقت الجمهورية الجزائرية وجبهة البوليساريو مباشرة المبعوث الأممي الجديد ستافان دي ميستورا لمهامه شهر نونبر المقبل، فاشترطت الجبهة تنزيل "مخطط التسوية" لسنة 1991 الذي تأكد طيلة 30 سنة أنه مستحيل التطبيق، وأما الجزائر فقد أعلنت رفضها المشاركة في أي حوار سياسي مستقبلا إذا ما قرر دي ميستورا استئناف جولتي جنيف اللتان أشرف عليهما المبعوث السابق هورست كوهلر المستقيل سنة 2019 لأسباب شخصية. الدبلوماسي ستافان دي ميستورا المعيّن مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلفا للمبعوث الألماني هورست كوهلر، لن تكون المهمة سهلة وسط كثير من الصخب بالمنطقة بعد خروج البوليساريو من اتفاق وقف إطلاق النار وقطع الجزائر علاقاتها مع المغرب وإغلاقها الكامل لحدودها الجوية والبرية، سيجد دي ميستورا أمامه عقبة البوليساريو التي تقول إنها عادت إلى العمل المسلح ضد المغرب وتعرقل عمل بعثة "المينورسو" حسب ما ورد في تقرير غوتيريش إلى مجلس الأمن، وسيتوقف عن الجزائر التي تعتبر المملكة مصدر أعمال عدوانية وترفض أن تشارك بصفتها طرفا في الملف.
وكان عمار بلاني الحامل لصفة "مبعوث الجزائر الخاص المكلف بقضية الصحراء وبلدان المغرب العربي" قد عبر عن رفض بلاده لدعوة المغرب المعلن عنها على لسان السفير الدائم لدى الأممالمتحدة عمر هلال، الذي قال إن الجزائر هي الطرف المسؤول وهي مدعوة للمشاركة في مسلسل الموائد المستديرة.
وقال بلاني إن "ما يسمى بالانخراط في الموائد المستديرة مطروحًا إطلاقًا على جدول الأعمال"، في تعبير عن رفض النظام الجزائر لغة الحوار والمكاشفة لإغلاق هذا الملف الذي طال عمره.
وتتمسك الجزائر بإقحام الاتحاد الافريقي في ملف الصحراء، وعبر عن هذا الموقف رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن الذي دعا إلى مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو تنزيلا لقرار مجلس السلم والأمن الإفريقي.
أما جبهة البوليساريو طالبت المبعوث الأممي الجديد بتنزيل مخطط "مستحيل التطبيق" اقتُرح قبل 30 سنة وقدمت ما تسميه "شروط الدخول في أي عملية سياسية مرتقبة".
محمد سالم ولد السالك الذي يحمل صفة "وزير الخارجية" في جبهة البوليساريو قال إن أي عملية سياسية مرتقبة في الصحراء يجب أن تضمن حق "تقرير المصير وفق ما نص عليه مخطط التسوية الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي بالإجماع ووافق عليه طرفا النزاع جبهة البوليساريو والمغرب"، وهنا يكون القيادي في الجبهة قد وضع شرطا يعود إلى سنة 1991 التي تم خلالها الاتفاق على وقف إطلاق النار في الصحراء، متجاوزا خطة بيكر سنة 2003 التي احتفت بها الجزائر والبوليساريو ورفضها المغرب بشدة.
وقال ولد السالك: "إذا كان السيد ستافان دي ميستورا سيأتي بتاريخ محدد لتنظيم الاستفتاء فإن التاريخ سيسجل له وللأمين العام أنهما قد وضعا قطار الشرعية الدولية في الصحراء على السكة". وأضاف أن هذا من شأنه أن يفتح " آفاقا رحبة للسلام العادل والنهائي في المنطقة".
لكنه طالب متحدثا باسم جبهة البوليساريو المبعوث الجديد دي ميستورا بالعودة إلى مخطط التسوية الذي طرحته الأممالمتحدة سنة 1991 وتبين لها أنه مستحيل التطبيق، وحثه على اقتراحه مجددا على الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول المؤيدة لمغربية الصحراء لمناقشة تقرير المصير.
يذكر أنه سنة 1991 طرحت الأممالمتحدة مخطط التسوية وأساسه تنظيم الاستفتاء وإرسالة قوات "المينورسو" للسهر على سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها بعد ذلك ستكون قناعة مفاده أنه من المستحيل تنزيل أي بند من البنود الرئيسية لهذه الخطة باستثناء مراقبة وقف إطلاق النار.
وبذلت الأممالمتحدة جهدا كبيرا لإيجاد حل توافقي لتنزيل الخطة دون عراقيل، لكنها فشلت بداية من الأمين العام بيريز دي كويلار إلى بطرس غالي إلى كوفي عنان، قبل أن يعيّن هذا الأخير جيمس بيكر الذي سيأتي بخطة سنة 2003 سُمّيت باسمه وأغضبت الرباط لأنها كانت تقترح إقامة حكم ذاتي محلي خلال فترة انتقالية لأربع سنوات ثم ينظم استفتاء لتقرير المصير، يختار الناخبون إما البقاء تحت سيادة المملكة أو الانفصال.
وقاد المغرب للتصدي لهذه الخطة التي تشوبها عيوب خطيرة على مستقبل الملف، حملة دبلوماسية مكّنت من اعتراضه، ولا ترى المملكة الآن قضية الصحراء داخل أي خطة تسوية غير تلك التي اقترحها وتتعلق بمخطط الحكم الذاتي.