لم تنته الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا بعد مغادرة ابراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو للأراضي الاسبانية، بل امتدت إلى تصعيد آخر يتعلق بمورد اقتصادي هام بالنسبة لاسبانيا وهو الغاز الطبيعي. ويستخدم المغرب أوراق ضغط للرد على التطورات الأخيرة وموقف مدريد منها، حيث أوقف المغرب مفاوضاته لتجديد امتياز خط أنابيب الغاز بين المغرب الكبير وأوروبا.
وخط أنابيب المغرب العربي–أوروبا(MEG) ، يعرف أيضا باسم Pedro Duran Farell pipeline، وهو خط أنابيب غاز طبيعي، يصل بين حقل حاسي الرمل في أصى جنوبالجزائر عبر المغرب إلى قرطبة في إسبانيا، حيث يتصل مع شبكة الغاز البرتغال وإسبانيا. وهذا الخط يمد كلا من إسبانيا، والبرتغال، والمغرب بالغاز الطبيعي.
ويُنقل أكثر من 30 في المائة من الغاز الطبيعي المستهلك في إسبانيا عبر المغر ب، وفقًا لموقع خط أنابيب أوروبا المغاربي المحدود (EMPL).
في هذا الإطار أوردت مجلة "فايننشال تايمز" الأمريكية، أن القارة الأوروبية قد تعاني من نقص في إمدادات الغاز الطبيعي، خاصة دول مثل إسبانيا، في الشهور المقبلة، بسبب عدد من القضايا والمتغيرات المرتبطة بالعلاقات الدولية، كالتوتر مع روسيا، وقضية الصحراء التي تستعد محكمة العدل الأوروبية النظر في ملف مرتبط بها معروض عليها.
وأضافت بأن المغرب أجل تقرير مصير خط الغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر التراب المغربي، والذي ينتهي عقد عبوره لتراب المملكة المغربية في أكتوبر المقبل، بسبب هذه القضية التي رفعتها البوليساريو لمحكمة العدل الأوروبية.
وأضاف المقال في المجلة المذكورة، أن محكمة العدل الأوروبية من المرتقب أن تُعلن قرارها في شتنبر المقبل، بشأن تقديم البوليساريو طعنا في الاتفاق المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والذي يسمح بتصدير المغرب للموارد الطبيعية التي مصدرها الأقاليم الصحراوية إلى أوروبا.
وتعتبر جبهة "البوليساريو" في الشكوى التي قدمتها لمحكمة العدل الأوروبية، بأن الجبهة هي الممثل الوحيد للشعب الصحراوي وللأقاليم الصحراوية، وبأن الاتفاق الأوروبي المغربي، هو "نهب للموارد الطبيعية للصحراء"، وبالتالي يجب أن لا تسري الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على الأقاليم الصحراوية.
وأبرزت فايننشال تايمز، بأن قرار محكمة العدل الأوروبية سيتم الإعلان عنه قبل شهر من انتهاء عقد عبور أنبوب الغاز الطبيعي الجزائري للتراب المغربي نحو إسبانيا، وبالتالي، فإن المغاربة سيكون لديهم فرصة لرد الفعل تُجاه أي قرار لا يتماشى مع المصالح المغربية، مشيرة إلى أن هذا ما يبدو عليه الوضع الآن في ظل تأجيل المغرب تمديد عقد أنبوب الغاز المذكور.
وأضافت، بأن المغرب في حالة إذا اتخذ قرار عدم تمديد عقد عبور أنبوب الغاز الجزائري إلى إسبانيا كانتقام من قرار سلبي لمحكمة العدل الأوروبية، فإن ذلك سيكون له تداعيات سلبية على إسبانيا، وسيضطرها إلى الاعتماد على مصادر غاز أخرى بعيدة وما يرافق ذلك من ارتفاع في التكلفة.
وأشارت المجلة المذكورة، أن إسبانيا لا تتوفر على أي خطط بديلة لتعويض نقص الغاز الجزائري من دول أوروبية، مثل فرنسا، حيث حاولت القيام بذلك في السابق، إلا أن الخطوة قوبلت بمعارضة تنظيمية شديدة، إضافة إلى معارضات من تنظيمات خضراء.
وحسب المقال، فإن المغرب ليس لديه ورقة ضغط "أنبوب الغاز الجزائري" فقط، بلد يملك أوراق أخرى، كإيقاف الاتفاق التجاري المتعلق بالصيد البحري والتي ستكون إسبانيا هي الأكثر تضررا أيضا.
ووجه المغرب صفعة جديدة إلى الجزائر وإسبانيا في وقت واحد، بعد رفضه مفاوضات تجديد امتياز خط أنابيب الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر التراب المغربي، الذي ينتهي هذا العام، حيث ينتهي عقد امتياز المجموعة الإسبانية "ناتورجي إنرجي" في نونبر المقبل، حسب ما نقلته صحيفة "إلموندو" الاسبانية.
يشار أن الأنبوب الذي يضخ في خزينة المملكة ما بين مليار واحد ومليار ونص المليار من الدراهم، يعبر من المغرب ويساهم بنسبة ضئيلة في إنتاج الطاقة الكهربائية الموجهة للاستهلاك على المستوى الوطني، ويصل إلى إسبانيا والبرتغال حيث تعتبر المنطقة الايبيرية هي الزبون النهائي للغاز الجزائري.